الناموس فضح... كشف... أشار إلى الخطية... فجاء المسيح بإمكانياتٍ مقدسة... ببر إلهى فاتحًا بابًا أبديًا يُلهب قلبى وروحى وفكرى. فتكلم بولس الرسول في رسالته لأهل رومية: كقاضىٍّ يريد أن يحكم حكمًا على أشخاص ذوى رتبٍ عالية (هم اليهود... أولاد إبراهيم... أصحاب الناموس) فجردهم من رتبتهم وحكم عليهم بأنهم غير مختونين بالروح ولا علاقة لهم بالروحانيين... لأن كل تعدى على أى وصية يسلب منَّا الحرية، فلا نكون أولادًا للأمة اليهودية الحقيقية. فجاءت النعمة الإلهية... وبسكين الروح القدس... نزع عنَّا كل خطية، ويستمر يسندنا في جهادنا حتى يموت الجزء المقطوع بالكلية...
* فهو يريدنا: أن نخلع ثياب الحملان (الختان الظاهرى... المجد الباطل) ونكون حملان (بنقاء القلب وختان العينان والآذان) (راجع (إر 2: 29)) فالله لا يفرح بمظهرى الخارجى، بل بالداخلى، بنقاء قلبى. فأكون: يهوديًا في الخفاء... بختان القلب بالروح لا بالكتاب (رو 2: 29).
* وهذا يتم " بالنعمة التي نحن فيها مقيمون" (رو 5: 2) أى بإستمرار التمتع بالنعم الإلهية وهى: الإيمان والمعمودية والغسيل الدائم بالإعتراف بتوبة نقية والتمتع بالضيق والشكر في وسط الحياة الطبيعية لننال تزكية سمائية بفضل "محبة الله التي إنسكبت: في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا" (رو 5: 5).
* لأننا قد تحررنا من الناموس الذي كان يظهر قبح وشر شهواتنا، بالذى مات وفدانا من خطايانا. ونحن الآن ممسكون فيه (به) حتى " نعبده بجدة الروح لا بعتق الحرف" (رو 7: 6).
* الآن هو: أمسك بأيدينا وحررنا وقربنا منه، وانطلق بنا نحو السماويات لنسمو عن الماديات ونسلك في الروحيات ونسجد وننسحق بصلوات، وتلتهب قلوبنا بعريسنا الذي حررنا من النظام الحرفى القديم لنسلك في نظام الروح الجديد.
فالآب أرسل ابنه... والابن قدم وبذل ذاته... والروح سكن فينا بناموسه...
"إذا لا شيء من الدينونة الآن على الذين هم في المسيح يسوع، السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح" (رو 8: 1).
ملاحظة: في الإصحاح السابع من رسالة معلمنا بولس الرسول إلى أهل رومية، ذكر القديس بولس (24 مرة ناموس / 12 مرة موت / 16 مرة خطية) ليوضح المر والعجز و الموت، وأما في الإصحاح الثامن فذكر ما يخص "الروح" أكثر من عشرين مرةٍ ليبرز كيف هو الإنتصار والغلبة بالروح، ويكشف مساندة الروح للإنسان لتنفيذ الوصية.
* الإنسان الروحانى السالك أى الذي لا يقف، وإن وقف لا يرجع، وإن سقط يقوم سريعًا. لأن هدفه الأول محبة الله وإرضائه، والإهتمام بصلاته وقراءاته وأصوامه وقداساته، وتجد إهتماماته الجسدية معقولة متزنة منضبطة محكومة بالروح الساكن فيه، خاضعًا لعطايا الروح، سيخضع للموت الجسدى الطبيعى كنتيجة للخطية الأصلية ولكنه سيقوم بجسد روحى يتمتع بحياة أبدية بسبب حياة البر التي عاشها بمساندة الروح القدس ونعمته العامله معه.
* الإنسان الذي كان متقبلًا كل ما يأتى عليه من الرب بفرحٍ ومسلمًا كل حياته بثقة وشكر للروح، يقبل الحياة بأحداثها بحلوها ومُرها، صابرًا يُدعى إبن الله ويقوده روح الله؛ " لأن كل الذين ينقادون بروح الله فأولئك هم أبناء الله" (رو 8: 14).
