1- من صفات الإنسان الوديع إنه طيب وهادئ ومسالم:
إنه هادئ في صوته، لا يصيح ولا يحدث شغبًا... وهادئ أيضًا في معاملاته: لا يخاصم، ولا يقطع صلته بإنسان، ولا يحقد على أحد. قيل عن السيد المسيح في العهدين القديم والحديث إنه "لا يخاصم ولا يصيح، ولا يسمع أحد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف، وفتيلة مدخنة لا يطفئ" (مت 12: 19، 20) (اش 42: 2، 3).
إنه لا يقطع رجاء إنسان: فلا يطفئ الفتيلة المدخنة، ربما تمرَ عليها ريح بعد حين، فتشعلها.
قيل في لقائه مع إيليا النبي لما كان هاربًا من الملكة إيزابل، إنه "إذا بريح عظيمة قد شقَت الجلال وكسرت الصخور... ولم يكن الرب في الريح. وبعد الريح زلزلة، ولم يكن الرب في الزلزلة. وبعد الزلزلة نار، ولم يكن الرب في النار. وبعد النار صوت منخفض خفيف..." (1 مل 19: 11، 12). وكان الرب يتكلم...
2- هكذا هو صوت الله في وداعته، الصوت المنخفض الخفيف.
والإنسان الوديع إنسان هادئ، لا يرفع صوته أزيد مما يجب، ولا يعلو صوته أكثر مما تحتمل الحالة في الكلام. صوته هادئ غير صاخب. بعكس العنفاء الذين في كلامهم صخب. يتكلمون بصوتٍ عالٍ وبحدَة، وعنف... أحيانًا صوتهم يرعب...
3- والوديع: كما أن صوته منخفض، كذلك نظره منخفض أيضًا.
لا يحدق في أحد، ولا يحملق في أحد. تنطبق عليه عبارة "لا يمْلأ عينيه من وجه إنسان". وما دام لا يملأ عينيه من وجه إنسان، فهو يحتفظ بمعاملاته طيبة مع الكل، لأنه لا يفحص مشاعر الناس بنظراته، ولا يحاول أن يعرف ما بداخلهم. لأن محاولة معرفة الدواخِل تعكر المعاملات.
أما غير الوديع فإنه يكلم غيره، وينظر إلى عينيه أثناء كلامه ليرى هل هو صادق أم لا؟ وهل نظراته عكس كلامه؟ وهل ملامحه عكس كلامه؟ وهل هو يبطن غير ما يظهر؟ وهل... وهل...؟ مما يجعله يشك فيه...
4- أما الوديع فيكون في سلام مع الناس، لأنه لا يفحص ملامحهم وتصرفاتهم.
إن تعامل مع أحد لا يتناوله بالفحص والتحقيق، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ولا يتناول كل ما يعمله هذا الشخص بتحليل وتدقيق، ويصدر أحكامًا عليه!
وإن جلس مع أناس يأكلون، لا ينظر ماذا يأكلون وكيف؟ وأي صنف يأكلونه؟ وما الذي يحبونه أكثر من غيره؟ وهل يأكلون بسرعة أو بشهوة أو بنهم؟ ولا يرقبهم أثناء الأكل، كما لو كان يحصي كم لقمة يأكلونها.
5- إنه هادئ لا يفحص أعمال الناس ولا يراقبهم. ولذلك فهو لا يقع كثيرًا في إدانة الآخرين. يقول في داخله "ما شأني بذلك؟!"
فإدانة الآخرين تأتي غالبًا من فحص الآخرين ومراقبتهم. أما الوديع فيقول في نفسه "وأنا مالي؟ خليني في حالي". نعم ما شأني بكل هؤلاء؟! وما دخلي بتصرفاتهم؟! إن كان السيد المسيح قد قال في إحدى المرات "مَنْ أقامني قاضيًا أو مقسمًا؟" (لو 12: 14)... فماذا أقول أنا عن نفسي؟! ولماذا أتدخل في أمور لست مسئولًا عنها؟! ولماذا أقحم نفسي في أمور ليست من شأني؟! وهكذا يحتفظ بسلامه الداخلي.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/xq9933s