مثال المسيح:
إن ربنا يسوع المسيح، رب المجد، في كل عظمته وفي لاهوته غير المحدود، يقدم لنا مثالًا في ذهابه ليعتمد من يوحنا. ولما قال له يوحنا "أنا المحتاج أن أعتمد منك"، نراه يجيبه بعبارة كلها اتضاع "اسمح الآن" (مت3: 14، 15).
ما أعجب هذا السيد، يقول لأحد عبيده: اسمح الآن!!
وفي احترام الآخرين، نراه خاضعًا للناموس في كل شيء: عندما شفى الرجل الأبرص، قال: "اذهب أرِ نفسك للكاهن، وقدم القربان الذي أمر به موسى شهادة لهم" (مت8: 4). عجيب أن رئيس الكهنة الأعظم يقول له "اذهب أرِ نفسك للكاهن"!! إنه يعطي لكل ذي حق حقه... كذلك عندما دعا شاول الطرسوسي، أرسله إلى حنانيا (أع9). ولما قبل إليه كرنيليوس الأممي، أرسله إلى بطرس الرسول.
بل الأعجب من هذا كله، أنه حينما جاء يهوذا الخائن ليسلّمه بقبلة، قال له "يا صاحب لماذا جئت؟" (مت26: 50).
يقول للخائن "يا صاحب"، لأنه لا يريد أن يخدش شعوره!!
نفس الوضع في تعامله مع المرأة السامرية: لم يوبخها على خطاياها، ولم يحدثها عن التوبة والندم، بل كلمها إيجابيًا عن الماء الحي، وعن السجود لله بالروح والحق. ولما بدأ يمس حياتها الخاصة، قال لها "كان لك خمسة أزواج" (يو4: 18)، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وفي الواقع لم يكونوا أزواجًا لها، ولكنه تحاشى الوصف الجارح لعلاقتها بهم، حرصًا على شعورها. وحتى هذه العبارة بدأها بقوله لها "حسنًا قلتِ" وختمها بقوله "هذا قلتِ بالصدق...".
بنفس هذا الأسلوب الرقيق، لم يخدش شعور المرأة "المضبوطة في ذات الفعل" بل أنقذها من الذين يطلبون رجمها ولما مشوا، قال لها "ولا أنا أدينك. اذهبي ولا تخطئي أيضًا" (يو8: 2- 11).
وفي احترامه للأمومة، كان خاضعًا لأمه مريم وليوسف (لو2: 51).
ولما طلبت منه إجراء معجزة في عرس قانا الجليل -مع أن ساعته لم تكن قد أتت بعد- (يو2: 4)، استجاب لطلبتها، ونفذ لها ما أرادت.
وفي احترامه لتلاميذه، ولو أني لا أريد لاهوتيًا أن استخدم هنا كلمة احترام، ولكن عذري أن اللغة عاجزة عن التعبير، نراه يقول لهم:
"لا أعود أسميكم عبيدًا... لكني قد سميتكم أحباء" (يو15: 15).
بل أكثر من هذا سمّاهم أخوة له. وقال للمجدلية بعد القيامة "اذهبي إلى أخوتي وقولي لهم..." (يو20: 17). إنه لم يستحِ أن يدعوهم أخوة (عب2: 11) بل أكثر من هذا أيضًا، قال عنهم للآب "المجد الذي أعطيتني، قد أعطيتهم" (يو17: 22). وأعطاهم احترامًا في نظر الناس بالمواهب التي منحهم إياها...
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/p63r56v