أولًا: نشكر نعمة ربنا على ما وصلنا إليه هنا وهو التمتع بالروح القدس خلال عشرون تأمل عن الروح وهذا بفضل عطية روحه وفيض نعمته علينا، وهم كالآتى: خمس موضوعات من سفر الأعمال،
وأربعة عشر رسالة لمعلمنا بولس الرسول،
وتأمل قديم عن روح الحق...
والآن بنعمته نتكلم عن رسالة العبرانيين.
ثانيًا: سفر العبرانيين: هي رسالة حيرت وأدهشت الكثيرين، وبفصاحة كاتبها الهيمان تجعلك تارة تتعجب وتاره تستغرب كيف جمع فيها بين الفكر الأزلى والطقس الفعلى!؟! بل كيف ربط بين الرمز والمرموز إليه؟!
هي رسالة: تُشبعك وتملأ قلبك وتجعل فكرك يزداد سحرًا!!
هي رسالة: حولت العقيدة إلى خبزة بسيطة!
سفر العبرانيين: هو إنفتاح السماء على المطرودين والمحرومين ليتمتعوا بالصادق والفادى الآمين.
ثالثًا: من وحى هذه الآية: "لأن الذين أُستُنيروا مَرة، وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شُركاء الروح القدس، وذاقوا كلمة الله الصالحة وقوات الدهر الآتى، وسقطوا، لا يمكن تجديدهم أيضًا للتوبة" (عب 6: 4 - 6)
فهيا بقيادة الروح نغوص في هذا السفر، ونذوق الموهبة السماوية، ونتذوق الكلمة الصالحة...
لا نقصد أن نتحدث عن المواهب التي يمنحها الروح للخدمة... ولا المواهب الشخصية الفردية... إنما مواهب إيمانية، وهى من أعظم ما وهب لنا الروح. فإن الروح وهب لنا:
1 - الوقوف في حضرة الله. 2 - سماع صوت الله. 3 - الراحة مع الله.
4 - الإستنارة بروح الله. 5 - هيكل جديد لله. 6- التمتع بدم إبن الله.
7 - المثول أمام عرش نعمة الله.
فهيا بنا نتذوق الإيمان الموهب لنا، نتذوق هبة الروح،نتذوق منحة الروح القدس المُعطى لنا بوقوفنا أمام الحضرة الإلهية.
خرج الابن من الآب ودخل أرضنا ليُمسك بأيدينا ويُخرجنا من سجن الخطية للحرية. دخل عالمنا صائرًا أعظم من الملائكة، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى.. "وورث إسمًا أفضل منهم" (عب 1: 4) فإن كانت كلمة الله قديمًا من خلال الملائكة لها كرامة، فكم وكم عندما تجسد ووقف في وسطنا وتكلم معنا بنفسه وسمعنا كلامه بآذاننا، بعدما كلم الآباء بالأنبياء كلمنا الآن بإبنه، "فكيف ننجو نحن إن أهملنا خلاصًا هذا مقداره؟ قد إبتدأ الرب بالتكلم به، ثُمَّ تثبَّت لنا (أثبته لنا) من الذين سمعوا، شاهدًا الله معهم (شرع في إعلانه) بآيات وعجائب وقوات متنوعة (بمعجزات مختلفة) ومواهب الروح القدس، حسب إرادته" (عب 2: 3، 4)
وهذه هي حقيقة أكيدة ملموسة: أن كل ما وزعه الروح القدوس من مواهب على أعضاء الكنيسة كما شاء أكد حقيقة تأنس الله الذي صار جسدًا وحل بيننا ورأيناه، وتأكد الكل من مجيء المسيا الذي سكب روحه على أبنائه، وبعمل وبمواهب الروح القدس نعبد الله الحالل في وسطنا. فمن إقترب من الروح أو الروح إقترب منه يحيا في حضرة الله، وهذه هي أعظم هبة لنا، بالإيمان ندخل إلى حضرته بل ونسمع صوته...
