St-Takla.org  >   articles  >   fr-botros-elbaramosy  >   a
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات الراهب القمص بطرس البراموسي - تاريخ المقال:

 124- تأثير اختبار الإيمان في ضعفاء الإيمان

 

محتويات: (إظهار/إخفاء)

(أ) نقص الإيمان
(ب) الحاجة للإيمان
(ج) عجز النفس عن الحصول بنفسها على روح الإيمان الكافي

تكلمنا في المقال السابق عن تأثير اختبار الإيمان في أقوياء الإيمان وأخذنا مثلًا قويًا لذلك ألا وهو أبونا إبراهيم الذي أخذ أبنه إسحق بوعد في شيخوخته وبعد ذلك طلبة الله منه لكي يقدمه محرقة على جبل المُريا وكانت تجربة يتذكي بها أبونا إبراهيم ويأخذ بركات مضاعفة أن بالكثرة يكثر الله نسله حتى لا يُعد مثل رمل البحر ونجوم السماء..

- والآن نتكلم عن الشق الآخر في اختبار الإيمان عند ضعفاء الإيمان، فيتحول الكلام من أبونا إبراهيم إلى امتحان الرجل الذي قدم ابنه المريض للسيد المسيح لكي يشفيه وهنا نري ضد ما رأيناه في تجربة أبونا إبراهيم.

 

* الإيمان يظهر حقائق هامة عن الإيمان، وأهم ما يظهره هو:

(أ) نقص الإيمان:

فلم تكد فرصة الامتحان تنتهي حتى نطق الرجل بكلمات أظهرت شعوره بضعف إيمانه إذ قال للسيد الرب "أَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي" (مر 9: 24) وهو لم يشعر أن إيمانه كان ضعيفًا فقط بل كأن شعر أن إيمانه كان في حكم العَدَم.

- وربما ذلك الرجل عاش إلي تلك الساعة وهو لا يشعر بضعف في إيمانه، بل وربما لم يخطر له أن يفكر في إيمانه إن كان ضعيفًا أم قويًا، ولكن الضيقة كشفت عن ذلك النقص إذ فيها شعر كيف أن قلبه لم يكن كامل الإيمان فيمن التجأ إليه طالبًا معونته.

- وكم منا اليوم من يعيشون وهم لا يفكرون في ضعف إيمانهم ولا يشعرون، يظنون إن لهم من الإيمان ما يكفي لظهور حياة البنوة الحقيقية لله، والعيش حسب التقوى الصحيحة، وليست الخارجية الزائفة، وهذا الشعور يستمر معهم طالما كانت الأحوال حسنة والأمور هادئة، ولكن عندما تهب العاصفة، وتأتي الضيقة تنفتح أعينهم ويتحقق لهم ضعف إيمانهم عندما يواجهون التجربة بأنفسهم وتكون مواجهتهم في فزع واضطراب، ويضعف رجاؤهم في إلههم بل ويكون مشوشًا وتكون ثقتهم في خلاصه لهم مضطربة وغير كاملة.

- حينئذ يتبرهن لهم ضعف إيمانهم وليس ضعف إيمانهم فقط بل ونقص حياتهم الروحية.

St-Takla.org Image: Arabic Bible verse: Lord, I believe; help my weak faith: "Lord, I believe; help my unbelief!" (Mark 9:24) - Jesus Christ saves a man from drowning. صورة في موقع الأنبا تكلا: «أومن يا سيد، فأعن عدم إيماني» (مر 9: 24) - السيد المسيح ينقذ شخصًا يغرق.

St-Takla.org Image: Arabic Bible verse: Lord, I believe; help my weak faith: "Lord, I believe; help my unbelief!" (Mark 9:24) - Jesus Christ saves a man from drowning.

صورة في موقع الأنبا تكلا: «أومن يا سيد، فأعن عدم إيماني» (مر 9: 24) - السيد المسيح ينقذ شخصًا يغرق.

- فكثيرون يظنون أنهم إذ هم لا يقتلون ولا يزنون ولا يسرقون، ويواظبون على عبادة الله من صلوات وصوم، فحياتهم الروحية حسنة، وهذا جيد، ولكن عند إمتحان إيمانهم يبتدئون يشعرون شعورًا جديدًا إذ هم يتحققون من ضعف إيمانهم وفي الوقت نفسه يتذكرون قول الكتاب "وَكُلُّ مَا لَيْسَ مِنَ الإِيمَانِ فَهُوَ خَطِيَّةٌ" (رومية 14: 23) فينتزع من النفس شعورها بما هي فيه من الحالة الروحية، وتشعر بنقصها وحاجتها لعمل النعمة في قلبها ويزول منها كل انتفاخ علي الآخرين، وتشعر إنها محتاجة لنعمة الله لتعمل فيها كالساقطين في أشر الخطايا والذنوب.

 

(ب) الحاجة للإيمان:

فهو لم يشعر بنقص إيمانه فقط ولا بأن الإيمان هو عمل الله ولكن أيضًا بحاجته للإيمان ولولا ذلك لما صرخ بمرارة قائلًا "أُومِنُ يَا سَيِّدُ، فَأَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي" (مر 9: 24).

