St-Takla.org  >   articles  >   fr-botros-elbaramosy  >   a
 

مكتبة المقالات المسيحية | مقالات قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات الراهب القمص بطرس البراموسي - تاريخ المقال: 9 مارس 2019 م.

 135- الصوم الصوم للنفس ثبات

 

St-Takla.org Image: In watchings in fastings (2 Corinthians 6: 5) - St. Paul the Apostle - by James Shaw Crompton صورة في موقع الأنبا تكلا: في أسهار، في أصوام (2 كورنثوس 6: 5) - بولس الرسول القديس - للفنان جيمز شو كرومبتون

St-Takla.org Image: In watchings in fastings (2 Corinthians 6: 5) - St. Paul the Apostle - by James Shaw Crompton

صورة في موقع الأنبا تكلا: في أسهار، في أصوام (2 كورنثوس 6: 5) - بولس الرسول القديس - للفنان جيمز شو كرومبتون

نقول في مطلع مديح الأحد الأول من الصوم الكبير [الصوم الصوم للنفس ثبات، طوبى لِمَنْ صام عن الزلات، ذاك يخلص من كل الضربات، ويرث ملكوت السموات]، ولعل هذا الكلام أرادت به الكنيسة تنبيه أذهاننا إلى حقيقة الصوم، فليس صومنا المسيحي وبالأخص الأرثوذكسي يتقلص في الامتناع عن بعض الأطعمة الدهنية والبروتينية وغيرها من المسميات، والتي أدخلت البعض في دائرة البحث عن البدائل المستترة تحت مُسمى منتجات صيامي، ولكن آخذة نفس الشكل والطعم "الفطاري" المُحبب لحاسة التذوق، وترك البعض العمق الروحي، والهدف الأسمى للصوم، وهو صوم الحواس والصوم عن الزلات والسقطات والخطايا، واِنشغلوا في بحث المفيد والضار، والمحبب والشهي للفم والتذوق، ووقفنا على منحدر عالٍ نتدحرج من عليه مثل الكرة التي ليست لها أيَّة إرادة إذ تخضع إلى قانون الجاذبية الأرضية، هكذا الجسد يضع النفس مثل هذه الكرة التي تتدحرج إلى أسفل خاضعة إلى قانون الملاذ الأرضية (الجسدية)، أقول ذلك ولا ألغي أن للجسد احتياجاته الغذائية من العناصر المفيدة والضرورية، لئلا أحد يظن أنني أتكلم من كوكب عالٍ أو قد صرت من الآباء النساك الذين سيطروا وأحكموا لجام الجسد، ولكننا جميعًا تحت الضعف الجسدي والأنين منه، والجهاد ضد سيطرته على الإنسان وربطه بكل ما يدمر الروح، فالعلاقة العكسية المعروفة لدى الجميع بين الروح والجسد ستظل معنا إلا أن نلبس صورة السمائي وننحل من هذا الجسد الفاني لكي نسبح في عالم الروح ونرتقي من الجسد إلى الروح ومن الترابي إلى الروحاني، ومن الأرضي إلى السمائي....

