نحن الآن نحيا العولمة في كافة صورها.. وأصبح العالم كله قرية صغيرة.. نتخاطب مع بعضنا البعض عن طريق كافة وسائل الاتصالات (الموبايل والانترنت و....)، وكل يوم يفاجئنا العالم بجهاز جديد أحدث مما سبق بأسابيع.. ويسعى الكل وراء كيفية اقتناء هذا الجهاز الأحدث والأدق في وسيلة الاتصالات.
ومن أهم هذه الأجهزة هو (الكمبيوتر). هذا الجهاز الصغير بكافة ملحقاته أصبح يحقق لنا ما نريده من برامج ومعلومات مرئية أو مقروءة أو سمعية.. حسب ما يريد كل منَّا، وحسب هوى وراحة كل واحد.
بل وأصبح من السهل الآن أن أحمل جهازي الخاص (lap top) في الجامعة أو العمل أو الرحلات أو الكنيسة أو....
وقد أفادنا هذا الجهاز الصغير في العمليات الحسابية الكبيرة عن طريق برامج الـ(Excel)، وأيضًا في كتابة الموضوعات والكتب ببرنامج الـword))، وكذلك أفادنا في عرض بعض الفقرات اللذيذة الترفيهية التي برع فيها شبابنا اليوم عن طريق الـ(Data Show)، والـ(Power Point).
وقد أفادتنا -نحنُ الخدام- هذه البرامج في عرض كثير من الموضوعات بطريقة شيقة تشد انتباه أولادنا في الخدمة، وتساعدني أنا الخادم في تقديم الموضوعات بطريقة جذابة للمخدومين.
أيضًا قدّم لنا جهاز الكمبيوتر خدمات كثيرة من حيث سهولة تداول أفلام القديسين وسيرهم، والعظات التي يصعب اقتنائها عن طريق شرائط الكاسيت، وذلك لتلف بعض هذه الشرائط بسهولة.. فقدمتها لنا المكتبات المسيحية المتخصصة في صورة (CD)، والتي تحمل عشرات العظات في أسطوانة واحدة.. وأصبح من السهل أن يقتني الشخص منَّا آلاف العظات على بعض هذه الأسطوانات.. ويشاهد أفلام القديسين وغير ذلك من الأشياء المفيدة.
ولكن كما اتفقنا سابقًا أن لكل شيء استخدامه المفيد والاستخدام الخطأ. فالإنسان بطبعه يميل إلى الشر منذ خلقته.. ولذلك قد يسئ استخدام ما بين يديه.. ويتضح ذلك أكثر وأكثر بين الشعوب الغير متحضرة، أو التي لا تساير ركب الحضارة السريع الذي تسير فيه باقي دول العالم المتقدمة.
وما دام الإنسان تعود أن يسيء استخدام الأشياء المتاحة بين يديه، لذلك يجب أن يكون حريصًا جدًا في استخدام ما بيده أو ما يُتَاح له استخدامه.
من ضمن ذلك جهاز الكمبيوتر الذي قدّم لنا كل المميزات السابقة وغيرها الكثير والكثير.. نجد البعض يسئ استخدامه في مشاهدة بعض الأسطوانات التي تحمل بعض الأفلام المخلة، والتي تسئ أولًا للشخص الذي يراها وثانيًا للذي يتداولها والذي يروج لها.
وأصبح لدينا الآن وسيلة أعظم وأعظم في الاتصال والمعرفة في كل شيء وهو الانترنت.. نجد عليه الآن كل ما نحلم من أبحاث وكتب وشرائط وأفلام وغيره.. ومن الممكن أن نحضر أبحاثًا قيمة عن طريقه، ونتطلع على أحدث هذه الأبحاث والكتب، وأحدث ما وصل إليه أي علم من علوم الحياة، بكتابة بعض البيانات البسيطة والضغط على زر أو أيقونة بالـ Mouse نجد هذا البحث القيم أو التسجيل الصوتي أو غيره بسهولة جدًا بدون بذل أي جهد وبدون تضيع وقت في البحث عن هذا الكتاب في المكتبات.
كل هذه الإمكانيات والفوائد التي لا تعد ولا تحصر يقدمها لنا الانترنت وجهاز الكمبيوتر، وأصبح الآن لا يستطيع أحدًا منَّا الاستغناء عن ذلك.
ولكن الأشخاص يسيئون استخدام كل ما هو مفيد ويحولونه إلى ضرر.. وذلك بأن يقضى وقتًا كبيرًا جدًا أمام الكمبيوتر يلعب Games ويترك مذاكرته أو عمله أو ما يطلب منه في المنزل.. يجلس أمامه ساعات طوال، ولا يفكر لحظة أن يقف ليصلى أو يجلس يقرأ في كتابه المُقدَّس، ومع ذلك نجده يتعلل بضيق الوقت..
* أنا لا أصلي لأنني لا أجد وقتًا أصلى فيه.
* أنا لا أقرأ الكتاب المُقدَّس لأن الوقت ضيق جدًا وعندي مشغوليات كثيرة.