"لذلك كما يقول الروح القدس: اليوم، إن سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم... كما حدث... في البرية" (عب 3: 7، 8)
في هذه الرساله وجه حديثه إلى المسيحيين من العبرانيين، ودعاهم "الإخوة القديسين شركاء الدعوة السماوية" (عب 3: 1) ولفت نظرهم إلى قائدهم موسى كليم الله الذي كَلَّمه الله، الذين قالوا له: إذهب أنت إسمع صوت الله وتعال تكلم معنا (خر 20: 19) موسى هذا كان أمينًا في كل بيته كخادم قيم (له طابع شرفى) ليشهد على ما سوف يُقال له، أما المسيح فكإبن على بيته (عب 3: 6) هذا كان أمينًا (عب 3: 5)، أما المسيح فهو المؤتمن. هذا كان قائدًا لهم في الصحراء ليعبر بهم البحر، وأما ذاك فهو اليوم (تجسد) لنسمع صوته شخصيًا بدون وسيط ليعبر بنا.
فلا تكونوا: "متباطئ المسامع؛ لأنكم إذ كان ينبغى أن تكونوا مُعلِّمين لسبب طول الزمان (لكنكم الآن) تحتاجون أن يعلمكم أحد ما هي أركان بداءة أقوال الله، وصرتم محتاجين إلى اللبن لا إلى طعام قوى؛ لأن كل من يتناول اللبن هو عديم الخبرة في كلام البر لأنه طفل (أما أنتم المفروض أنكم أقوياء) لكم الطعام القوى (الذي) للبالغين الذين بسبب التمرُّن قد صارت لهم الحواس مدربةً على التمييز بين الخير والشر" (عب 5: 12 - 14) إن سمعتم وتمتعتم وفهمتم صوته لكم " أمورًا أفضل" (عب 6: 9) أى تتمتعون بالراحة، بل بإزاحة الخطية عنكم من قِبل روحه الذي وهب لكم المحامى عنكم ليحرركم...
"لأن كلمة الله حية وفعالة وأمضى من كل سيف ذى حدين وخارقة (تنفذ) إلى (ما بين) مفارق النفس والروح" (عب 4: 12) إن كلمة الله حية، أى كلام الكتاب أعطى حياة، وكل من صدق تمتع بالراحة بيوم السبت - اليوم السابع - بل ودخل إلى أرض الراحة مع يشوع تحت قيادته، بل سعى بالجهاد المستمر واجتهد "برجاء أفضل به يقترب من الله" (عب 7: 19) ليدخل الراحة الأبدية... فإن كانت كلمة الله حية (كلام الكتاب أعطاهم حياة) فإن إبن الله (كلمة الله) الحى والفعَّال يدخل إلى حياتنا الخفية، يعمل في قلوبنا ويقدس حواسنا بل وكل أعضائنا.
إذا كان الإنسان لأنه مخلوق يعمل بيده، فنحن الآن أمام كلمة الله العامل والفاعل والخالق بكلمته (بذاته) مُهيئًا إيانا بروحه القدوس لينطلق بنا إلى حضن أبيه.
"فلنتقدم بثقة إلى عرش النعمة لكي ننال رحمة ونجد نعمة (ولننال) عونًا في حينه" (عب 4: 16) وتستنير أرواحنا بروحه.
"لأن الذين أُستنيروا مرة ً وذاقوا الموهبة السماوية وصاروا شركاء الروح القدس، وذاقوا كلمة الله وقوات الدهر الآتى" (عب 6: 4، 5)
في هذه الآية بنود كأساس الإيمان... بنود أساسية للحياة المسيحية... هي حروف أبجدية ضرورية للإستنارة الروحية، فيها ست نقاط وكل إثنين متلازمتين مرتبطين متماسكتين:
· التوبة والإيمان.
· الموت والقيامة = وضع اليد والمعمودية أو تقديس الجسد وسكنى الروح.
· قيامة الأموات والدينونة الأبدية.
