إنّ حدث التجلّي يحمل من المعاني أكثر بكثير من مجرّد الرؤيّة المعجزيّة لإظهار نور اللاّهوت. التجلي يبعث لنا برسالة لنتبنّى موقف من العالم ومن الله.
في التجلّي أظهر الربّ لاهوته، ما المعجزة في هذا؟؟ فإلهنا نارٌ آكلة.
أمّا في التجسُّد حينما اتّخذ الربّ جسدًا وصار في الهيئة كإنسان هنا تتوالى علامات التعجُّب والحيرة وتكون المعجزة هي الأقرب للحدث. الإشكاليّة أنّ الإنسان لا يدرك الله، يقف منه موقف الإيمان المترنِّح الخامل التبعي دون الإيمان الحي الفاعل المغامر. الإيمان الحي يرى الله في الفعل، بينما الإيمان المترنّح يريد الله المتجلِّي للبصر كلّ يوم!!!
ولكننا في الروح قبلنا السكنى فهل نحتاج من جديد لرؤى من الخارج؟؟ سؤال يفرض نفسه مجددًا..
من يؤمن بالله يرى النور ينبعث منه ليبهر بصيرة القلب ليل نهار. نور الألوهة يشرق بين جنبات القلب الإنساني في سكنى الروح ليجدّد الإنسان كيانيًّا ليصبح إنسان الله. هناك في القلب يقبع تابور وهناك الربّ على استعدادٍ دائم لكشفٍ من قبس النور المُحيي.
التجلي يستوقف المسيحي المعاصر ليطرح عليه السؤال؛ ماذا يقول الناس في الثالوث؟؟ هنا يقف الإنسان متبنيًّا لبعض النصوص الكتابيّة أو لأقوال الأسبقين، ولكن السؤال هنا شخصي للغاية لا يحتمل الاقتباس ولا تبني أفكار الغير. السؤال معني برؤية الإنسان للألوهة؛ هل يؤمن بها حاضرة في قلب العالم، أم أنّ أقنعة الأجساد قد أهالت على نيرانها التراب لتختبئ أسفلها جذوة النّار المتّقدة؟؟؟
وأنت هل تؤمن بحضور الله في العالم؟؟ هل تثق في أشعة الضياء الفاعلة التي تخترق أكثر الأماكن قتامة وظلمة، أم تنتظر تابور الإعلان المرئي حتى تُصدِّق؟؟
هل تؤمن بالعمل الإلهي حينما ترى الخطاة يعودون إلى حضن الآب؟؟ أم تؤمن به فقط حينما يسطع الضياء في معجزة تحدث هنا وهناك؟؟
هل تؤمن لأنّك تختبر فعل الكلمة الفاعل في داخلك؟؟ أم تنتظر إيليا وموسى ليشهدا لك أنّ الكلمة هو الله؟؟!!!
هل تريد أن تبقى في دائرة الاستعلان إلى الأبد؟؟ أم ترى دورك ورسالتك الإنسانيّة هناك وسط الجموع؟؟
هل تريد الاحتفاظ لذاتك بذكرى الضياء أم تقبل أن تطلقه للعالم ليعرفوا أنّ النور جاء إلى العالم لكي لا يكون هناك ظلمة بعد؟؟
التجلّي أساسًا لما سيبصره القلب من بعد قبول الإنسان للمسيح ودخوله في جسده الإلهي، كعضوٍ فاعل ديناميكي نشط.
التجلي موقف يومي يتحقّق بفعل الروح في العمق الإنساني يجدّد حياة الإنسان بضخ المزيد من الثقة في الألوهة الحاضرة في العالم وإن لم يرى ويدرك العالم.
أيّها الكلمة الذي أشرق بضياء الحبّ المنبعث من جوهرك كطبيعة فائقة عن كلّ ما هو مخلوق
دع النور يصدح بتسبيحٍ ليس من هذا العالم.. هناك في قلبي.. في كينونتي الدفينة..
وليطرد ضوء النهار الجديد الإنسان القديم الملتحف بظلمة اللّذّة المحرقة
ولتصر الروح كلّها نورًا كما أنت نور
حينما تدخل دائرتك وتدرك سرّ استعلانك القلبي من وحي تابور
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-seraphim-al-baramosy/a/heart.html
تقصير الرابط:
tak.la/822zxxt