St-Takla.org  >   articles  >   fr-botros-elbaramosy  >   a
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات الراهب القمص بطرس البراموسي - تاريخ المقال: 19 مارس 2019 م.

 133- بصوت متواضع يليق بالمسيحية

 

في الجزء الختامي لصلاة قسمة عيد الصليب المجيد نصلي ونقول [فهيئ يا رب نفوسنا لكي نحمل صليبك المقدس المحيي، ونشكرك لأجل هذه النعم العظيمة... وبصوت متواضع يليق بالمسيحية، وبطهارة النفس والجسد والروح، هكذا أيضًا نحن الضعفاء والخطاة اجعلنا مستحقين معهم ان نقول الصلاة المقدسة التي أعطيتها لتلاميذك القديسين قائلًا: متى صليتم فأطلبوا هكذا وقولوا ابانا الذي في السموات]، هذه هي صلواتنا الليتورجية التي دائمًا ما تحثنا على الفضيلة وتذكرنا بها... هي تدمج الشكر لله مع طلباتنا اليومية واحتياجاتنا، وكذلك تغرس داخلنا دائمًا السعي نحو اقتناء الطهارة والفكر النقي، الإيمان الثابت، والمحبة التي بلا رياء، والرجاء في الحياة الأبدية، واننا نحيا على الأرض غرباء منتظرين قيامة الأموات وحياة الدهر الآتي، وتذكرنا بمن سبقونا من قديسين وشهداء، تعلمنا ان نذكرهم كأمثلة حية أمام عيوننا ذاكرين مرشدينا الذين كلمونا بكلمة الحياة لكي نسلك مثلهم "اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله. أنظروا إلى نهاية سيرتهم فتمثلوا بإيمانهم" (عب 13: 7) حتى تكون لنا الدالة أن نطلب منهم أن يذكرونا هم أيضًا أمام ملك المجد لكي يتمم حياتنا بخير وسلام ونترك هذه الأرض المليئة بالشرور والشكوك على الإيمان المستقيم الذي بلا اي انحراف أو فكر خاطئ يبعدنا عن خلاصنا الذي اتمه السيد المسيح بموته على عود الصليب. لذلك وضعت الكنيسة قطعة نصليها بعد صلاة مجمع الآباء القديسين نقول فيها [اولئك الذين اخذت نفوسهم نيحهم في فردوس النعيم في كورة الأحياء إلى الأبد في أورشليم السمائية، في ذلك الموضع، ونخن أيضًا الغرباء في هذا المكان، احفظنا في إيمانك وانعم علينا بسلامك إلى التمام].

St-Takla.org Image: Our humble God, Jesus Christ washing the feet of the disciples. صورة في موقع الأنبا تكلا: إلهنا المتواضع، السيد المسيح يغسل أرجل التلاميذ.

St-Takla.org Image: Our humble God, Jesus Christ washing the feet of the disciples.

صورة في موقع الأنبا تكلا: إلهنا المتواضع، السيد المسيح يغسل أرجل التلاميذ.

- هكذا يحا الانسان المسيحي غريبًا على الأرض لأنه مخلوق سمائي تغرب فترة قصيرة على الأرض المطرود إليها، ولكن بتجسد السيد المسيح وتأنسه وصلبه وقيامته، فدانا من عقوبة الطرد وأعادنا إلى الفردوس موطننا الأصلي، والانسان الغريب في مكان ليس وطنه يجب عليه ان يظهر سلوكًا طيبًا يمتدح به، فهو يعيش وسط غرباء منه -[مسقط رأسه] كما يقولون- فإذا كان الانسان المسيحي مسقط رأسه هو الفردوس الذي خلق فيه والمعمودية التي ولد منها ميلادًا روحيًا ثانيًا من الماء والروح، فكيف يظهر بأي سلوك عالمي وأي مظهر مخالف لهذين المكانين؟ ولذلك تقول لنا صلاة القسمة هذه المقولة الحقيقية [بصوت متواضع يليق بالمسيحية].

← انظر كتب أخرى للمؤلف هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

- فالمسيحية التي منشأها السيد المسيح اصبحت موجودة بوجود السيد المسيح وتعاليمه السامية التي لا يختلف عليها أحدًا على الأرض، حتى الملحدين وعابدي الأحجار وغيرهم.... وهو بفمه الإلهي الطاهر قال "... تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم" (مت 11: 29). فالإتضاع ليس بعض حركات تصدر من بعض الأشخاص ولكنه حياة داخلية تترجم في تصرفات خارجية... ليست تمثيل ولا تنميق كلمات زائفة سرعان ما تذهب مع الريح في بعض المواقف الحازمة، فيظهر الصوت العالي والعصبية والانتهار والتوبيخ والكلمات الجارحة التي تدمي قلب من ترشق له، فقد ذكر عن السيد المسيح ".... لا يصيح، ولا يرفع، ولا يسمع احد في الشارع صوته، قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيله مدخنة لا يطفئ حتى يخرج النور من الظلمة" (إش 42: 3،2)، هذا هو مسيحنا، وهذه هي مسيحيتنا، والواجب أن يكون هذا هو كل مسيحي، فالمسيحية تعلمنا الفضيلة والسلوك بالروح والهدوء والسكينة الداخلية، ولا تحثنا على الضوضاء والصخب أو الصوت العالي أو المناداة بالحقوق بالتجمهر والتظاهر والشجار وأعمال العنف وما إلى ذلك، ولكننا نحمل اسم المسيح المتواضع الهادئ الوديع، ذو القلب المحب لأعتى الخطاة، بل إلى أعداؤه، فهو لم ينتقم من صالبيه ومن جلدوه واسهزئوا به، وهو الذي يقدر ان يطلب من أبيه فيأتي بأثنى عشر ألف ملاك يحاربوا عنه وهذا ما قاله لبطرس حينما رفع سيفه وقطع به اذن العبد ملخس "ثم أن سمعان بطرس كان معه سيف، فإستله وضرب عبد رئيس الكهنة، وقطع اذنه اليمنى وكان اسم العبد ملخس" (يو 18: 10).

- بل كان من الممكن ان يطلب ان تنزل نار من السماء فتلتهم هؤلاء المفترين عليه.

- وكان يقدر ان يعمي ابصارهم لكي لا يروه في البستان فلا يقبض عليه، ويفر ويهرب... ولكن مما يهرب؟ هل يهرب من خلاصنا الذي دبره بإرادته ومحبته الكاملة للبشر؟

- هل دافع عن نفسه بصوت عالي وانتهار لهيرودس وبيلاطس؟

- هل وجه أي اتهامات لغيره، بغرض تبرئة نفسه كما نفعل نحن في بعض الأحيان؟

- أحبائي... ليتنا نراجع أنفسنا في سلوكياتنا وتصرفاتنا اليومية، ونرى هل كان ما يصدر منا يليق بالمسيحية والمسيحيين؟ أم شاكلنا أهل العالم في سلوكهم واسلوبهم واحاديثهم وافعالهم....


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/humble-voice.html

تقصير الرابط:
tak.la/vc2n44h