فهو في هذه الآية يُشير أن المؤمن التائب الذي إعتمد واستنارت نفسه بالروح القدس وارتوى بكلمة الإنجيل وتمتع ببهجة الخلاص وارتفعت عينه بل قلبه للسموات وتعلق بالحياة الجديدة يجاهد ويخاف بل يحترس من الدينونة والعقاب ولا يهاب الإضطهادات ولا يلتفت للإغراءات.
من هذه الآيه نتعرف ونفهم لماذا كتبت هذه الرسالة ولمن كُتبت:
كُتبت للعبرانيين اليهود العابرين؛ لأنه نظرهم كمذبوحين من أمتهم ومجمع السنهدريم.
وهم كانوا يتعشمون أن يحولوا الهيكل والمجامع إلى كنائس للمسيحيين، وفجاءه صاروا مطرودين وكأنهم للناموس مُخالفين... واستغل الشيطان اللعين وبث فكرتين بين الفرقتين، فانتشر بين الجاحدين أن المسيا قرُب مجيئه بيقين، وأما بين المؤمنين فإن المخلص الأمين سيعود ويردنا بكرامة فرحين؛ لأن هذا بيت أبينا ونحن له مُستحقين؛ لأنهم عاشوا سنين منتظرين تحقيق كلام الأنبياء والآباء السابقين...
فأكد لهم رسول الأُمميين وكتب سنة أربعة وستين أنه لابد أن يُهدم الهيكل كقول الرب من سنين ولا يعود حجر على حجر للناظرين، وتم هذا بالفعل سنة سبعة وستين، وأكد ثلاثة عشر مرة أنه يوجد أفضل من هذا للصابرين... فنحن مثل آبائنا "غرباء ونزلاء على الأرض" (عب 11: 13) ونبتغى "وطنًا أفضل أى سماويًا" (عب 11: 16) لأن هذا المسكن الذي خرجتم منه مطرودين (هيكل سليمان) كان ظلًا لما سيكون.
فلا تحزنون على الرمزالذى صنعه موسى بل إنتظروا المرموز إليه... إننا الآن سنحصل على "خدمة أفضل" بمقدار ما هو وسيط أيضًا لعهد أعظم، قد تثبَّت على مواعيد أفضل" (عب 8: 6).
(يشير) مُعلنا الروح القدس بهذا: "أن طريق الأقداس لم يُظهر بعد (لم يُكشف عنه) ما دام المسكن الأول له إقامة" (عب 9: 8) أشار وأعلن الروح القدس أن المسيح سيفتح لنا طريقًا لقدس الأقداس بدل الذي كان يدخله رئيس الكهنة وحده ومرة واحدة فقط في السنة.
لقد جاء رئيس كهنتنا الأعظم على طقس ملكى صادق، وبعد أن صُلب وانشق حجاب الهيكل، وكأن الروح القدس يُعلن لنا: هلم للدخول إلى الأقداس.
فإن كان القدس يشير إلى الحياة الحاضرة المقدسة في الرب (زمن ما قبل مجيء المسيح) أو خدمة العهد القديم، فإن قدس الأقداس يشير إلى الحياة السماوية التي يقدمها لنا الرب بعهد جديد. فلابد أن تختفى خدمة الناموس ليؤتى بكهنوت جديد في هيكل جديد بذبيحة فريدة جديدة بذبائح أفضل (عب 9: 23).
"بدم نفسه (بدمه)، دخل مرة واحدة إلى الأقداس، فوجد فداءً أبديًا... دم المسيح، الذي بروح أزلى قدم نفسه لله بلا عيب، يُطهر ضمائركم من أعمال ميتة لتخدموا (لتعبدوا) الله الحى!" (عب 9: 12 - 14)
إذا كانت الخدمة قديمًا تُطهر الجسد، فخدمة العهد الجديد تمس الضمائر وأعماق النفس. خدمة الروح الفعَّال الذي يقيم الملكوت داخلنا. تقوم لا على ذبائح حيوانية خلال كاهن يقدم ذبيحة عن نفسه أولًا، وإنما خلال رئيس كهنة تقوده إرادته الحرة وطاعته لأبيه حتى الموت وحبه للبشرية.
