هل توقّفت من قبل عند تلك اللّحظات التي دخل فيها يسوع إلى بيت إحدى الشخصيّات الهامّة والمرموقة في المجتمع اليهودي؛ إنّه رئيس المجمع المعروف باسم يايرس والذي له مكانة كبيرة بين أهالي مدينته نظرًا للخدمات التي يقوم بها في تنظيم شؤون العبادة والصلوات والدراسات في المجمع اليهودي. كانت له ابنة وقد طالها المرض فحزنت نفسه وذبلت من الألم. سمع أن يسوع قريب فذهب إليه وهو يحلم بكلمة منه تبرئ ابنته المحبوبة، ألم يشفي عبد قائد المئة من قبل بكلمة واحدة خرجت من فمه، كانت تلك القصّة منتشرة في بلدته يتناقلها العوام بشيء من الدهشة.
كان يسوع واقفًا وحوله جمهرة من الناس كعادته يحدّثهم بكلمات مليئة بالرقّة والعذوبة يرفع بها قلوبهم إلى حياة أسمى وأبقى من تلك التي يحيونها. دخل يايرس وسط الجمع حتى وقف مقابل يسوع، نظر في وجهه الحاني، فلم يتمالك نفسه.. سجد عند قديمه وكلماته تخنقها الدموع إذ يطلب من أجل ابنته المريضة والمتألّمة؛ فألم الأب على تأوهات أبنائه يكون أقسى من أنّات الابن من وخزات المرض. أقامه يسوع بحنوٍ مُطمْئِنًا إياه. ذهب معه مصحوبًا بجمعٍ غفير إلى داره ليشفي ابنته. في الطريق عطّلته امرأة لها قصّة مع المرض والإيمان. أثناء حواره مع تلك المرأة، جاء أحد معارف يايرس ناقلاً له خبر موت ابنته المحبوبة، داعيًا يسوع ألاّ يجهد نفسه في رحلة غير ذات جدوى. فنظر يسوع إلى عيني يايرس الزائغة الغارقة في الدموع الدفينة قائلاً له: لا تخف. عليك بالإيمان وحده.
دخل يسوع دار يايرس بعد رحلة قصيرة، كانت الجموع تبكي وتنتحب على فتاة صغيرة زارها الموت قبل أن تنعم بالحياة. سأل يسوع عن موضع الفتاة، وكان يرافقه من تلاميذه بطرس ويعقوب يوحنا وحدهم دون غيرهم. نظر إلى الجمع الباكي معلنًا لهم أنها فقط نائمة. كانت كلماته مثار سخرية البعض!
وقف يسوع أمام الفتاة أمسك بيدها الرخوة مناديًا إياها بكلمات هزّت قلوب الحاضرين: أيتها الفتاة، أقول لك قومي. فانتفض جسدها وانفتحت عيناها على ذاك الممسك بيدها ووقفت على قدميها وسط دهشة وتعجُّب من الجميع. ولكن لما العجب أليس هو يسوع، الكلمة، ذو القدرة الفائقة والممسك بدفّة الكون بكلمة فيه:
الَّذِي [المسيح يسوع] ابْطَلَ الْمَوْتَ وَأَنَارَ الْحَيَاةَ وَالْخُلُودَ بِوَاسِطَةِ الإِنْجِيلِ (1تيمو2: 10)
إنّها قوّة القيامة التي تؤكّد بما لا يدع مجالاً للشك أنّ المسيح بصدد تغيير حال البشريّة كما بدّل حال تلك الفتاة ذات الاثنتي عشر ربيعًا. إنّه بصدد منح كلّ من يؤمن به واقٍ من الموت، وعقار بإمكانه أن يبطل سمّ الموت في روح الإنسان المؤمن به إلهًا على الكلّ. كانت تلك الأعجوبة تمهيدًا للحدث الذي زلزل جدران الموت وهدم أعمدته حينما قام المسيح من الموت، وهو يقول: أين شوكتك يا موت.. أين غلبتك يا هاوية.. أين سلطانك أيّها الشيطان..
المسيح قام ليؤكِّد لك أنّ الحياة الأبديّة ممكنة وهي قريبة أقرب من النفس الذي تتنسّمه فقط امسك بالمسيح القائم من الموت. لا تقبل خداع الموت أنّه السيّد والمنتصر، بل انظر إلى المسيح القائم وقل بفم اليقين: لي الحياة هي المسيح والموت هو ربح.. ما أجمل ربح المسيح الذي تتصاغر أمامه كلّ الحياة كقطرة شاردة أمام محيطٍ متّسع..
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-seraphim-al-baramosy/a/resurrection.html
تقصير الرابط:
tak.la/qzp97z7