في كل استعلان لشخصه يحدث اشتعال للأبرار والأشرار.. اشتعال باستنارة، بزلزلة قلبية، بناره المحيية أو اشتعال بمرارة، بغباوة طفولية، بنار الخطية... فالحياة المقامة والتمتع بالقيامة هي حياة بطول أيام غربتنا على الأرض، هي اشتعال يومي وتمتع شخصي... فردي... سري.
وسوف نسرد بنعمة الله نقاط سريعة تحتاج منك ترَّوي وهدوء وتأمل لتفهم ما نقصده وما سطره الروح القدس في قراءات هذا الأسبوع.
" فقال لهم يسوع النور معكم... فسيروا ما دام لكم النور" (يو 12: 35) وكأنه يقدم لنا نصيحة وإستعلان يقدمه بثقة شخصية نورًا لأولاده ليقودهم ويهديهم ويرشدهم مثلما عبر بآبائهم من مصر لأرض الموعد (يش 1: 15)
* فبنوره يجذبنا ويرفعنا وينير لنا طريق حياتنا، نور الحياة تقدمه لنا الكنيسة في منتصف أيام الخمسين المقدسة أى في يوم الأحد الرابع. ويلاحظ أيضًا أنه في هذا الأسبوع يُقرأ إنجيل قداس الأربعاء والسبت من (يو 7: 14 - 27) في منتصف أيام العيد وكأنها تُذكرنا أنه عندما يشرق أو ينفجر أول شعاع من شمس البر علينا كأننا في منتصف أيامنا، أيام فرحتنا لأن:
النور هو نتيجة ووسيلة: هو نتيجة للإيمان والاقتراب (إيمان حي. الخبز الحي. والماء الحي) وهذه هي أهداف أناجيل الأحد الأول والثاني والثالث... هو أيضًا وسيلة لينير لنا الطريق، ولنوال الغلبة ولثباتنا في ثمار الروح، وهذه أيضًا أهداف أناجيل الأحد الخامس والسادس والسابع فلهذا قال: " أنا قد جئت نورًا للعالم كل من يؤمن بي، لا يمكث في الظلمة" (يو 12: 46) ومع أنه قد جاء وأشرق بتجسده، ولكننا ننتظر نحن الخطاه: متى يُسلط ضوءًا على ضمائرنا بأقواله، ومتى يُشعل قلوبنا بأعماله، ومتى يحول نظرنا لحضرته. متى نستنير بمعرفة الله فنتعلق بالجهاد والنعمة لنظل نمتد في معرفة نوره ومعرفة كل شيء ونسبح مع داود النبي: "بنورك يا رب نعاين نورًا" (مز 36: 9)
ملاحظة: بعد أن أعلن أنه جاء نورًا للعالم ومن يؤمن به لا يمكث في الظلام، يقول الكتاب: " قال هذا واختفى" (يو 12: 36) رغم أنهم لم يمسكوا حجارة ليرجموه أو حاولوا إغتياله... لماذا إذًا إختفى؟! لأنه وجد فيهم غباء الأطفال وحسد الأشرار وعدم إدرك الأسرار، رآهم نفوسًا مائتةً (نائمة) فذهب إلى من يفهم ويريد أن يحيا؛ لأنه هو النور المحيى.
نداء للضعفاء ليستضيئوا بضياء السماء: "إن لم تؤمنوا بي فآمنوا بالأعمال، لكي تعرفوا (في اليونانية = لكي تبدأوا أن تعرفوا أو تأتوا إلى المعرفة) وتؤمنوا (تستمروا في معرفة) إن الآب فيَّ وأنا فيه" (يو 7: 38) فاشتعل قومٌ بغضبٍ وأرادوا أن يمسكوه فخرج من أيديهم وببساطة مضى إلى عبر الأردن للبسطاء... فأتى إليه كثيرون (من الذين شاهدوا الروح نازلًا عليه يوم العماد، وسمعوا صوت السماء، وصدقوا كلام المعمدان. ويُقال أنه كان هناك خمس تلاميذ من الذين رافقوه ومنهم توما) من بيت عنيا عبر الأردن إلى بيت عنيا بيت لعازر (يو 12: 1) وقالوا إن يوحنا لم يفعل آيه واحدة ولكن كل ما قاله عن هذا كان حقًا (يو 10: 41) شهادة الصوت الصارخ في البرية رسخت في أذهانهم وقلوبهم وأفواههم، وعمل المعجزات الكثيرة بينهم بالمسيح جعلتهم يؤمنوا ويصدقوا أن هذا فِعل المسيا، وآمنوا أن هذه هي أُصبع الله... أعمال الله. هذا هو كلام الحياة إذ كيف يصدر عمل من شخص بدون حضور شخصي له؟‼ وهذا درس عملي لنا فهلما: نؤمن بأعماله حتى نشتعل بحبه ونمسك بشخصه.
