لما اقترب مارمرقس إلى الإسكندرية، صلى إلى الله قبل أن يدخلها، لكي يردعه بالأسلحة الروحية اللازمة لمثل هذا الجهاد الذي كان مزمعًا أن يدخل في ميدانه.
ولما دخلها كان حذاؤه قد تمزق من كثرة السير في الكرازة والتبشير، فمال إلى إسكاف في المدينة اسمه حنانيا (انيانوس) الاسكافي ليصلحه له. وفيما هو يصلحه دخل المخراز في أصبعه فصرخ قائلًا "ايس ثيئوس" ις Θεος أي (يا الله الواحد). فرقص قلب الرسول طربًا عندما سمع هذه الكلمة، ووجدها فرصة مناسبة ليحدثه عن هذا الإله الواحد.
ولم يكن مناسبا أن يبدأ حديثا لاهوتيا مع إنسان مجروح متألم، فكان لابد أن يخلصه أولا من ألمه ثم يتحدث معه. وهكذا تفل على الطين ودهن به إصبع أنيانوس. وقال باسم يسوع المسيح ابن الله ترجع هذه اليد سليمة (4). فالتأم جرحه في الحال كأن لم يكن قد حدث له شيء.
فتعجب انيانوس جدًا من هذه المعجزة التي حدثت باسم يسوع المسيح وتفتح قلبه لكلمة الله. وهنا سأله الرسول عمن يكون هذا الإله الواحد الذي نطق به الإسكاف باسمة. فإجابة انيانوس: [إنني اسمع عنه سمعًا، ولكنى لا اعرفه] وبدأ الحديث الروحي من هذا الرسول العجيب الذي ينتهز كل فرصة ليعمل فيها عملا للرب. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). وما أن انتهى الإسكاف من إصلاح الحذاء وسلمه لمارمرقس، حتى دعاه أن يذهب معه إلى بيته ليكمل له هذا الحديث اللاهوتي الشيق الذي عز على الإسكاف أن ينتهي بإصلاح الحذاء.
ولما دخل مارمرقس إلى بيت انيانوس رشمه بعلامة الصليب وقال بركة الرب تحل في هذا البيت (5) ثم جلس معه ومع أسرته يحدثهم عن السيد المسيح فقال له أنيانوس أريد أن أراه، فقال له انيانوس: أريد أن أراه، فقال له سأريك إياه. واخذ يحدثهم عما ورد عنه في كتب الأنبياء وما حدث في تجسده ومعجزاته وصلبه والفداء العظيم الذي قدمه للعالم.
فآمن إنيانوس وأسرته وعمدهم مارمرقس. وكان هذا البيت هو باكورة المؤمنين في كرازة مارمرقس مصر.
__________________
4- Les Saints d’Egypte, I, P. 501
5- صار هذا البيت فيما بعد كنيسة باسم مارجرجس كما ورد في cuna[arion سنكسار 20 هاتور، وقى تاريخ البطاركة لابن المقفع.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/xv3j4vr