ونجد البعض يجلس أمام الكمبيوتر ويدخل على النت على بعض المواقع المخلة التي تعرض بعض الأشياء التي تفسد الأخلاق الجيدة، ويجلس أمامها مسبي العقل والإرادة.. وقد يترك الأشياء وما هو مهم في حياته في مقابل جلوسه أمام هذه الأفلام أو الصور وغيرها.. وبعد ذلك يشكو هذا الشخص بأن أفكاره تلوثت من الخطية ونظره تدنس من بعض المناظر.. وكثيرًا مَنْ يقول إنني تعلمت بعض العادات الرديئة عن طريق مشاهدة بعض الأفلام وغيرها.
في حين أننا دائمًا عندما ننظر إلى الحياة الروحية والممارسات الروحية نشكو دائمًا من ضيق الوقت وكثرة المشغوليات والتزامات الحياة الصعبة.
نجد البعض يقع في خطأ خطير وهو دخوله على حجرات الـ(Pal Talk)، ويدخل في حوارات مع مَنْ لا يعرفهم.. وبالطبع كثير من الداخلين هذه الحجرات يكونون بأسماء مستعارة (مزيفة)، وننخدع في هؤلاء الأشخاص، ويدخلون معنا في بعض الحوارات أيًا كانت دينية أو ثقافية أو غيرها.. ونسترسل معهم في الكلام دون أدنى معرفة، ونقع في المحذور أننا نتكلم في كلام كثير غير مفيد بل مضر جدًا غير عالمين أن "كثرَةُ الكلامِ لا تخلو مِنْ مَعصيَةٍ" (أم10: 19).. وهذا ليس كلامًا عاديًا نافعًا بل كلامًا مضرًا مفسدًا للأخلاق الجيدة.
ويدخل البعض في حوارات الـ(Chatting)، ويتحدث للآخرين في كل شيء، وغالبًا قد تكون غير مفيدة، وأيضًا لا يعرف الشخص مَنْ يُحادثه معرفة حقيقية، وندخل في المحذور وهو الوقوع في بعض الأخطاء.
ونجلس على هذه المحادثات والحجرات بالساعات الطوال، وننسى مَنْ حولنا، وما هو مطلوب منَّا، ويضيع الوقت الثمين الذي لا بد من استثماره فيما هو حسن وجيد.
وبعد كل ذلك تكون الشكوى المستمرة من ضيق الوقت.. لا نجد وقت كافي للمذاكرة ولا للعمل ولا للقراءة ولا...
نجلس أمام الكمبيوتر حتى الفجر، وممكن حتى بزوج نور اليوم التالي، حتى نصل إلى مرحلة الإرهاق التام، فتنام حتى بعد ظهر اليوم، ونبدأ يومنا الساعة الثالثة أو الرابعة ظهرًا، بعد أن يكون أغلبية الناس أنهوا يومهم العمل العادي، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى.. وفى ذلك الوقت يبدأ الإنسان يومه فيصبح نهاره ليل والعكس.. عكس باقي الأشخاص.. وذلك لعدم تنظمه للوقت.
بالطبع هذا الشخص سوف يهمل العمل والقداسات والصلوات وغيرها.. لأن اليوم لم يصبح يومًا عاديًا.. ونقول له: هل حضرت القداس أو صليت صلوات الأجبية؟ يجيب إنني كنت سهران حتى طلوع ضوء اليوم التالي، وتعبت جدًا واضطررت أن أنام.. فنمت نومًا ثقيلًا، ولم أستيقظ إلاَّ والشمس في طريقها إلى الغروب.
بالطبع هذا الإنسان سوف يكون مقصرًا في حق نفسه وفى حق الآخرين، ويكون غير أمينًا على وقته ولا على حياته ولا على مستقبله.. لأنه يفسد نفسه بنفسه.
هذه الآفة الصغيرة التي بدأت تتسلل لكثيرين غير مدركين خطورتها على الحياة الروحية بل على الحياة العامة.. يجب أن نقف ونستيقظ، ونأخذ موقف إيجابي تجاه هذا التعرف السلبي الذي ننساق في تياره، وننجرف إلى موجته العالية، ولا ندرى ماذا سيكون فيما بعد.. هل الجهاز الذي أمامي هو الذي يتحكم فيَّ.. أم أنا بإرادتي القوية أستطيع أن أميز ما هو مفيد وما هو مضر؟.. ماذا ينفعني وماذا يضرني؟
إذا أعطاني أحد أصدقاء السوء عنوان موقع، وقال لي أدخل إليه ستجد ما يمتعك.. هل أستجيب أم أرفض؟ أم أوافق بواقع حب المعرفة؟
هل ستكون عندي الشخصية القوية التي تستطيع أن تقول لا؟ "كُلُّ الأشياءِ تحِلُّ لي، لكن ليس كُلُّ الأشياءِ توافِقُ" (1كو6: 12).. هل أستطيع أن أميز ما بين ما يضرني وما يفيدني؟ أم أصبح إنسان مسلوب الشخصية لا يستطيع أن يقول لأي شيء لا.
أرجوكم في هذه الأيام أن يقف كل منَّا وقفة حساب مع النفس لكي نبني شخصيتنا.. لتكون شخصية قوية واضحة المعالم.. تُميز ما بين ما يفيدها وما يضرها.. شخصية تبتعد عن كل السلبيات وتبحث وتسعى نحو الإيجابيات.
وبذلك نكون شباب مسيحي..
يشهد للمسيح في كل مكان بتصرفاته الجيدة.
ربنا يبارك حياتكم.. ولإلهنا المجد الدائم إلى الأبد آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/internet.html
تقصير الرابط:
tak.la/ccybg6q