"لأن ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد أعتقنى (حررنى) من شريعة الخطية والموت" (رو 8: 2) دعى بولس ناموس موسى ناموس روحى (رو 7: 14) وأما ناموس المسيح روح الحياة (ناموس الروح)، لكي نفهم الفرق بينهما نضرب مثالًا: ملك جاء يحكم مدينة، ففرض قوانين وأوامر، فسقط كثير من شعبه ومات، وضل آخرون، فوضع تعاليم وأرسل أنبياء فلم يفهموا ولم يقدروا أن يقاوموا؛ لأن الخطية مثل الجاذبية الأرضية مجرد فكرة أو نظرة تجعلنا نسقط على وجوهنا منبطحين. فجاء بنفسه وسكن فينا ليسندنا قبل أن نسقط، وينبهنا وقبل أن نفكر يحركنا ويقودنا رغمًا عنَّا؛ لأن رحمته قويت علينا (مز 117: 2).
* الآن نحن مديونون لأنه حررنا، وأظهر عظم محبته بسكناه فينا، وجعل الوصول للفضيلة سهلًا، وأعطانا أجنحة نطير بها... ونهرب من الشهوات، وحصنًا ضد الخطية، وأهَّلنا لحياة خالدة.
* فيجب علينا أن نتركه ليقود مركبتنا ذات الفرسان (الجسد والروح) كربان يقود السفينة حيثما يشاء.
* "فإنى أحسب أن آلام الزمان الحاضر لا تقاس بالمجد العتيد أن يستعلن فينا" (رو 8: 18) فنظل نئن مترقبين متى يظهر ويشرق ويضيئ مجد المسيح فينا، وروحه يشفع فينا؛ لأننا أخذنا البنوة، وكأبناء نصرخ يا أبا الآب (رو 8: 15).
* وهنا كل من سلك كإبن حقيقى بروح الله يشكر على كل حال؛ لأنه تحرر وهو يشفع بروحه فينا حتى يستعلن مجده علينا ونرث ملكوته. فنحن الآن مديونون بدينٍ ثقيل وهو مازال منتظرًا متى يحقق هدفه فينا؟! متى نُسَلِّم ونشكر؟! متى نخضع لقيادة الروح؟!
"وليملأكم (ليغمركم) إله الرجاء كل سرور وسلام (بالفرح وبالرجاء) في الإيمان لتزدادوا (لتفيض نفوسكم) في الرجاء بقوة الروح القدس" (رو 15: 13).
لقد فتح ربنا يسوع الرجاء لليهود كما للأمم، عندما عُلق على الصليب وصار: "القائم راية للشعوب" (إش 11: 10) وهنا بولس يصلى لكي يمحو من قلوب الأمم أى إحساس بالنقص أو مقارنة، فلا يقارنوا أنفسهم باليهود، وأوضح لهم أنهم كانوا موضوع حبه وخطته، ويدعوهم بالتمسك بالرجاء وبرحمته حتى تؤازرهم نعمته بروحه وقوته ويعيشوا بالمحبة؛ لأن الروح القدس هو يملأ ويفيض وينسكب على الجميع بالفرح والسلام والرجاء وسط ضيقات العالم.
* الروح القدس بالرجاء قادر أن يثبتهم ويقويهم ويمكنهم، فإنه يريد خلاصهم ويحبهم، فطلب منهم أن يصبروا حتى يسود عليهم ويعمل بهم.
يفتخر بولس بسلوك أولاده وباتضاعه فيقول أنهم في نظره وصلوا لمستوى عالٍ وعلمٍ رفيع وفهمٍ صالحٍ، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وهو الآن مجرد أن يذكرهم بما كتبه وتعرفوا عليه (هم فهموا وتعرفوا على كلامه، أما نحن الآن وبعد أكثر من 2000 سنة نحاول أن نفهم كلامه) ويشجعهم أن يعظوا بعضهم بعضًا ويردوا كل مخطئ، وبهذا السلوك والمحبة الروحانية يكون: (يصير الوثنيون.. الأمم) قربانًا مقبولًا، مقدسًا بالروح القدس (رو 15: 16) وهنا يقف ككاهن أمام الله يقدمهم ذبائح لأنهم تقدسوا بالروح وقدموا قلوبهم وفكرهم وحياتهم قربانًا بلا عيب ذبيحة عقلية حية مرضية لله (رو 12: 1)، بالآب الذي أرسله وبسيف كلمة ابنه وبسكين روح قدسه قدمهم كقربان ليس بإيمانهم فقط بل بسلوكهم بالروح القدس.
