عاش الآباء الإيمان "...المُسَلَّم مرة للقديسين" (يه 3) بحقيقته وجوهرة وليس بشكله الخارجي فقط...
- وقد كانت العقائد المسيحية ليست إيماناً مُسَطَّر في صفحات الكتب ولكنه كان روحاً ينير داخلهم ويسطع على الكل خارجهم، عاشوا بما يقرأون وعملوا بما يعلمون قبل أن ينطقوا به.. وهكذا وضح لنا قيمة إيمانهم الراسخ حتى أننا نرى في تاريخ الآباء البطاركة ما يذكر عن قوة الصليب في حياة البطريرك الأنبا متاؤوس البطريرك 87 من تعداد بطاركة الإسكندرية. تقول القصة المذكورة عنه والتي توضح قوة الصليب في حياته [أتاه يوماً أحد كتبة ديوان السلطان برقوق وهو مضطرب وقدم له خمسمائة دينار وقال له "يا رجل الله تقبل مني هذا المال وصلي من أجلي، لأن السلطان برقوق يريد قتلي اليوم ولا أجد مخرجاً من هذه الورطة". فأجاب البابا القديس الحكيم "احتفظ بذهبك لنفسك لأن الصلاة التي بالذهب لا قيمة لها، وإن أردت أن تخلص أعد الذهب إلى مكانه وخذ صليبي ومنديلي معك، وادخل بهما إلى حضرة السلطان". ثم صلى على رأس الرجل وأعطاه الصليب والمنديل. وأطاع الكاتب أمر البابا، وذهب إلى السلطان الذي كان في شدة الغضب، ولكن ما أن رأى كاتبه حتى هدأت نفسه وأصغى إليه، لقد حدث تحول عجيب لم يكن يعرف سره إلى الكاتب والبابا متاؤوس].
- فهذه قصة واقعية توضح لنا قوة الصليب وعمله العجيب.
وفي
قصة القديس الأنبا برسوم العريان وهو ابن كاتم سِرّ شجرة الدر - فقيل عنه إنه
توحد في مغارة خارج مصر القديمة لمدة خمس سنوات، ثم ترك المغارة وقصد
كنيسة أبي سيفين بمصر القديمة ليسكن في حجرة أشبه بمغارة منخفضة عن سطح الأرض.
وحينما دخلها لأول مره وجد بها ثعباناً ضخماً. فرسم نفسه
بعلامة الصليب، وكذا على الثعبان وردد مزمور داود "تطأ الأفعى وملك الحيات،
وتسحق الأسد والتنين" فلبد الثعبان في ركن المغارة. ثم قال له القديس "من ألان تكف
عن إزاء الناس وتخضع لي للسلطان الذي منحه إياي ربي عليك" عملاً بوعد السيد المسيح
القائل: "ها أنا أعطيكم سلطاناً لتدوسوا الحيات والعقارب وكل قوة العدو ولا
يضركم شيء" (لو 19: 10).
- ولذلك يقول مارافرام السرياني: [بدلاً من أن تحمل سلاحاً أو شيئاً يحميك، أحمل الصليب واطبع صورته على أعضائك وقلبك، وارسم به ذاتك - لا بتحريك اليد فقط، بل ليكن برسم الذهن والفكر أيضاً].
- والقديس أنبا انطونيوس أب الرهبان كان دائماً متسلحاً بعلامة الصليب وبالتواضع فنراه يقول [أن الشياطين توجه هجماتها المنظورة للجبناء، فارسموا أنفسكم بعلامة الصليب بشجاعة، ودعوا هؤلاء يسخرون من ذواتهم. وأما أنتم فتحصنوا بالصليب].
- ويوضح لنا القديس يوحنا ذهبي الفم أهمية علامة الصليب في حياتنا بقوله:
[إن
علامة الصليب التي كان الناس يفزعون منها قليلاً، صار كل واحد يتنافس عليها،
حتى صارت في كل مكان بين الحكام والعامة، بين الرجال والنساء، بين المتزوجين وغير
المتزوجين، بين الأسري والأحرار. الجميع يضعونها في كل موضع كريم ومكرم، ويحملونها
يومياً، وكأنها منقوشة على جباههم كما على عمود. نراها على المائدة المقدسة، وفي
رسامة الكهنة. نراها متألقة فوق جسد المسيح في العشاء السري، وفي كل مكان يمكن
للإنسان أن يلاحظه، يُحْتَفَى بها في البيوت، في الأسواق، في الصحاري، وفي الطريق
العالية فوق الجبال، في شقوق الأرض، فوق التلال، وفي البحر، في السفن وفي الجزر، في
العربات، في الثياب، فوق الآنية الذهب والفضة، على أجسام الأشخاص الذين بهم أرواح
نجسة ... في الحرب والسلم، نهاراً وليلاً. في تجمعات النساك، وهكذا يتنافس الجميع
في ألبحث عن هذه الهبة العجيبة والنعمة التي لا يُعَبَّر عنها].
وختاماً لهذا المقال لا أجد أروع مما ذكره القديس أوغسطينوس الذي يعبر عن فكره وحياته وإيمانه بالصليب يقول [نحن نعرف أعضاء المسيح، أنهم أعضاء المسيح حقيقية، بحملهم علامة الصليب] وهكذا لخص لنا، بل افهمنا قول السيد المسيح "مَنْ لا يأخذ صليبي ويتبعني فلا يستحقني" (مت 38:10)، "إن أراد أحد أن يأتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبعني" (مت 24:16).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/articles/fr-botros-elbaramosy/a/cross-fathers-faith.html
تقصير الرابط:
tak.la/79w6gmj