يريد أن تكون ذاته باستمرار كبيرة وعظيمة، ولكنه يخطئ في الوسيلة إذ يسعى إلى ذلك بطريقة خاطئة.
فهو يريد أن تكون نفسه كبيرة من الخارج، وليس في الداخل.
كبيرة من الخارج، أي بمظاهر خارج النفس، كالمناصب والألقاب، والغني والشهرة، ومديح الناس، وكل هذه الأمور لا علاقة لها بطبيعته النفس ونقاوتها، بل هي ضدها وتدل على جهل وعدم فهم. بينما يقول لنا الوحي في المزمور:
كل مجد ابنه الملك من الداخل (مز45).
على الرغم من أنها" مشتملة بأطراف موشاة بالذهب، ومزينة بأنواع كثيرة" (مز44).
فما هو هذا المجد الداخلي، لمن يريد لنفسه أن تكون كبيرة حقًا، وبطريقة روحية؟
المجد الداخلي، هو أن تكون الذات صورة الله ومثالة، كما سبق الله وخلقها على شبهه (تك1: 26، 27).
المجد الداخلي للذات هو أن تشتمل بثمار الروح التي هي محبة فرح سلام وداعة لطف... إلخ. (غل5: 22). وأن تكون الذات نقية قديسة طاهرة بلا لوم في كل شيء، متضعة هادئة رحيمة حكيمة... فهذا هو المجد الحقيقي والذي يوصل نفسه إلى هذه الفضائل فهو الذي يحب نفسه محبة حقيقية روحية.
أما كسب المديح للذات، وتمجيدها من الخارج. وأما السعي إلى احترام الناس لهذه الذات. وتقديرهم لها. فهي أمور خارجية، من المفروض في الإنسان الروحي أن يرتفع عن مستواها..
ما الذي تستفيده الذات روحيًا، إن مدحها الآخرون؟ وما قيمة هذا المديح بالنسبة إلى أبدبتها؟ وهل الكرامة الخارجية هي وسيلة روحية لتكبير الذات، أم هي حرب روحية يسقط فيها الكثيرون؟
من مظاهر هذه الحرب. ما يسمونه عبادة الذات، أو عشق الذات...
إذ يريد الإنسان أن تكون ذاته جميلة في عينية، جميلة في أعين الناس، بلا عيب أمامهم ولا نقص.. كما لو كان يؤمن بعصمة ذاته، أو بأنه لا يمكن أن يخطئ.
إنه إنسان معجب بذاته، كمن يحب باستمرار أن ينظر إلى مرآة، ويتأمل محاسنه.
مثل هذا الإنسان لا يمكن أن يحتمل إهانة، مهما كانت ضئيلة، ولا يحتمل نقدًا، ولا يحتمل أن يكمله أحد بصراحة.
إن هذا كله، يراه مشوهًا لصورته التي يريد لها أن تبقي جميلة رائعة أمام الناس وإذ لا يقبل الصراحة أو النقد، يبقي كما هو في أخطائه، ولا يصحح مسيرته، ولا يغير صفاته، وهكذا تكون محبة الذات سببًا في إبعاده عن النقاوة الداخلية.
وتكون محبة الذات هذه خطرًا على أبديته، لأنها ليست محبة حقيقية.
إنها محبة لسمعه هذه الذات. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ولصورتها أمام الناس، وليست محبة لأبديتها، ولا محبة لنقاوتها، إنها محبة غير روحية تشكل خطرًا، وتجلب ضررًا، ونستطيع أن نقول إنها ليست محبة، بل هي حرب روحية.
ومع ذلك، فإن محاولة تكبير الذات بمحبة مديح الناس، هي حرب يسقط فيها كثيرون..
والذي يحب المديح، لا يكتفي بمديح الناس، بل يتطور إلى أن يتحدث كثيرًا عن نفسه، ويمتدحها أمام الآخرين؟
وفي حديثه عن نفسه، لا يكون عادلًا، ولا يذكر حقيقية ذاته كاملة، فهو لا يتحدث إلا عن محاسن ذاته وانتصاراتها وأمجادها، وفي نفس الوقت يخفي ما فيها من عيوب، وإن أظهر له أحد هذه العيوب أو بعضها يحاول أن يبررها ويدافع عنها.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/5y4axb4