ما أن أطلّ علينا العام الجديد حتّى التقط الثوب الكنسي لهبًا متفجِّرًا فأودى بجزءٍ من جسد المسيح؛ موتى بالجسد ولكنّهم أحياء بالروح، يحيون مجد الشهادة، كما كان الأقدمون. تلك الإطلالة الدمويّة تُنبئ بمعمودية دماء جديدة تهب رياحها على جسد المسيح. إنّ الموت من أجل المسيح هو أجلّ الأماني المسيحيّة. من يلقى الربّ مُخضّب بدماء الحبّ يُسكِنه قربه. إيماننا أنّ الدماء تحيّ الجسد المسيحي إن فتر أعضاؤه وارتخت عزيمتهم في رحلتهم الملكوتيّة؛ فهي دائمًا وأبدًا بذار الكنيسة. هل تلك الدماء استجابة إلهيّة لمخاضنا من أجل بلادنا لكيما تلتقي الربّ. من الخبرات الكنسيّة التي رصدها لنا التاريخ يتأكّد لنا أنّ الدماء لا تذهب عبثًا بل تحمل معها أثمار كرازيّة لنمو الكنيسة وامتدادها. لن نسكب الدمع على أحبّائنا الذين فارقونا في مولد العام الجديد؛ إذ أنّهم قد ولدوا من جديد لملكوت الله. لن نشجب قسوة الإرهاب وقبحه فأصواتنا قد بُحَّت شجبًا، ولكننا سننظر إلى الدماء كبذار حيّة تميت أعمال الظلمة وتُطهِّر أرضنا من زوان العقائد الميّتة والتعاليم المُتحجّرة. نعم بذار الدماء ستصرخ أمام العرش لتسجلب حياة للكنيسة ولمصر بل وللعالم. ما أقسى ظلّ الموت الذي يرخي سدوله على عامنا الجديد. أمّا لنا، نحن الذين ننتظر ظهور مُخلِّصنا يسوع، الموت معبر مزيّن بأشلاء الحبّ تلك المتناثرة على أرصفة الإسكندرية.. ها دماء الشهداء تُعانق دماء كارز الإنجيل مرقص الرسول؛ فما أبهى أن تتلاقى دماء الجسد الواحد لتشفع في الكنيسة أمام العرش الإلهي. إنْ ذرفنا الدمع لوعةً ستبقَى دموعنا ذبيحتنا التي نرفعها للربّ القادر على كلّ شيء لكيما يهبنا السلام وانفتاح البصيرة لنقبل ضريبة تحوُّل العالم إلى الله. نعم، الإيمان لن يلمس القلوب القاسيّة الرافضة دونما ضريبة. الحبّ ليس كلمات، ولقد أثبتت الكنيسة أنّ حبّها على مثال الحبّ الإلهي. حبّها ينسكب دمًا على أرض الشقاء والأحزان. لن نسقط في البُغضة وإن أُشهرت سيوف العالم أجمع في وجوهنا؛ حضن الثالوث.
أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ
(نداء الربّ يسوع)
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-seraphim-al-baramosy/a/blood.html
تقصير الرابط:
tak.la/s5rybxd