إذا وصل الإنسان إلى التواضع في عمقه، لا يجد شيئًا يطلبه...
يقول للرب: ماذا أطلب، وأنت "لم تدعني معوزًا شيئًا من أعمال كرامتك". أنت يا رب ترعاني، فلا يعوزني شيء..." (مز23: 1). كل ما قد أعطيتني حتى الآن هو كثير على. أعطيتني فوق ما أطلب، وفوق ما استحق، بحيث أشعر بفيض منك، لا ينقصه شيء يزاد عليه.
ثم أنني يا رب لا أعرف ما هو الصالح لي لأطلبه...
أنت الذي تعرف ما أحتاج أنا إليه. تعرف ما ينفعني، وتعطيني إياه دون أن أطلب.
جرأة مني أن أذكرك بما يحسن في عينيك أن تعمله لأجلي، حسب وفرة حنان أبوتك. كل ما أطلبه هو أن تغفر لي خطاياي، كذلك أطلب ملكوتك في حياتي، كما سبق أن علمتنا "لا تهتموا بما للغد" "اطلبوا ملكوت الله وبره، وهذه كلها تزاد لكم" (مت6: 34، 33).
كذلك أنا يا رب في خجل أن أطلب، على الرغم مما اقترفه من خطايا!
استحي من الطلب، وقد خالفت الكثير من وصاياك، وقصرت في واجباتي من نحوك. ولم تعد لي دالة أطلب بها شيئًا. الخجل يغطي وجهي، وتذكر خطاياي يعقد لساني عن الطلب. أنت تعرف يا رب كل شيء.
وأيضًا كيف أطلب شيئًا جديدًا، وأنا لم أشكر على عطاياك السابقة؟!
أقول "باركي يا نفسي الرب، وكل ما في باطني ليبارك أسمه القدوس. باركي يا نفسي الرب، ولا تنسي كل إحساناته" (مز103: 1، 2). أنت يا رب قد أعطيتني الكثير والكثير، ولم أشكر بعد على كل ما غرقتني به من كرمك. فليتني أحيا حياة الشكر لا الطلب. أقول مع المرتل في المزمور: "بماذا أكافئ الرب عن كل ما أعطانيه؟! كأس الخلاص آخذ، وباسم الرب أدعو... قدام كل شعبه" (مز 116).
إن وضعنا أمامنا كل هذا، يستحيل على المتواضع أن يطلب العظائم!
إن كان ما معه كثيرًا عليه، فكيف يُعقل أن يطلب عظائم الأمور؟! فإن المتواضع لا يطلب المواهب العالية. لا يطلب أن يصنع القوات والعجائب، ولا أن يتكلم بالسنة (1 كو 12)، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. يقول لنفسه: إن كنت لم أسلك في المستوى الطبيعي العادي الذي يليق بأولاد الله، فكيف أطلب من الله ما هو فوق الطبيعة؟! وهل أنا أستطيع أن أحتمل تلك المواهب، أم تقودني إلى الكبرياء والمجد الباطل، إن حدث ونلت شيئًا منها...!
لذلك فالمتواضع "لا يرتئي فوق ما ينبغي أن يرتئي" (رو12: 3). ولا يطلب نصيبًا من الإيمان غير ما قسمه الرب له... لا شك أن الشخص الذي في صلاته يطلب العظائم والمواهب الفائقة، هذا يوجد في قلبه شيء من حب العظمة، شعر بذلك أو لم يشعر!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/z4y25c8