فهيا نتأمل في أعماله في أعمال الرسل من قراءات الإسبوع الرابع.
فعلٌ زلزل قلوب الرسل فازدادوا اشتعالًا وبنفس الفعل اشتعل مجمع السنهدريم والحاضرين المائة وستة عشر قاضيًا تقريبًا، وبعد التجمع والإتفاق على المؤامرة برجم الرسل أرسلوا إلى الحبس ليُؤتى بهم للحكم فوجدوهم في الهيكل يبشروا راجع (أع 5: 21 - 36) لقد بلغ التحدي بين أتباع المصلوب وصالبيه الذروة... فكان إشتعالًا شديدًا جدًا لم تقدر نار أن تطفئه، ولا كلام أن يخمده، ولا قوة أن تُسيطر عليه، ولا سجن أن يحبسه، ولا تهديد أن يرعبه.
* اشتعل الرسل والشعب بالحدث: كيف خرجوا والأبواب مُغلقة بكل حرص والحراس قيام وباقي المساجين في الداخل إلا هؤلاء؟
* كيف يقود ملاك كل هذا العدد بالخروج ولم يراهم أحد؟ كل هذا لأنهم رجال الله ولا منفعة لمقاومة إله السماء إله الحق!! لو فكروا قليلًا كيف خرجوا لقالوا: لقد صاروا خليقة جديدة لها أجنحة ملائكية، ولكن كانت ضمائرهم قلقة ومنظر الصليب لم يفارق عيونهم، والخوف ملأ صدورهم، وبعيونهم المقفلة قالوا أنهم سحرة أو دفعوا رشوة أو بحيلة هربوا ليذهبوا بعيدًا عنَّا ليكرزوا... أنها خيبة أمل وخزي وعار لقوات الظلمة! من شدة الإشتعال والارتياب والحيرة ظنوا أن بينهم خائن لمساعدة هؤلاء على الهروب من الحبس!!
* لم ينشغل الرسل بتجمهر الناس حولهم ولا باشتعالهم بزلزلة قلوبهم بِفِعْل عمل ربهم، ولكن الحراس خافوا منهم لئلا يرجمهم الشعب، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وأحضروهم وقادوهم من الهيكل إلى المجمع بلا عنف، لا توقيرًا للهيكل ولا إحترامًا لقانون العدل والناموس، ولا خشية من غضب السماء عليهم لئلا تنزل نار من السماء تأكلهم مثلما حدث في أيام إيليا (2مل1: 10، 12).
هذا هو عمل القيامة اليومي في حياة الكنيسة: فالعالم مصمم أن يدفنها في مقبرة، أو يكتم في السجن أنفاسها ولكن لتبقى الأختام موضوعة والحراس قيام خارجًا وتنطلق الكنيسة المنورة بالنور الحقيقى شاهدة للقائم أنه أشرق بحبه عليها، وهذا الإشراق لا يطفئه ظلام.
في جوله سريعة نكتب نقاط ذُكرت في الإسبوع الرابع من الخمسين فيها اشتعال بالنعمة واشتعال بالشر:
* "قد ملأتم أورشليم بتعليمكم وتريدون أن تجلبوا علينا دم هذا الإنسان" (أع 5: 28) لقد أصر الكهنة على شرهم وأن ما يدعى به الرسل أنهم قتلوا السيد المسيح فهذا كذب... فهؤلاء ما زالوا يعيشون دور الأبرياء... يمثلون مسرحية سخيفة بتبرير أنفسهم.
* "فأجاب بطرس والرسل وقالوا ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع 5: 29) بهذا الإشتعال رد بطرس وأثبت لهم أنهم يحاربون الله، ويحاربون روحه القدوس الذي يشهد وينطق ويعمل بهم.
