اللذَّة:
مشغوليات الإنسان تسيطر على وقته، فلا يعطيه لله، والعواطف تسيطر على قلبه، فلا يعطيه لله والبيئة قد تسيطر على إرادته، والعقل يسيطر على تفكيره. أما اللذة فإنها تسيطر على حواسه ثم تخدره كله، فلا عقله يفكر، ولا البيئة تستطيع أن تمنعه، كما أن هذه اللذة تصبح هي كل مشغوليته، وكل مجال عاطفته. إنها تملكه كله..
ولا يوجد أصعب من اللذة، تخدر الإنسان بالتمام، ولو لوقت!
إنها تستولي على إدراكه كله، أو تفقده إدراكه كله، فينسى كل شيء، ولا يدري بنفسه إلا مُنْقَادًا وراء هذه اللذة، التي تلفه في طياتها.
ولكل إنسان لذته الخاصة. أما الإنسان الروحي فلذته في الله وحده..
سليمان الحكيم عاش في ملاذ العالم زمنا، ومهما اشتهته عيناه لم يمنعه عنهما. وأخيرًا بعد أن أتعبته اللذة فترة طويلة، استيقظ إلى نفسه، وكتب سفر الجامعة وقال (الكل باطل، وقبض الريح، ولا منفعة تحت الشمس). والإبيقوريون كانت اللذة هدفهم، فأنكروا الله والروح والقيامة.
والمشكلة فيمَن تخدره اللذة، أنه لا يحب أن يستيقظ.
تريد أن توقظه منها، فيهرب منك، أو يقول لك (اتركني الآن. لم يحن الوقت بعد) إنه مسرور بالغفوة التي هو فيها. يقول لك: اتركني في نومي. فإن أحلام هذا النوم، أشهى من حرمان الواقع! إنه يريد أن يظل في هذا النوم على الرغم من ظلمته، لأنه يحب الظلمة أكثر من النور...
أمثال هؤلاء يرون أن اليقظة الروحية يقظة مريرة، تتعبهم وتحرمهم من لذاتهم. لذلك هم يهربون باستمرار من الله، ومن خدام الله، ومن كنيسته، ومن مذبحه...
ومع ذلك فلا بُد للنائم أن يستيقظ. فكيف ذلك؟
هذا ما سوف نتحدث عنه في المحاضرة المقبلة بموقع الأنبا تكلا إن شاء الله(*).
_____
(*) انتهت محاضرة يوم الجمعة 16/10/1970 م. التي ألقيت بالكاتدرائية المرقسية الكبرى بدير الأنبا رويس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/9r275fz