من هم المحتاجون؟ أنهم أنواع وأشكال متعددة, فهناك المحتاجون ماديا ينقصهم المال وسعة الرزق, والمحتاجون اجتماعيًا ويلزمهم التوجيه والاهتمام بهم والمحتاجون روحيًا ويلزمهم الإرشاد والقيادة إلي التوبة, والمحتاجون ثقافيًا وتنقصهم المعرفة والتعليم.
أما عن المحتاجين ماديًا: فنري كثيرين يتكلمون عن محدودي الدخل وينسون معدومي الدخل, يتكلمون عن الفقراء وينسون الذين هم تحت خط الفقر. إذن هناك الفقير, والمعوز أي المحتاج وما أكثر ما نشرت الجرائد عن هؤلاء دون أن تقدم حلولا فأصبح الأمر مجرد كلام بدون عمل, وعن هؤلاء نسأل من هم المسئولون عنهم أو المهتمون بهم ؟هل هم علماء الاجتماع أم علماء الاقتصاد أم المسئولة هي الدولة, أم أصحاب القلوب المشفقة من أثرياء الشعب أو الجمعيات الخيرية أو محبو الخير عموما.
في أمريكا توجد مجموعة من الفقراء الذين لا مأوي لهم يطلقون عليهم لقب Homeles وهؤلاء تصرف لهم الدولة معونة هي الحد الأدنى جدًا من الإيراد الذي يكفيهم في الضروريات.
نذكر من بين المحتاجين طائفة الذين أهملهم المجتمع وليس لهم أحد يذكرهم يقول المحتاج منهم: ماحدش حاسس بيَّ، ذلك لأن الذين يعيشون في سِعَة وفي سعادة لا يشعرون بالمحرومين من كل ذلك, فيلزم للذين يجلسون في القمم أن ينزلوا إلي القاع ليروا من يعيش فيه وكيف يعيش وعلي هذا النسق فإن سكان المدينة ينبغي أن يفكروا في إخوتهم الذين يعيشون في النجوع ويحتملون البرد والجوع كما يقاسون اختلاف الأجواء وعدم اهتمام أحد بهم وكأنهم ليسوا إخوة في الوطن ومثل هؤلاء بعض الذين يعيشون في القرى المعدمة, وهنا لا نتكلم عن مجرد احتياج فرد إنما القرية, كلها ومن بين هؤلاء من لا يجدون الماء النقي للشرب أو الكهرباء اللازمة أو وسائل الصرف الصحي.. وأهل الخير قد يحزنون علي حالة هؤلاء ومع ذلك تبقي حالتهم كما هي!
ومن المحتاجين أيضا الشباب الذين أدركتهم البطالة حتى بعد تخرجهم من الجامعة وفي هذه البطالة لا يستطيعون تكوين أسرة, فليس لهم مال لتدبير سكن للمعيشة. وقد ارتفعت أسعار المساكن جدا وليست لهم قدرة علي تكاليف الزواج وعلي رعاية بيت ماديا, ومن هنا تأخر سن الزواج عند الفتيات وعدم القدرة ماديا علي الزواج أدي إلي العديد من مظاهر الفساد الخلقي وإلي تحايل البعض للخروج من هذا المأزق بما يسمونه الزواج العرفي حيث لا مسئوليات فيه علي الإطلاق!
من المحتاجين إلي الرعاية أيضًا ما يمكن أن نسميهم مجموعة الغرباء ولعل من بينهم الذين غادروا من الصعيد إلي المدن الكبرى مثل القاهرة, حيث لا يجدون سكنًا ولا عملًا وأحيانًا لا يجدون تِرْحَابًا. هم قد انتقلوا من ضيقة في بلادهم, ليصادفوا ضيقة أخري في المكان الذي هاجروا إليه, والله تبارك اسمه يدعونا إلي إضافة الغرباء ليس فقط الغرباء الذين يأتون من خارج بلادنا وإنما أيضًا الغرباء الذين هم إخواننا في الوطن.. وهؤلاء الغرباء كما يحتاج الأحياء منهم إلي عناية كذلك يحتاج موتاهم إلي مدافن, كما تحتاج أيضا إلي مدافن مجموعات الفقراء.
ومن المحتاجين أيضا المرضى الذين تلزمهم عمليات جراحية تكاليفها فوق طاقتهم وربما فوق طاقة المحسنين إليهم أيضا بل الكثير من هؤلاء لا يجدون أيضًا ثمن الدواء. وربما تنهار صحتهم لعدم قدرتهم علي تكاليف العلاج. فيموتون وهم ضحايا المجتمع, ونذكر من بين طائفة المرضي من أصيبوا بالجذام أو السل. وأصبح كثيرون يمتنعون حتى عن زيارتهم أو الاختلاط بهم, ومن المحتاجين أيضا المرضي بأنواع من السرطانات وقد كثرت جدا في هذا الجيل ونحن نشكر قيام مستشفي لسرطانات الأطفال ونود أن تنتشر هذه العناية في نطاقات أوسع بكثير.
وينضم إلي طائفة المرضي المحتاجين مجموعة المعاقين واحتياجاتهم الكثيرة سواء من جهة العلاج, أو من جهة الدراسة. وأشد هؤلاء المعاقين احتياجًا هم المعاقون ذهنيًا.. نضم أيضا إلي المرضي المحتاجين أولئك الذين وقعوا في الإدمان وأصبحوا محتاجين إلي علاجهم من إدمانهم.
من بين المحتاجين أيضا المساجين الذين ينبغي أن نشعرهم بأن المجتمع لم يلفظهم تمامًا. وإنما هم يقضون فترة عقوبة ليخرجوا منها إلي حياة أفضل, فهنا تكون فضيلة زيارة المسجونين وتقديم العطايا لهم وبخاصة من يشعرون أنهم قد سجنوا ظلما. وهناك بعض المسجونين كانوا هم الوحيدين الذين يعولون أسراتهم. وبسجنهم أصبحت العائلة كلها في صفوف المحتاجين وفي حاجة إلي رعاية واهتمام, ونضم إلي هؤلاء أيضًا المديونين والذين وقعوا منهم علي إيصالات أمانة وأصبحوا هم أيضا مهددين بالسجن إن لم يسددوا ديونهم.
ومن المحتاجين أيضا الذين لا يقدرون علي تزويج بناتهم لأنهم لا يملكون تكاليف الزواج, ومن ضمن هؤلاء ما نسميهم بالأسر المستورة. فهم يحتاجون ولكن لا يستطيعون إعلان احتياجهم بسبب مركزهم الاجتماعي. وهؤلاء يحتاجون إلي سد احتياجاتهم في سرية, ونضم إليهم الأيتام والأرامل. ومن ضمن المحتاجين بعض الشعوب الفقيرة.
إن الله -من حنوه وعطفه- أوجد علي الأرض خيرا يكفي الكل, وبقي علي الموسرين أو الأثرياء أن يسدوا احتياج الفقراء ويكون ذلك بدافع الحب والإشفاق, وليس بالتعالي وإشعار المحتاجين باحتياجهم. علي أن يكون العطاء لهؤلاء دون أن يطلبوا فمن يعطي عليه أن يشعر باحتياج الآخرين ولا ينتظر أن يطلبوا منه, بل يجب أن يعرف أن هؤلاء المحتاجين لهم حق شرعي في ماله كوصية الله من جهة العشور والزكاة.
أما عن المحتاجين روحيًا وقيادتهم إلي التوبة وحياة الفضيلة, فهذا الأمر يحتاج إلي مقال آخر.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/7c6x7a3