من الآيات التي يعتمد عليها من ينادون بالخلاص اللحظي، قول الرب في سفر إشعياء النبي: (التفتوا إلى واخلصوا يا جميع أقاصي الأرض) (إش 45: 22). وهم يشددون على كلمة (التفتوا) ويرون أن الخلاص -حسب هذه الآية- يتم في لفتة، أي في لحظة!! فهل هذه الآية تعنى الخلاص في لحظة؟
والجواب هو أن هذه الآية لا علاقة لها مطلقًا بموضوع الخلاص في لحظة، إنما هي خاصة بترك عبادة الأصنام والرجوع إلى عبادة الله وحده..
ليت الذين يوردون نصوصًا من الكتاب المقدس، يتحققون جيدًا مما يقتبسون، ويعرفون ما هي المناسبة التي قيلت فيها الآية؟ ولمن قيلت؟ وأيضًا ليتهم لا يوردون النص مبتورًا، أو منفصلًا تمامًا عن باقي الآيات.
فاللاهوتي الحقيقي، أو المؤمن الحقيقي، لا يحاول أن يخضع الآيات لمفاهيمه الخاصة، إنما يخضع هو لمفهوم الآيات.
وهذه الآيات المقتبسة من إشعياء، سنفهمها في ضوء الحقائق الآتية:
أ تكملة الآية ذاتها. ولماذا لم يذكر مقتبسها تكملتها؟
ب تكملة الأصحاح التي قيلت فيه هذه الآية (إش 45)
ج كل مضمون الأصحاحات 43 إلى 48 من سفر إشعياء
فنقول إن كل هذه الأصحاحات تدعو إلى ترك الآلهة الغربية.
كلها تدعو إلى عبادة الإله الحقيقي وحده، وعدم الالتفات إلى الآلهة الأخرى.
ويتكرر فيها كلها قول الرب: (أنا الله وليس غيري) (أنا الرب وليس آخر) (قبلي لم يصور إله، وبعدى لا يكون) (أنا هو وليس سواي).
والله في كل تلك الأصحاحات يشير إلى الخلاص به هو، فيجب الالتفات إليه وحده، وليس إلى الآلهة الغريبة أو إلى الأصنام. وهكذا يقول:
أو المعنى هو أديروا قلوبكم نحوى. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). اتجهوا إلى وليس إلى الأصنام. وهذا هو ما ظهره الترجمة الانجليزية: "Turn to me and be Saved"
والمتتبع قراءة الأصحاح من أوله، يجد الرب يقول:
(لكي تعرف أنى أنا الرب الذي يدعوك. أنا الرب وليس آخر) (إش 45: 3) (وأنت لست تعرفني. أنا الرب وليس آخر. لا إله سواي. نطقتك وأنت لم تعرفني) (ع 4، 5) (لكي يعلموا من مشرق الشمس ومن مغربها، أن ليس غيري. أنا الرب وليس آخر)(ع 6) أنا الرب صانع كل هذه) (ع7) (أنا الرب قد خلقته) (ع 8) (أنا صنعت الأرض وخلقت الإنسان عليها. يداي أنا نشرنا السموات وكل جندها) (ع 12) (.. الله وليس آخر) (ع 14).
وبعد أن يتكلم الرب عن أنه هو الله وحده، يتكلم عن الخلاص وأنه به وحده، فيقول:
(أما إسرائيل، فيخلص بالرب خلاصًا أبديًا) (ع 17) (أنا الرب وليس آخر (ع 18) (أنا الرب) (ع 19) (لا يعلم الحاملون خشب صنمهم والمصلون إلى إله لا يخلص) (ع 20)
(أليس أنا الرب، ولا إله غيري إله بار ومخلص، ليس سواي. التفتوا إلى واخلصوا..) (ع 21، 22).
إنها دعوة إلى ترك عبادة الأصنام، والإيمان بالله وحده.
وترك إسرائيل لعبادة الأصنام، والتفاتهم إلى الله، لكي يخلصوا، لم يتم في لحظة..
لم يتم ذلك إلا بجهاد كبير من الأنبياء، وبضربات من الله كان من ضمنها السبي ورحلهم إلى أيدي أعدائهم ليذلوهم، ثم طول أناة من الله عليهم، حتى التفتوا إليه أخيرًا، واداروا ظهورهم للأصنام، واتجهوا نحو الله..
وحتى كل الذين التفتوا إلى الله ليخلصوا، لم ينالوا الخلاص إلا بدم المسيح الذي سفك بعد ذلك بحوالي 800 سنة.
لقد رقدوا على رجاء، كباقي الآباء وانتظروا..
ولم ينالوا الخلاص بمجرد لفتة، أو في لحظة..
وكل الذي نالوه كان وعدًا بالخلاص..
إنهم لم يخلصوا إلا بالإيمان، وبترك الأوثان.
ولم يخلصوا إلا إلا في ملء الزمان.
ليس بمجرد لفتة، إنما بعد أجيال طويلة.
ومن له أذنان للسمع فليسمع، ما يقوله الروح للكنائس.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/k9q69sj