مَنْ منَّا كان يخطر على باله لحظة أن يكون بين يدي الناس آلة تستطيع أن تربطهم بعضهم مع بعض.. (الأسرة، الأصدقاء، الأحباء، أصحاب العمل......).. إلى أن جاء عصرنا الذهبي الذي نحيا فيه الآن.. عصر التقدم التكنولوجي السريع الذي يتحفنا كل يوم بما هو جديد ومفيد.
كل يوم نسمع عن أحد الأجهزة التي تم اختراعها أحدث مما سبقها، ونسمع بعض المميزات التي تميز هذه الآلة (الجهاز).. فنسرع جميعًا إلى شرائها واقتنائها والتمتع بمزاياها التي تفوق العقل البشرى المحدود.
ومنذ سنوات محدودات ظهر لنا (التليفون المحمول) (الموبايل) الذي أبهر الكل، وأصبح من أحدث الوسائل التي تربط الكل.. وبدأ طرحه في السوق لرجال الأعمال الذين يحتاجون وسيلة ربط بين بعضهم وبين الدول التي يتعاملون معها في الصفقات التجارية وغيرها.. ثم انتشر أكثر بأن حمله القادرين على المصاريف الباهظة التي تدفع في الفاتورة، ثم ظهرت أكثر من شركة تنافس بعضها في طرح العروض للجمهور لكي تكتسب عملاء وتستفيد من ورائهم.
وانتشر الموبايل إلى أن أصبح في يد الجميع، وأصبح لا يميز مَنْ يحمله ولا يقلل من شأن مَنْ لا يحمله.. حتى الأطفال حديثي السن في المرحلة الابتدائية بدأوا يحملونه ويعرفون بعض إمكانياته ومزاياه التي ممكن أحد الكبار لا يعرفها.
كل هذا شيء رائع جدًا، وأصبح العالم عن طريق النت والموبايل قرية صغيرة يترابط جميع مَنْ فيه كأنهم في بلدة صغيرة معًا.
هذه الآلة الصغيرة أصبحت تربطني بأمريكا وأستراليا وجنوب أفريقيا وجزر المحيط وجميع أنحاء العالم، ويمكنني عن طريقها أن أسمع صوت مَنْ لا أستطيع أن أراهم لمده سنوات، والذين فرقت بيننا الأيام والمسافات و..... لكن ما يؤسف هو أن بعضًا منَّا يسئ استخدام الأشياء التي في يده! فكل آلة أو جهاز أو أي شيء في يدنا له الاستخدام السليم والاستخدام السيئ.
مَنْ منَّا لا يقتني سكين في بيته!! فالسكين ظهر لنا لكي نستخدمه في أعمال الطهي وتقطيع اللحوم المستخدمة في الأكل والخضروات والفواكه وغيرها، ولم يظهر لنا أو كان الهدف من ظهوره هو استخدامه في عمليات القتل والانتحار وغيرها.
القلم الذي في يدنا.. مَنْ منَّا لا يستخدم الأقلام بكل أنواعها!! هل اخترعت لتساعدنا في المذاكرة والأعمال الكتابية بكل أنواعها والمراسلات الجيدة؟ أم اخترعت لكي نكتب بها مقالات خاطئة وألفاظ لا يمكن أن تُقال أو... فكل شيء له الاستخدام الحسن الذي اخترع بسببه ولكن من الممكن أن الإنسان يخترع استخدام سيء بل وسيء للغاية لهذا الجهاز.
هذا ما حدث في الموبايل الذي بين أيدينا جميعًا... نظرًا لسهولة استخدامه، وأصبح بين يدي الجميع ورخص أسعار المكالمات، بل ودخول بعض الخدمات الجديدة مثل (Video Call) أصبح الشباب اليوم يستخدمونه بطريقة خاطئة في رؤية بعض المناظر التي لا تليق بنا كشباب وشابات يحملوا اسم المسيح.
بل أصبح وسيلة سهلة لتداول بعض الصور والـ(Clips) التي تسيء لنا وللكل، بل أصبح وسيلة دمار لأخلاق مَنْ يريدون أن يعيشوا بطهارة وبفكر نقي إذا تهاونوا مع أنفسهم وفتحوا الباب للصحبة الشريرة.. التي تهدف إلى تدمير كياننا الروحي.