نلاحظ أن رئيس الكهنة لم يقدر أن يذكر إسم يسوع المسيح بل قال: دم هذا الإنسان من فرط إشتعاله بالحقد، بينما رد بطرس بإشتعال الروح ووضع كلام كل الرؤساء كأنه يساوى كلام الناس وبقوة بدأ يبشر بدلًا من أن يدافع عن نفسه وقال: " أننا نتكلم بالروح الذي أعطاه الله للذين يطيعونه" (أع 5: 32) يا ليتكم تطيعوه ولا تقاوموه. فأثمر هذا الكلام، وبسرعة رهيبة " قام واحد منهم قد اشتعل بالروح وهو غمالائيل معلم الناموس مُكرم عند جميع الشعب وقال: احترزوا لأنفسكم من جهة هؤلاء" (أع 5: 34 - 35)
" وبعدما انتهى الشغب دعا بولس التلاميذ وودعهم وخرج" (أع 20: 1)
ما أجمل اختيار الكنيسة لهذا الفصل لهذا الأسبوع وإنتقالنا من الإصحاح الخامس إلى العشرين في سفر الأعمال، وكأنها تثبت لنا من وسط اشتعال الشر اشتعال بولس بالرب الذي كان مقاومًا له سنين... ووسط كرازته وعمل النعمة معه كان متنقلًا لا يهدأ، فكلما يحدث شغب وإضراب كان يترك مكانه لتلاميذه ويودعهم بمحبة ويسلم لهم الخدمة ويذهب لمكان آخر من مدينة إلى مدينة، ومن جزيرة إلى جزيرة، وكما ذكر لقد حاربت وحوش (1 كو 15: 32) أُناس مفترسون ولكنه كان مشغولًا بأن يسقي ما قد غرسه، لا يهدأ ولا يضيع فرصة للكرازة، ولا يقضي وقته بدون ثمر... اشتعال شديد بربه رغم: أنهم هجموا عليه في سفينة للقبض والإمساك به لكنه هرب وترك السفينة وسافر ماشيًا على الأقدام، وكان يبشر لكل من قابله في طريقه... ورغم أنهم رجموه وظنوا أنه مات ولكن تلاميذه نقلوه إلى مكانٍ حتى إستفاق وذهب ليتكلم بإسم الرب في مكان آخر حتى هدأ الراجمون وعاد لهم يتكلم معهم لعلهم يتوبون، وقال: " بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله" (أع 14: 22) وهذا هو سر الإشتعال رغم أنهم رجموه لكنه يحبهم ورجع لهم ووعظهم وشددهم وثبتهم في الإيمان (أنه لا يفكر في نفسه أو ينتقم لحقه) فآمنوا به واشتعلوا هم أيضًا.
" وكان في يافا تلميذة (للمسيح) إسمها طابيثا (غزالة) هذه كانت ممتلئة أعمالًا صالحة واحسانات كانت تعملها" (أع 9: 36) لقد اشتعلت بروحه وليس عندها موهبة الكرازة أو الكتابة، ولكن بخدمة إخوة الرب كانت تخدمة هو وتكسوه وتطعمه وتزوره، فكان رد فعل الأرامل والذين كانت تخدمهم عندما سمعوا أن بطرس قريبٌ منهم وقد ماتت غزالة، أرسلوا إليه ليأتي واعترفوا أمامه وأعلنوا عن تحننها الشديد عليهم وحبهم لها وتقواها، فكانت كل هذه شهادة حية للمسيح فيها، فتذكر بطرس ما فعله الرب بطابيثا القديمة (إبنة يايروس) وفعل مثله: " فأخرج بطرس الجمع خارجًا وجثا على ركبته وصلى، ثم التفت إلى الجسد وقال: يا طابيثا قومي، ففتحت عينيها ولما أبصرت بطرس جلست فناولها يده وأقامها" (أع 9: 40 - 41).
لا تنسَ: في كل اشتعال يوجد هيجان
فيما أنت فرحًا يرتعب البعض سرًا
فأفرح بالرب واستنر بنوره وسير فيه ولا تخشى من هول الليل والظلمة
فإن سرت في ظل الموت لا تخف لأنه هو نورك وخلاصك.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-ibrahim-anba-bola/fifty-days-saints/ignition.html
تقصير الرابط:
tak.la/5nkdm8x