ما أكثر حيل الشياطين! إنها لا تنتهي. إن لم تصلح حيلة منها، يستبدها بغيرها، وبثانية وثالثة... إلى أن يصل إلى غرضه. وليست هناك خطة واحدة أمامه لتوصله. بل هو يتخذ لكل وضع ما يراه مناسبًا، دون أن يتقيد بشيء... على أنه من أشهر خططه الواضحة المتكررة، بضعة أساليب صارت معروفة ومحفوظة، نذكر من بينها ما يأتي...
ما أسهل أن يقدم لك الشيطان بعض الخطايا بأسماء غير أسمائها، بأسلوب يسهل قبوله. بحيث تلبس الخطايا ثياب فضائل...
وكما قال السيد الرب "يأتونكم في ثياب الحملان وهم ذئاب خاطفة" (متى 7: 15). فالتهكم على الناس والاستهزاء بهم، يقدمه على اعتبار أنه لطف وظرف، ومحبة ودالة، وخفة الروح، ومحاولة للترفيه... ! والدهاء يسميه باسم الذكاء... ! ويقدم لك القسوة في معاملة أولادك أو إخوتك الصغار، باسم التأديب والتربية والتقويم. ويجعل ضميرك يوبخك إن لم تؤدبهم. والتزين غير اللائق والتبرج، يقدمهما لك باسم الأناقة والنظافة.
إن الشيطان لا يقدم الخطية مكشوفة، لئلا يرفضها الإنسان.
بل يقدمها باسم آخر، وهي هي، ولا فارق... يقول إنني سأدخل مع (فلان) في حرب مسميات، وأسقطه فيما أريد، ربما دون أن يشعر... أو قد يشعر ولكن ضميره لا يبكته. لو أنني قدمت له الرياء بهذا الاسم المنفر، فلن يقبله. إذن ماذا أفعل؟ سأجعله مثل القبور المبيضة من الخارج (متى 23)، بحيث يكون في الداخل شيئًا، وفي مظهره الخارجي عكس ذلك تمامًا. ولكنني سأدعو الرياء باسم مقبول: أسميه عدم إعثار الآخرين، أو أسميه القدوة الحسنة. ليس من (الحكمة) أن يسمى الشيطان الخطية خطية، فيكشف حينئذ أوراقه، ولا يصل إلى هدفه! يقول السيد الرب في حديثه مع تلاميذه:
تأتى ساعة... يظن فيها كل من يقتلكم، أنه يقدم خدمة (قربانًا) لله!! (يو16: 2).
ويقينًا أن الشيطان قدم خطية القتل إلى هؤلاء، باسم "الغيرة المقدسة "أو "الدفاع عن الدين "أو "الجهاد المقدس" أو "تطهير الأرض من الخطاة". وربما كان هذا هو شعور الكتبة والفريسيين وشيوخ الشعب، في تقديمهم السيد المسيح للصلب. إن الذين انتهروا الأطفال ومنعوهم من الذهاب إلى المسيح (لو 18: 15)، ما كانت هذه قسوة في نظرهم، أو عدم اهتمام بالصغار، إنما لبس هذا التصرف ثياب الحملان، وتسمى باسم فضلة، ربما اسمها "حفظ النظام" أو "حفظ كرامة المعلم الصالح".
والكذب يمكن أن يقدمه الشيطان تحت اسم "الحكمة "!
يقدمه كنوع من حسن التصرف، أو إنقاذ المواقف. والطبيب قد يكذب على المريض مرات عديدة، ويسميها أمام ضميره "حفظ معنويات المريض"، وحمايته من الانهيار، لكي يشفى. والبعض يسمى بعض أنواع الكذب باسم "الكذب الأبيض". وربما يسميه في أول أبريل باسم: الدعاية أو الفكاهة والتندر، أو أي اسم مشابه.
وبهذا الشكل، ما أسهل على الشيطان أن يسمى الرقص فنًا!
ويسمى الصور العارية والماجنة فنًا أيضًا. وكذلك التماثيل التي من نفس النوع، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. ويدخل تحت هذا الاسم كل ما في السينما والمسرح من التمثيل مهما كان خاطئًا... وكل ما في الغناء والموسيقى، مهما كان معثرًا أو مثيرًا... وتحت اسم الفن يخفى الشيطان مجموعة كبيرة من الخطايا والعثرات، لا تستحق هذا الاسم الجميل!
إلباس الخطية ثوب الفضيلة، هو حيلة ماكرة من حيل الشيطان.
أتراه يدعو البخل بخلًا؟! ما كان أحد إذن يقبله. إنما الشيطان قد يسميه "حسن تدبير للمال "أو "حفظ المال لحاجة المستقبل "أو يسميه "عدم التبذير "أو "عدم الإسراف". وإذا أراد الشيطان أن يمنع غنيًا من أن يدفع للفقراء، يقول له: ليس من الخير أن تعدوهم الشحاذة، أو أن تعودهم التشرد والتواكل. إن عدم إعطائهم هو حكمة، وعين الحكمة، لكي يبحثوا عن عمل، ولكي يأكلوا من عرق جبينهم حسب وصية الرب الإله (تك 3: 19).
إعطاء الخطية اسم فضيلة، يجعل الناس يستمرون فيها...
فليس فقط من جهة الماضي، لا يتبكت الإنسان من ضميره. وإنما أيضًا من جهة المستقبل يستمر الخاطئ فيما هو فيه، بهذا الخداع من الشيطان.
أتراه كان يطلق اسم هرطقة على أفكار أريوس ومقدونيوس وسابيليوس وأمثالهم؟!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/zvrs72g