التالي هو جزء من رد عن سؤال يحمل عنوان "هل نشترك في الانتخابات أم نمتنع حزنًا على شهدائنا"(1)، من ضمن الأسئلة التي أجاب عليها قداسة البابا في عظة الأربعاء الموافق 9 نوفمبر 2011 في محاضرته الأسبوعية بالقاهرة، نضع الرد هنا في إطار قسم التوعية الوطنية بموقع الأنبا تكلا، لتفيد الكثيرين..
فيقول قداسة البابا شنوده الثالث في هذا الإطار:
أنا أريدكم جميعًا أن تشتركوا في هذه الانتخابات -واحد واحد، وهيئة هيئة- بذلك تثبتون وجودكم الوطني، ويشعر الجميع أن لكم وجود، ولا أقصد مجرد وجود؛ بل وجود فَعّال، وأعني بكلمة "وجود فعال"، أنه وجود له تأثير في حياة البلد..
إذا لم تذهبوا للانتخابات، تكونون مثل الجثة المُهْمَلَة، لا يحترمها أحد، ولا يشعر أحد بوجودها؛ فالانتخابات ستتم سوءًا اشتركتم فيها أم لم تشتركوا.. يجب أن تعوا ذلك جيدًا، أرجوا ألا تخلطوا العواطف بشيء من الكسل.
أيضًا وجودكم في الانتخابات يحفظ التوازن بين الاعتدال والتطرف، فجميعكم معتدلون، ووجودكم سيؤدي إلى التوازن المطلوب.
أريدكم أن تختاروا مَنْ يهتم بكم، ومَنْ يشارككم المشاعر بقلبه، لا أقصد انتخاب الأقباط بالذات، بل أقصد أن تنتخبوا المسلم الذي يحبكم ويهتم بكم ويدافع عنكم.
في ذهني كثير من الأخوة المسلمين المحبين الذين يهتمون بكم أكثر من اهتمامكم بأنفسكم، وأتذكر عبارة جميلة سمعتها من بعضهم، حيث قالوا: "نحن لا ندافع عن مطالب الأقباط، نحن ندافع عن حقوق الأقباط"، فكلمة "مطالب" قد تحتمل أن تكون مطالب مقبولة أو غير مقبولة، قانونية أو غير قانونية، وقد تأتي المدافعة عن المطالب بنتيجة أو لا تأتي. ولكن المدافعة عن الحقوق لا تحتمل المناقشة، لذا نشكرهم على كل هذا..
لذلك أريدكم بعقل منظم أن تنتخبوا من هم معروفون بجدارتهم، وبهذا الشكل، تنفعوا البلد باختياركم للأشخاص النافعين.
وإدلاء الصوت في الانتخابات هو واجب وطني، (كما أوضحنا هنا في موقع الأنبا تكلا)، المُقَصِّر فيه هو مقصر في حق الوطن لأن من حق الوطن أن تختار النافعين، أيضًا مشاركتكم في الانتخابات سند لكم لتأخذوا حقوقكم، فكيف للكنيسة أن تدافع عنكم إذا لم تثبتوا وجودكم؟! لا بُد أن تثبتوا وجودكم حتى تستطيع الكنيسة الدفاع عنكم. وهو أيضًا واجب أيضًا روحي، وسوف يسألنا الجيل المقبل عما فعلناه في هذا الجيل. أرجو أن يكون هذا الدرس نافعًا لكم، استعدوا كلكم للطريقة التي تبدون بها أصواتكم..
ليس هناك خطأ في المطالبة بالحق، لئلا يظن أحدكم أن عدم الانتخاب نوع من الزهد والنسك أو الاستسلام، الله لا يرضى عن هذا.
أتذكر أن بولس الرسول في أحد المرات كان سيتعرض للجَلْد، فنظر للأمير الذي يريد أن يجلده قائلًا: "هل يجوز لكم أن تجلدوا رجلًا رومانيًا غير مقضي عليه؟!"، (نص الآية هو: "أَيَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَجْلِدُوا إِنْسَانًا رُومَانِيًّا غَيْرَ مَقْضِيٍّ عَلَيْهِ؟!") (أع 22: 25). فالرجل الروماني لكي يعاقب لا بُد أن يكون هناك حكم قضائي. وغياب الحكم القضائي يدل على وجود خطأ ما، فارتبك الأمير وسأله: "هل أنت رجل روماني؟"، والنص هو: "قُلْ لِي: أَنْتَ رُومَانِيٌّ؟"، فأجابه بولس الرسول: "نَعَمْ"، فقال له الأمير: "لقد أخذت الجنسية الرومانية بدفع نقود، وأنت كيف أخذتها؟" (النص هو: "فَأَجَابَ الأَمِيرُ: «أَمَّا أَنَا فَبِمَبْلَغٍ كَبِيرٍ اقْتَنَيْتُ هذِهِ الرَّعَوِيَّةَ»")، فرد عليها بولس الرسول: "أنا ولدت فيها" (النص هو: "أَمَّا أَنَا فَقَدْ وُلِدْتُ فِيهَا")، فبدأ الأمير في إصلاح أموره حتى لا يقع في الخطأ.
مرة أخرى أراد واليًا من الولاة الآخرين، أن يسلم بولس الرسول لليهود، لكي يفتكوا به، فنظر إليه بولس قائلًا: "أَنَا وَاقِفٌ لَدَى كُرْسِيِّ وِلاَيَةِ قَيْصَرَ.. إِلَى قَيْصَرَ أَنَا رَافِعٌ دَعْوَايَ!"، فأجابه قائلًا: "إِلَى قَيْصَرَ رَفَعْتَ دَعْوَاكَ. إِلَى قَيْصَرَ تَذْهَبُ!" (سفر أعمال الرسل 25: 10-12). كم من الضربات والإهانات التي قابلها بولس الرسول، لكنه في وقت اللزوم، كان يدافع عن الحق ويعطينا درسًا في الدفاع عن الحق، المهم أن تطالب بحقك دون أن تخطئ، الخطأ هو أن تطالب بحقك بطريقة خاطئة، ويقول الكتاب: "تغضبون ولا تخطئون". ونص الآية: "اِغْضَبُوا وَلاَ تُخْطِئُوا" (رسالة بولس الرسول إلى أهل أفسس 4: 26).
أرجو من الآباء الكهنة والآباء الأساقفة أن يساعدوا الناس على الإدلاء بأصواتهم.
_____
(1) إعداد: موقع الأنبا تكلاهيمانوت www.st-takla.org (م. غ.) - مراجعة لغوية: سامي فانوس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/sktj5kn