هذه الآلة الصغيرة التي أساءنا استخدامها أصبحت مصدر معرفة خاطئة لكثيرين، واستخدامها في المناظر أو المشاهد الخاطئة أو الصور الفاضحة، وأصبحت مصدر عثرة لكثيرين عن طريق إرسال بعض الصور الغير لائقة... أو غيره.
نرى هذه الظاهرة وقد بدأت في الانتشار بين فئة الشباب والفتيان من الجنسين، ونحن لا ندري أو لا نقدر ما مدى خطورة هذا التصرف الخاطئ، ونحن ننسى وصية السيد المسيح الذي قال:
? "إنْ كانَتْ عَينُكَ اليُمنَى تُعثِرُكَ فاقلَعها" (مت5: 29).
? وأيضا: "إنَّ كُلَّ مَنْ يَنظُرُ إلَى امرأةٍ ليَشتَهيَها، فقد زَنَى بها في قَلبِهِ" (مت5: 28).
فحتى النظرة الشريرة نهانا عنها السيد المسيح لأنها تعتبر زنى قلب، وذلك لأنها تلوث الفكر والذهن والحواس، ويترتب عليها بعد ذلك ميول لإرادة الإنسان في ارتكاب الخطية.
* يجب علينا نحن أولاد المسيح أن نستخدم العالم وما فيه ولا يستخدمنا العالم.
* لا نساير هذا الدهر.. "لا تُشاكِلوا هذا الدَّهرَ" (رو12: 2).
إذا كان هذا التصرف القبيح بدأ ينتشر مع الآخرين.. فيجب علينا كأبناء للسيد المسيح أن نقف وقفة صامدة وواعية ضد هذا التصرف وهذا السلوك الغير لائق.
نقطة أخرى في استخدام الموبايل وهى الظاهرة التي انتشرت كثيرًا في قداستنا واجتماعاتنا وهى عدم إغلاق التليفون.
فنحن في القداس أقدس شيء بالنسبة لنا.. نجد أثناء الصلاة
تليفون واثنين وثلاثة وأكثر، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.. كل بضع دقائق يرن تليفون أحد الحاضرين، ومن الممكن أن يتركه هذا الشخص إلى أن ينتهي الرَنّ، وتعاد مرة أخرى، وهو لا يدرى أن هذا السلوك يتعب الآخرين ويفقد تركيز مَنْ يريد الاستمتاع بالقداس أو بالعظة.بل أكثر من ذلك ممكن نجد هذا الشخص يخرج التليفون من جيبه ويرد على مَنْ يطلبه، ويتكلّم معه بدون تحفظ وبصوت عالي، أو ممكن يضع يده على فمه ويتكلّم بصوت خافت.
كل ذلك يشد انتباه مَنْ حولك وأنت لا تدري.. ويفقد تركيز الأب الكاهن المُصلي والشعب كله، ويفقد تركيز المتكلم في الاجتماع.
نحن غالبًا لا ندري خطورة هذه الظاهرة.. إذ تتحول الكنيسة في بعض الأحيان إلى ما يشبه السنترال.. كل واحد واقف يتحدث مع مَنْ طلبه، ويتكلّم بصوت مسموع، ولا نراعي مشاعر بعضنا البعض.
ومن الممكن أن نقرأ اللافتة الموضوعة أمامنا في كل مكان: (برجاء غلق التليفون المحمول).. نقرأها ولا نعطيها أي نوع من الاهتمام ولا نغلقه.. ونقول بعض الأسباب الواهية: أصل البيت لازم يطمئن علينا، أصل في حالة حرجة لازم اطمئن عليها، أصل في الشغل بيحتاجوني باستمرار، أصل ممكن حد يطلبني ويجد التليفون مغلق ويقلق علينا...أصل وأصل وأصل... ونتجاهل نهائيًا ما قاله السيد المسيح: "بَيتي بَيتَ صَلاةٍ يُدعَى" (مر11: 17).
أرجوكم نضع هذه النقاط في الاعتبار، وتكون محل اهتمام وتفكير.. لان هذه السلوكيات الغير لائقة تسيء لنا جميعًا إساءة ليست بقليلة.
ومَنْ تعود أنه لا فرق بين الكنيسة والشارع والعمل والبيت.. يفقد مهابة واحترام بيت الله.. بل يفقد مخافة لله نفسه.
ربنا يجعلنا قطيع ذو آذان صاغية..
يسمع صوت راعيه الحبيب وليس صوت العالم..
فنسمع ونعمل.
ربنا يبارك حياتكم..
ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/mobile.html
تقصير الرابط:
tak.la/d55qwtj