11- وهنا أقول حقيقة هامة، وهي:
الكتاب لم يذكر كل شيء
1- لم يذكر كل ما فعله السيد المسيح، ولا كل ما قاله... وإنما الذي حدث هو أن الإنجيليين اختاروا بعضًا من أقوال السيد المسيح ومن أعماله وسجلوها في وقت ما للناس، وتركوا الباقي. وهذا واضح في آخر إنجيل قد كتب، إذا يقول القديس يوحنا الرسول "وأشياء أخر كثيرة صنعها يسوع، إن كتبت واحدة فواحدة، فلست أظن أن العالم نفسه يسع الكتب المكتوبة" (يو25:21) كما يقول أيضًا "وآيات آخر كثيرة صنعها يسوع قدام تلاميذه لم تكتب في هذا الكتاب. وأما هذه فقد كتبت لتؤمنوا أن يسوع هو المسيح، ولكي تكون لكم إذا آمنتم حياة باسمه" (يو20: 30،31).
لا تظنوا أن معجزات المسيح هي فقط التي وردت في الإنجيل فآلاف المعجزات لم تكتب. يكفي لإثبات هذا قول لوقا البشير "وعند غروب الشمس، كان كل الذين عندهم مرضي بأنواع أمراض كثيرة يقدمونهم إليه، فكان يضع يديه على كل واحد فيشفيهم" (لو40:4).
ما عدد هؤلاء المرضي؟ كثير جدًا. ولم تسجل كل حوادث الشفاء ويقول معلمنا متى البشير "وكان يسوع يطوف كل الجليل، يعلم في مجامعهم ويكرز ببشارة الملكوت، ويشفي كل مرض وكل ضعف في الشعب" (مت23:4).
ما هي حوادث شفاء كل مريض؟ لم تذكر.
وماذا كان تعليم الرب في المجامع وكرازته؟ لم يذكر أيضًا.
يقول معلمنا مرقس الإنجيلي أن المسيح لما دخل كفر ناحوم دخل المجمع "وصار يعلم فبهتوا من تعليمه لأنه كان يعلمهم بسلطان وليس كالكتبة" (مر21:1).
ما هو هذا التعليم الذي بهتوا منه؟ لم يكتب.
وفي معجزة الخمس خبزات والسمكتين، كان يُعَلِّم الناس من الصباح حتى بدأ النهار يميل. فماذا كان تعليمه لهم؟ لم يذكر شيء عنه في الأناجيل.
وما هو التعليم الذي قاله المسيح على شاطئ البحيرة؟ وعلى شاطئ النهر؟ وفي السفينة؟ وفي الطرقات؟ لا نعرف، ولم يذكر في الإنجيل.
ب) وبعد قيامته، حدث نفس الوضع (اقرأ مقالًا آخر عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)... قيل إن السيد المسيح قابل تلميذيّ عمواس.
"وبدأ من موسى ومن جميع الأنبياء يشرح لهم الأمور المختصة به في جميع الكتب" (لو27:24).
كل هذا وغيره لم يكتب في الأناجيل. ولكنه ولا شك وصل إلينا عن طريق التقليد، أو وصل بعضه على الأقل.
ج- ثم ماذا عن فترة الأربعين يومًا التي قضاها الرب مع تلاميذه بعد القيامة يتكلم معهم فيها عن الأمور المختصة بملكوت الله (أع3:1).
ماذا قال الرب عن الأمور المختصة بملكوت الله؟
لا شك أنها أشياء هامة جدًا استحقت من الرب لقاءات له مع تلاميذه بعد القيامة "ولكنها مع كل هذا لم تُذْكَر في الكتاب المقدس"... لعلها أمور كانت لقادة الكنيسة، يفهمونها، ثم يعلمونها للشعب، حسب قوله لهم "وعلموهم أن يحفظوا جميع ما أوصيتكم به" (مت20:28). دون أن يذكر ما هو هذا الذي أوصاهم به.
فهل تعاليم المسيح هذه ووصاياه فُقِدَت، أم وصلت إلينا؟
إننا نستبعد جدًا أن تكون قد فُقِدَت ولها كل تلك الأهمية. فكيف إذًا وصلت إلينا.
فإذا استثنينا بولس الرسول الذي لم يكن واحدًا من الأحد عشر، ولم يحضر لقاءات المسيح مع تلاميذه بعد القيامة، فإن ما كتبه الأحد عشر الذين قضى معهم الرب 40 يومًا، كان قليلًا ولا يشمل كل التعليم المسيحي.
بقيت إجابه واحدة؟ وهي أن تعليم المسيح لتلاميذه وصل إلينا عن طريق التقليد أي التسليم الرسولي.
مارسته الكنيسة كحياة، حسب قول الرب "الكلام الذي أقوله لكم هو روح وحياة" (يو63:6). لقد فهموا روح الكلام، وحولوه إلى حياة ووصل إلينا في حياة الكنيسة.
يمكن أن نقول إذا أن التقليد هو حياة الكنيسة، أو هو الكنيسة الحية.
وهذه الحياة أودعها الرسل القديسون في الكنيسة بكل ما تعلموه من الرب وكل ما أخذوه منه. ولكنهم لم يكتبوه في أناجيل أو رسائل، إنما تركوه حيًا في حياة الكنيسة. ولعل من بين هذا نظم الكنيسة وطقوسها وأسرارها.
هل تظنون أن عظة السيد المسيح على الجبل (مت7:5). هي كل عظاته على مدَى أكثر من ثلاث سنوات؟! هذا غير معقول طبعًا. ولكن كلام الرب لم يضِع؛ بل حفظه التلاميذ في قلوبهم، وفي آذانهم وأذهانهم ومن كنز قلبهم الصالح، ومن ذاكرتهم المقدسة، أخرجوا أقوال الرب وسلموها للكنيسة. وأودعت فيها بعنوان (التقليد) أو التسليم الرسولي، والروح القدس الذي حل عليهم، ذكرهم بما قاله الرب حسب وعده الصادق (يو26:14). هذا عن كلام السيد المسيح نفسه.
التقليد من تعليم الرسل |
في الحوار اللاهوتي اللاهوت المقارن -1 |
أقدمية
التقليد |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/wrq9tqp