- وعندما تمر علينا الضيقة فنحن لسنا نتحقق من ضعف إيماننا فقط، ولكن أيضًا حاجتنا إلى الإيمان ونحن نشعر بهذه الحاجة لأمرين:

(الأول) لنوال ما نطلب: فذلك الرجل كان يتلهف لحصول أبنه علي الشفاء، ولكنه عرف من سؤال السيد المسيح "إِنْ كُنْتَ تَسْتَطِيعُ أَنْ تُؤْمِنَ. كُلُّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ لِلْمُؤْمِنِ" (مر 9: 23). إن اجابة طلبته تتعلق علي توفر روح الإيمان فيه، وإذا شعر بنقص إيمانه، أدرك في الحال حاجته لعطية الإيمان، فطلب من السيد أن يعين إيمانه.

ونحن عند الضيقة تذكرنا كلمة الله أن الله يشترط في معونته وجود روح الإيمان في اللاجئين إليه، وأن مواعيده باستجابة الصلاة متعلقة على تقديمها بروح الإيمان، فتشعر نفوسنا إذ ذاك بِعِظَم حاجتنا لعطية الإيمان الخالي من الريب والرياء.

ونحن لا نشعر بهذه الحاجة وقت الفرح إذ لا تكون لنا حاجة لمعونة خاصة، ولكن في أوقات الضيقة والاحزان عندما نشعر بحاجتنا لفك الضوائق أو نوال التعزية نبتدئ نشعر أيضا لحاجتنا لإيمان حقيقي في الله.

(الثاني) للحصول علي روح الطمأنينة أثناء التجارب: فعندما نرى أنفسنا في وقت التجارب في ضعف تام واضطراب ونتذكر أنه لو كان لنا إيمان في الله لكنا نجوز الضيقة في سلام وهدوء، نشعر بحاجتنا العظمي لبركة الإيمان وروح الثقة الكاملة في الله.

 

(ج) عجز النفس عن الحصول بنفسها على روح الإيمان الكافي:

فذلك الرجل لم يشعر فقط بنقص إيمانه، ولكن أيضًا ظهر له عجزه عن إظهار روح الإيمان بمجهوده الشخصي. فهو كان يرى بعينيه، كما ذكرنا أيضًا هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت في مواضِع أخرى. وكان يعرف أن في يسوع هذا قوة كافية لسد حاجته، ولكن مع هذا كله فإنه رأى نفسه ناقص الثقة وضعيف الإيمان. فشعر في الحال بأن اقتناع فِكره بما للسيد من القدرة على شفاء ابنه لم يكن ضامنًا لاقتناع قلبه، ووجود الإيمان الكافي فيه، وإنه إن لم يؤازره بعمله الخاص ويرسل إليه نعمة إيمان خاصة، فإنه عاجز عن إظهار روح الإيمان فصرخ قائلًا "أَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي" وهذه حقيقة هامة يعلمنا إياها امتحان إيماننا عندما يكون إيماننا ضعفيًا.

أن نتيجة أمتحاننا تبرهن لنا بأن روح الإيمان ليس مما يستطيع البشر أن يحصلوا عليه بمجهودهم الشخصي، ولكنه هو عمل الله الخاص يعمله بنعمته في قلوب أولاده.

ونحن كثيرًا ما تصادفنا الضيقة عبر أيام غربتنا على الأرض، ولكن لأننا نؤمن بالله أنه إله قادر علي كل شيء ومحب للبشر، ويحول كل الأمور للخير، ونتذكر معونته ومؤازرته لنا في كل الأيام السابقة لنا. نرى أفكارنا مقتنعة بأنه لا معني أبدًا ولا وجود للخوف أو الاضطراب، ولكن الغريب أن رغم هذا الاقتناع الفكري نرى قلوبنا مضطربة ومفزوعة... وكل محاولات نصنعها لننتزع هذا الاضطراب تذهب عبثا. فهذا يجعلنا نثق إذًا أن أقتناع الفكر شيء وطمأنينة القلب شيء أخر. وأن إقتناع الفكر نستطيع أن نحصل عليه بأنفسنا، ولكن إيمان القلب هو عمل الله وحده أو كما قال أنه "عطية الله"...

فالله هو الذي يقسم لكل واحد مقدارًا من الإيمان على قدر ما نطلب وعلى قدر ما نظهر الأمانة، بما يعطينا إياه من مقدار الإيمان.

فما أحوجنا أيها الأحباء لصلاة ذلك الرجل "أَعِنْ عَدَمَ إِيمَانِي" لنرفعها دومًا لله صارخين بها كل حين، ونقول أيضًا مع الآباء الرسل الاطهار يا رب "زِدْ إِيمَانَنَا" (لو 17: 5) ولكن ينظر إلينا الرب ويتحنن علينا ويُنمي بذرة الإيمان التي بداخل قلوبنا، لكي نصل إلى الإيمان الكامل بالله أنه هو المدبر لحياتنا وهو الضابط الكل الذي بيده كل الأشياء وأمور حياتنا منذ لحظة ولادتنا حتى مفارقتنا هذه الحياة علي خير وإيمان بالسيد المسيح الذي له كل المجد والإكرام جميع أيام حياتنا.


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/weak-faith.html

تقصير الرابط:
tak.la/3hjdr8x