هو الكاهن وهو الذبيحة،
هو المُقدِم وهو التقدمة!!
وهب حياة وقيامة!
بدمه الأزلى أعطانا الخلود!
قدم لنا جسده، سر يقدسنا، فيه نختفى،
وبه نتحد، نحمله داخلنا كما نحن فيه!!
* قدم نفسه بروح أزلى "وصار يسوع ضامنًا لعهد أفضل" (عب 7: 22) قدم كفارة لا نهائية؛ لأن قوة الحياة التي في دم المسيح قوة حياة أزلية تُحيى وتُقيم من موت الخطية؛ لأن فيه طبيعة روحية سرمدية لا نهائية، لهذا دمه أفضل بكثير من دم هابيل الذي كان يصرخ من الأرض يبحث ويدين قايين، أما دم المسيح رشٍّ يتكلم أفضل (عب 12: 24) يبحث عن التطهير والغفران وتطهير الضمير... دم مرشوش في القلوب، وبسكنى روحه فينا يئن دائمًا داخلنا ويصرخ شاهدًا للحق... لا يمكن للزمن أن يُخفيه لأنه يريد التقدس.
* "فكم عقابًا أشر تظنون أنه يُحسب مُستحقًا من داس إبن الله، وحسب دم العهد الذي قُدس به دنسًا، وازدرى بروح النعمة؟... مخيف هو الوقوع في يدى الله الحى" (عب 10: 29، 31)
"لأنه بقربان واحد جعل المقدسين كاملين أبد الدهور. وذلك ما يشهد به لنا الروح القدس... لأنه يقول الرب أجعل نواميسى في قلوبهم، وأكتبها في أذهانهم... فإذ لنا أيها الأخوة (لأن المسيح جعلنا أخوة فالآن لنا) ثقة (سبيلًا... طريقًا نسلك فيه بجرأة علانية) بالدخول إلى الأقداس بدم يسوع" (عب 10: 14 - 19)
بقربان الواحد ربنا يسوع المسيح الواحد الذي قدم حياته ذبيحة، وفتح لنا طريقًا للكمال والقداسة، ووهب لنا نعمة الصلاة والوقوف أمامه والتعرف على شخصه والإتحاد به، لكن علينا أن نجاهد ونتمسك بالمسيح ونثبت فيه ونصدق وعوده، وبالروح القدس الذي يُذكرنا بأقواله ويلهب قلوبنا بشوقه ويهب إرادتنا قوة لتنفيذ مشيئته، فإنه قد صار لنا العين المفتوحة، فنقدر أن نلتقى به ونتعرف على أسراره والدخول والمثول أمامه. دخول بدون خروج بدم المسيح. الدم يساوى الحياة إذ لنا " قيامة أفضل" (عب 11: 35) لأنه: "سبق الله فنظر لنا شيئًا أفضل" (عب 11: 40)
سر إنفتاح الأقداس علينا هو دخولنا مع رئيس كهنتنا وانطلاقنا نحن إليه بالروح القدس بما وهبه لنا، عندما ذقنا الحياة السمائية هنا، أى دائمًا نحيا في حضرته ونسعى لسماع صوته ونستريح بالجلوس معه وتستنير عيوننا بأقواله ونذوق حياة الدهر الآتى.
لا تُضيعوا ولا تهملوا ولا تستهينوا بالثقة وبالرجاء، فإن بهما لنا ثروة (مال) أفضل لا يزول (عب 10: 34)
أشكرك يا إلهى على ما وهبت لي، إذ وأنا منغمسٌ في الخطايا رفعتنى إليك، وفتحت لي الفردوس، وضممتنى إليك.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-ibrahim-anba-bola/spirit-acts/gifts.html
تقصير الرابط:
tak.la/ttmnk2h