إنها حرب روحية أخرى تصيب البعض ممن تضعف نفوسهم، وهي خوف الناس.
وقد لا يخافون الله، مثلما يخافون الناس، ويخشون أذاهم!!
يتصورن في الناس قوة قد تبطش بهم، أو تضيع مستقبلهم، أو تتعبهم وتؤذيهم، أو تخدش سمعتهم، أو تقف في طريق آمالهم... لذلك هم يعملون للناس ألف حساب...
ويستغل الشيطان خوفهم من الناس لكي يلقبهم في المقل والرياء والنفاق.
يظنون أنهم بتملق الناس يكسبون محبتهم ورضاهم عنهم، أو على الأقل بهذا الرياء يبعدون أذيتهم عنهم. وهكذا ترخص نفوس الناس، ويهبط مستواهم. ولا مانع من أجل إرضاء الناس أن يقولوا عن المر حلوًا، وعن الحلو مرًا، وأن يعادوا من يعاديه هؤلاء، ويصافوا من يصادقوه!!
وتضيع المبادئ والقيم في طريق الخوف، بل قد يضيع الإيمان نفسه!! وقد يقع الإنسان في خيانة أحبائه خوفًا.
وينسى قول الكتاب: "ينبغي أن يطاع الله أكثر من الناس" (أع5: 29) وينسي أيضًا قول الوحي الإلهي: " مبرئ المذنب، ومذنب البريء، كلاهما مكرهة للرب" (أم17: 15). ويصبح كل ما يشغل هذا الخائف هو كيف ينجو أيًا كانت الوسيلة أو متعبة للضمير.
وفي الخوف، وفي صغر النفس، لا يذكر إلا تلك العبارات...
أرضهم، ما دُمت في أرضهم.
ودارهم، ما دمت في دراهم.
وحيهم، ما دمت في حيهم.
يفعل ما يفعلون، يقول ما يقولون، ولا مانع من أن يتقلب مع الجو.
إن الخوف يجرفه مع التيار فيسيره الخوف وليس الضمير.
وقد تعاتب هذا الإنسان، وتذكره بالمبادئ الروحية، فيقول لك: [ماذا أفعل؟ حياتي في يد هؤلاء]! فإذا قلت له: بل حياتك في يد الله وحده تكون كمن يتكلم كلامًا نظريًا بعيدًا عن الواقع والحياة العملية.
حقًا، ما أكثر الذين حطمهم الشيطان بالخوف. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وكان إيمانهم القلبي أقل بكثير من المخاوف الخارجية.
وكثيرون عبدوا البشر وليس الله. لا بسبب خوفهم من الأذى فحسب، إنما أيضًا لخوفهم من أن تضيع شهوات لهم أو مكاسب عالمية، هي في أيدي هؤلاء الناس، يمنحونها أو يمنعونها..! والذي يشتهي يخاف أن يفقد ما يشتهي، فيسير في التيار.
هؤلاء لم يخافوا فقط من رؤسائهم في العمل، أو مصادر المادة بالنسبة إليهم، إنما كذلك مصادر متعتهم!!
وهنا ما أكثر أخطاء الساقطين: محبة المتعة خطأ. والخوف من فقد هذه المتعة خطأ آخر. وتملق من يخافون أن يفقدهم متعتهم خطأ ثالث. واستمرارهم في هذا الخوف، من أجل استمرار المتعة خطأ رابع.. وهكذا دواليك...
وقد يخاف البعض من يخشون أن يكشفوهم في أخطائهم.
فإما أن يعاملوهم بخوف، في مجالات للإرضاء والإسكات. وإما أن يقودهم الشيطان إلى التخلص بجريمة من هؤلاء!
كالسارق الذي يقتل من يراه وهو يسرق. وكالزاني الذي يقتل من قد يفضح خطيئته. ولا يكون القاتل في هذه الحالة في مركز القوة، إنما على العكس: في مركز الضعف والخوف..
والناس عمومًا يخافون من هم أقوى منهم.
سواء من هم منهم عقلًا، أو أقوى منهم بطشًا، أو أقدر على الانتقام، أو على تدبير المشاكل.
والخوف من الناس يزيدهم إيذاء.
يشعرون أن الذي أمامهم غير قادر عليهم، فيقدرون هم عليه، أو يستمرون في تخوفهم له. وفي خوفه، يخضع بالأكثر. وفي خضوعه يزداد إيذاء من يخيفونه. والدائرة دور..
وبنفس الطريقة يسلك الشيطان مع الناس. فلينتقل إلى هذه النقطة: الخوف من الشيطان.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/k62dv24