1- إنسان. قبل أن يعرف المسيح كان غضوبًا... ثم تاب. ولكنه استبقَى معه الغضب!
قبل أن يتوب، وقبل أن يدخل في حياة لخدمة، كان يغضب، ويحتد، ويعلو صوته، ويشتم، ويتشاجر... ثم تاب، استبقى الكنعانيين في الأرض. ترك معه هذه الطباع كما هي وتراه في الخدمة، وعلم الرغم من مسئولياته الكثيرة فيها، يثور ويضج ويحتد، ويأمر وينهى بصوت عال، ويشعل الجو نار
وتعاتبه على غضبه، فيقول لك إنه الغضب المقدس...! أنا أغضب من أجل الله وحقوقه! وأثور من أجل إصلاح الأوضاع الخاطئة... من أجل الوصية... من أجل أن أعلمهم ماذا ينبغي أن يكون!
وفي الحقيقة إنه يثور، لأنه عاجز عن مقاومة الغضب داخله.
وفي الحقيقة ليس هذا غضبًا مقدسًا، لأنه ضد الوصية التي تقول "المحبة تتأنى وتترفق ولا تحتد" (1كو 13: 4، 5). وضد الوصية التي تقول "غضب الإنسان لا يصنع بر الله" (يع 1: 20). وأيضًا ضد الوصية التي تقول "ليرفع من بينكم كل مرارة وسخط وغضب وصياح... وكونوا لطفاء بعضكم نحو بعض" (أف 4: 31، 32).
والغضب المقدس يجب أن يكون مقدسًا في وسيلته أيضًا.
وليس فقط في هدفه وغرضه. فالذي يثور بهذا الشكل يدل على أن أعصابه ليست سليمة، ويعطي قدوة سيئة ومظهرًا غير مشرف للخدمة، ويدل على عدم نقاوة في الأسلوب وفي طريقة التعامل...
وكل ما في الأمر أن هذا الشخص استبقى معه بعض طباع رديئة وأراد أن يسبغ عليها صورة مقدسة، ويستخدمها بنفس أخطائها داخل الكنيسة. وأصبحت توبته وخدمته معثرة، وهي كمن يضع رقعة جديدة على ثوبه العتيق (متى 9: 16). وكان الأولى به أن يترك كل الغضب القديم بكل صوره. وهنا يسأل: وهل لا أدافع عن الحق؟ فنجيبه:
إذا أراد الله أن يعطيك غضبًا مقدسًا للدفاع عن الحق، فسيكون غضبًا آخر مختلفًا في الجوهر والصورة والأداء والتعبير.
سيكون غضبًا روحيًّا، غير غضبك العلماني هذا. تغضب فيه ولا تخطئ (مز 4).
لقد دافَعَت أبيجايل عن الحق لما كلمت داود، ولكن في أسلوب رقيق ومؤدب وحكيم (1صم 25). والسيد المسيح كشف للمرأة السامرية أخطاءها، ولكن بأسلوب روحي غير جارح (يو 4). (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وأولاد الله دائمًا يعبرون عن احتجاجهم على الخطأ بطريقة روحية ليس فيها صخب ولا ضوضاء ولا نرفزة، كل هذه الأمور التي من بقايا الكنعانيين في الأرض.
المشكلة هنا، هي أن المقاييس الروحية غير سليمة.
إن المقاييس التي تجيز هذا الغضب الخاطئ، وتعتبره مقدسًا من أجل الله، لا شك أنها مقاييس غير سليمة، أو هي مجرد تبرير لوجود خطية قديمة لم يتطهر منها القلب بعد، ولا تتفق مع حياة التوبة، ولا مع ما يليق بالتوبة من تواضع وانسحاق... ويمكن أن تتطور حتى تتلف روحيات الإنسان كلها، وكأنه لم يَتُب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9q7m7y9