* بسلوك عملى حى سواء كان بالكرازة أو الخدمة أو خلاص النفوس.
* والروح القدس كان مع بولس يؤيد عمل الله ويشهد له: بقوة وآيات وعجائب بقوة روح الله (رو 15: 19).
* بسلوك بولس الروحى وإهتمامه بشعبه رفع نفسه على مذبح الحب من أجل إنسبائه (شعبه) ممسكًا بالصليب مؤمنًا أن محبته لبنى جنسه لا تفقده خلاصه، بل يرى نفسه في بهاء ومجدٍ؛ لأنه يمارس حب المسيح العملى ويتفاعل مع عمل روحه، وبمشاعر صادقة ومحبة حقيقية "أقول الصدق في المسيح، لا أكذب وضميرى شاهد لي بالروح القدس" (رو 9: 1) هكذا بسلوكه القويم يضرم ويشعل فينا السلوك الحى لنشتعل: "غير متكاسلين في الإجتهاد ونكون حارين في الروح" (رو 12: 11)
* لنحيا ملتهبين مشتعلين بالروح عابدين الرب بقوة...
* فإن كنا حارين في الروح يصير كل شيء سهلًا... وكل فضائلنا تتلألأ...
* ونواجه بسلوكنا الروحانى كل ظروف حياتنا بشجاعة وغلبة.
* فإن سلكتم ببرودة تتسلل الخطية إلى القلب بسهولة.
* واهتم بولس بسلوك أولاده ليسلموا حياتهم ويخضعوا لسلطان لاهوته وملكوته. فإن كان ملكوت الله داخلنا نسلك بأصوام وصلوات وننشغل بالروحيات ونتمتع بالسماويات.
* "لأن ليس ملكوت الله أكلًا وشربًا بل هو بر وسلام وفرح في الروح القدس" (رو 14: 17)
* لنهتم بما للروح.. نحن الذين لنا باكورة الروح (رو 8: 23)... حتى نتمتع بكمال الروح.
* إذا كان آبائنا الرسل إشتعلوا بالروح وأخذوا باكورة عمل الروح فيهم ومعهم، فنحن أبناؤهم نجاهد... متوقعين... مستعدين... منتظرين كمال عمل الروح معنا.
لأن الرب لا يمنع خيرًا عن السالكين بالكمال (مز 84: 11)
والسالك طريقًا كاملًا هو يخدمنى (مز 101: 6)
لنسلك بلياقة وترتيب ونظام... بسلوك حى فعال...
إن كان روح الله ساكنًا وحيًا وفعالًا فينا، لا يقال عنَّا أننا جسديون بل روحيون، نعيش ونسلك في العالم غرباء، يسندنا الروح ويكمل أيام غربتنا.
* لقد نظر إشعياء النبي من بعيد شعبًا يئن، منتظرًا نورًا، مشتاقًا للرب، فقال: "الشعب السالك في الظلمة أبصر نورًا عظيمًا" (إش 9: 2).
والآن نحذر: نحن الذين في النور، ونسلك بالروح، لئلا نسلك في ظلام.
* طلب بولس السالك بالروح - بعد أن كشف له الروح القدس أنه مُقدم على مواجهة اليهود الغير مؤمنين في أورشليم - فقال لأبنائه: "أطلب إليكم أيها الأخوة (باتضاع واحتياج) بربنا يسوع المسيح (متهللًا بالثمار المعلن فيهم)، وبمحبة الروح (= وبثمار الروح الذي أنتم سالكين فيه) أن تجاهدوا معى (لإجل الخدمة وإتمام عمل الرب) في الصلوات (إعتبر الصلاة جهاد) من أجلى إلى الله (رو 15: 30).
بهذا أعلن بولس إحتياجه لأولاده، وبهذا المنهج يُعلن لنا أن السالكين بالروح يجب أن يُصلُّوا ويهتموا بأرواح إخوتهم المجاهدين... وتُعلمنا كنيستنا أن نصلى لأجل البطريرك، كما للفقير والغريب والضيف.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-ibrahim-anba-bola/spirit-acts/acting.html
تقصير الرابط:
tak.la/84gyvf6