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

أعزائي، فلنتيقظ إن الشيطان "عدو البشر"، لا يأكل ولا يشرب مطلقًا، فقد يصحبك في رحلة صومك ويشجعك على بدء الصوم من أول يوم، ولا يغرس داخلك فكر رفض الصوم، ولكنه بكثرة حيله وأضاليله، يتركك تبدأ الصوم بصورة بسيطة وسهلة وسلسة واشتياق للصوم مثلك مثل الجميع الذين بدأوا الصوم من أوله، ولكن لعدم الحرص والإفراز للأفكار، قد يُحوﱢل فكرك واهتمامك وشغلك الشاغل إلى ماذا آكل ومتى آكُل، وهل نوعية المأكولات مفيدة أم ضارة، ويُدخلك في صراعات فكرية وحسابات عقلية فيما هو متوفر وممنوع، وما هي البدائل، وأنواعها وكمياتها، وما هو المُنتَج الأكثر لذة في طعمه، وما هو المُنتِج الأكثر شهرة وضمانًا لهذه المأكولات أو يضع أمامك مئات التبريرات والأسباب، وتجد فكرك مشوشًا بما هو بعيد عن هدف الكنيسة من الصوم، فالكنيسة لم تضع الصوم بطول وقته لتعذيب أبناءها أو إكراههم فيه، أو لكي يأخذ البعض منهجًا غريبًا وفكرًا منافيًا لما هو روحي بأن يقول البعض أن أسبوع الاستعداد سوف أقوم بتناول كل الأغذية التي سوف أُحرم منها باقي فترة الصوم، أو يقول البعض أنا يكفيني أن أصوم ابتداء من أحد النصف [الأحد الرابع – أحد السامرية] وعليه قد يهربون من حضور القداسات لئلا يسمعوا صوتًا حاثًا لهم بضرورة الصوم، ويقوم ضميرهم بعمله الأساسي وهو التأنيب على الخطية والتقصير والتهاون... أو ما إلى غير ذلك من الأسباب.. وقد يتوهم البعض أن الصوم سوف يقضي على البقية الباقية من صحته، فيدخرها إلى زمن تنفق فيه، وهو يتناسى أن العمر والصحة والموت والمرض في يد الله وحده، وليس في تناول الأطعمة من عدمه، هنا وتذكر سير الآباء القديسين آباء الرهبنة والوحدة أن أحد الآباء كان يبل كل أسبوع مقدار حفنة من الترمس وكان يتغذي بها يومي السبت والأحد، وكان يلقي قشر الترمس في مجرى الماء الساكن بجانبه، وكان يسكن بعده بمسافة أحد الآباء الذي كان ينتظر هذا القشر الطافي على وجه المياه فيلتقطه ويتغذى عليه يومي السبت والأحد من كل أسبوع كذلك، ولم يُذكر أن صحة مَنْ تناول الترمس كانت أقوى مِمَنْ تناول قشر الترمس فقط، ولا أن أحدهم ضعفت صحته عن الآخر، فالصحة والقوة ليست بالأكل أم من عدمه، فالله هو الواهب لها، وهو الذي يسمح لها بأي وهن أو ضعف.

وقد يأخذ البعض كما نسمع فترة الصوم أنها فترة للدايت (للرچيم diet regime) ويقول سوف أنتهز فرصة الأكل الصيامي لكي أُنقص وزني بمقدار عدد كيلو جرامات معينة، يضعه هدفًا له للصوم، فيهتم بكل فكره، في ترتيب نوعية الأكل وكميته لإنقاص وزنه الجسدي، ولا يهتم بنفس المقدار أو أقل منه في إنقاص وزن الخطايا والرذائل والزلات، عجبًا على مَنْ ينتهج هذا الفكر، ويُحوﱢل الممارسة الروحية إلى جسدية أيضًا... ويكون أغلق على نفسه سجن الجسد بيديه وإرادته. بل وأحكم إغلاقه، فالمديح يُذكرنا بذلك ويقول [طوبى لِمَنْ صام عن الزلات]، فيكون هدف الصوم هو هدف وهمي – كما تكلمنا عن ذلك في مقال سابق هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

هنا وأُوفر الكلام عن هذا الفكر لأن الجميع يعلم أن هذا ليس هدفًا للصوم الروحي الذي هدفت منه الكنيسة بوضعه وبطول أيامه والتدرج في قراءاته... فالصوم هو ثبات للنفس، والطوبى هي لِمَنْ يصوم عن الزلات، وهذا لا يلغي الصوم الجسدي إذ ينحرف أحد في فِكره ويقول الأكل ليس هو هدف أو سبب ولكن سوف أُصوﱢم ذهني ولكنني سوف آكل كل شيء في أي وقت من السنة ولا ألتزم بالصوم، ويكون الشيطان بذلك لعب على كل الأوتار لكي يُخرج الإنسان بل ويحرمه من بركة الصوم وبركة الطاعة والخضوع لطقس الكنيسة بروح وفهم وعقل، وحرمه أيضًا من نمو روحه بضعف جسده أمام الأكل الكثير وشهوته، فاحذر أيها الحبيب من تلاعب ومراوغة الشيطان في حربه معك ضد الصوم، واهتم بإنقاص زلاتك بنفس مقدار اهتمامك بإنقاص وزنك، واُطلب من الله أن يعطيك حكمة وإفراز في ممارساتك الروحية جميعها..

ولنترك الحديث لمقال آخر..


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/fasting.html

تقصير الرابط:
tak.la/99yyprm