27 والإنسان المتواضع يكون دائمًا بعيدًا عن الغضب وثورة الأعصاب.
وكما قال القديس دوروثيئوس في ذلك "إن المتواضع لا يغضب من أحد، ولا يُغضب أحدًا".
فهو لا يغضب من أحد، لأنَّه باستمرار يأتي بالملامة على نفسه في كل شيء. وهو لا يُغضب أحدًا، لأنَّه يطلب بركة كل أحد، ولأنَّه يعتقد في أعماقه أنَّ كل أحد أفضل منه.
ولذلك نرى أنَّ الاتضاع يرتبط دائمًا بالهدوء والوداعة.
حقًا إنَّه ليس كل هادئ متواضعًا. ولكن كل متواضع لابد أنْ يكون هادئًا، وأنْ يكون وديعًا طيب القلب.
28 والمتواضع بطبعه سهل التعامل مع غيره بسيطًا في تعامله:
إنَّه لا يفترض باستمرار أنَّه على حق، وأنَّ مَنْ يعارضه على باطل. ولا مانع لديه من أنْ يتنازل عن رأيه إنْ ثبت له أنَّه خطأ. بل أيضًا يشكر مَن وجَّهَهُ إلى أنَّ ذلك خطأ، ويفعل ذلك بحب حقيقي.
وفي النقاش لا يُقاطع غيره، ولا يُسكِتَه لكي يتكلم هو. ولا يسخر من الآراء المعارضة له. ولا يحاول أنْ يتهكم على غيره. بل قد يُثبِتْ له خطأ فكره في لطف دون أنْ يَجرح مشاعره أو أنْ يُسيء إليه. فهكذا كان يفعل القديس ديديموس الضرير مدير الكلية الإكليريكية في حبرية البابا أثناسيوس. فاستطاع في حواره مع الفلاسفة الوثنيين أنْ يكسب الكثيرين منهم إلى المسيحية. وكانوا جميعهم يحبونه.
29 أيضًا المتواضع لا يرتفع قلبه مهما نَما في الروح وفي الفضيلة.
ومهما نال أيضًا من مواهب روحية. بل يعتقد باستمرار أنَّ كل الحياة الروحية التي صارت له، هي من عمل النعمة فيه، من عمل الروح القدس معه، عن غير استحقاق منه. وأنَّه بدون الله لا يقدر أنْ يعمل شيئًا (يو5:15). فعليه أنْ يشكر لا أنْ يفتخر.
والمتواضع يعرف أنَّه إذا افتخر بشيء ستتخلَّى النعمة عنه، لكي يشعر بضعفه، ويتضع أمام الله. ويذكر باستمرار قول الكتاب:
"قبل الكسر الكبرياء. وقبل السقوط تشامخ الروح" (أم18:16).
وهكذا يذكُر أنَّه "تحت الآلام" مثل غيره (يع17:5)، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. وأنَّه ليس أكبر من السقوط، وليس معصومًا منه. فإنَّ الخطية "طرحت كثيرين جرحى، وكل قتلاها أقوياء" (أم26:7).
30 لذلك فهو أمام جميع الخطايا لا يَفقد احتراسه، ولا يُقلِّل صلواته.
لا يقول عن بعض الخطايا إنَّها من النوع الذي يُحارب المُبتدئين، وليس النامين في الروح مثله!! وأنَّه أكبر من مستوى مثل تلك الحروب، أو أنَّه قد داس الشيطان تحت قدميه!!
بل هو -في كل محاربات الشيطان- يطلب معونة من الله، مُصليًا بقوة، مهما بدت الحرب بسيطة. ذلك لأنَّه لا يعتمد مطلقًا على قوته الخاصة ولا على انتصاراته السابقة.
31 والإنسان المتواضع لا مانع لديه من أنْ يستشير.
فالذي يستشير، إنَّما يشعر أنَّ هناك عند غيره ما ينقصه من معرفة. ولا يظن مطلقًا أنَّه غير محتاج إلى رأى أو حلول من غيره كما يفعل المتكبرون. بل هو يستشير ويعمل بالمشورة الصالحة، واثقًا أنَّه -مهما أوتي من علم وخبرة- هناك من هو أَعلَم منه في أمور معينة...
وحتى إنْ لم يستشر، وجاءه رأى صائب تطوَّع به أحدهم دون طلب منه، يأخذ الفائدة التي في هذا الرأي، مهما كان صاحب الرأي أصغر منه أو أقل شأنًا.
32 ومن صفات المتواضع الطاعة والاحترام لمَنْ هو أكبر منه.
سواء كان ذلك الكبير أكبر منه سنًا، أو أكبر منه مقامًا، أو أكبر منه في القامة الروحية أو في العلاقة الاجتماعية.
وعمومًا فالمتواضع لا يَستصغر أحدًا. فهو يُعامل الكل بلطف، حتى الصغار والخدم. ويرفع بذلك من روحهم المعنوية، ويُشعرهم بأنَّ نفوسهم كريمة في عينيه.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/gpc7d4w