St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   20-Makalat  >   2-Ahram
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

مقالات البابا شنودة الثالث المنشورة في جريدة الأهرام - مقال يوم الأحد 4-5-2008

تحطيم المرايا

 

كما يتأمَّل الجسد شكله في مرآة، ليطمئن على منظره، فإن وجد ما يحتاج إلى إصلاح أصلحه... كذلك الروح لها مرايا كثيرة ترى بها شكلها، وتعرف حالتها كيف هي. حتى إن وجدت عيبًا تصلحه، أو إن وجدت نقصًا تستكمله.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

في مقدمة هذه المرايا، مرآة اسمها "محاسبة النفس". حيث يجلس الإنسان إلى ذاته، لكي يفتش دواخلها، ويحاسبها على كل أفعالها، وعلى كل فكر، وكل شهوة، وكل رغبات النَّفس، وكل نيَّة تنويها. ويرى في أي طريق تسير، وما هي الأخطاء التي تقع فيها حتى يمكنه تجنبها، وما هي الفضائل التي لم يمارسها. وكل ذلك لكي يصلح من شأن ذاته، ويجعلها تسير في الطريق الروحي السليم.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

غير أن البعض إذا كشفت له مرآة "مُحاسبة النفس" حقيقته وعيوبه وخطاياه، فإنه بدلًا من إصلاح ذاته، يحاول أن يُحطِّم هذه المرآة الصادقة، بتقديم أعذار عن كل خطية وقع فيها، كما لو كان الأمر قد خرج عن إرادته! أو أنه يُغطِّي عيوبه بتبريرات كثيرة يُقدِّمها توضِّح أنه لم يخطئ! أو أنه يلقي اللوم كله على البيئة والوسط المحيط بأنه المسئول عن كل ما فعله، وما كان يمكنه تجنب ذلك! أو أنه يلصق الذنب بشخص آخر لكي يخرج هو بريئًا!.. وفي كل ذلك تكون مرآة " محاسبة النفس " قد تحطَّمت عمليًا وما عادت تأتي بنتيجة. أو أنه يُحطِّم هذه المرآة بإهمالها وعدم استخدامها، على اعتبار أنها تُسبِّب له شيئًا من العكننة!

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

St-Takla.org Image: Broken mirror. صورة في موقع الأنبا تكلا: مرآه مكسورة.

St-Takla.org Image: Broken mirror.

صورة في موقع الأنبا تكلا: مرآه مكسورة.

مرآة أخرى يرى فيها الإنسان حقيقة نفسه، وهى أن يضعها أمام "وصايا اللَّه" ويرى ما الذي تُنفّذه منها، وما الذي تعصاه؟ فإن وجد في حياته معصية أو مجموعة من المعاصي، يدرك أنه سائر في طريق خاطئ، وعليه أن يصلح مساره، ويُدرِّب نفسه على طاعة وصايا اللَّه...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

غير أن البعض يعمل على تحطيم هذه المرآة أيضًا، بأن يحاول أن يُفسِّر الوصية الإلهية تفسيرًا خاصًا يبرئ به ذاته! أو يلجأ إلى تفسيرات أخرى تُخدِّر ضميره بحيث لا يلومه مطلقًا على خطاياه! أو أنه يزعم أن الوصية التي يعصاها، لا تنطبق مُطلقًا عليه، بل هي تخص آخرين!

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وبهذا الوضع تتحطَّم أمامه هذه المرآة أيضًا، بحيث لا يرى منها حقيقة نفسه! أو أنه يهمل قراءة كتاب اللَّه! أو يهمل قراءة أجزاء منه تُذكِّره بخطاياه! كما أنه بالمثل يهمل سماع العظات التي هم من نفس النوع. لأنه لا يريد أن ينظر في هذه المرآة التي تكشفه!

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مرآة أخرى يمكن أن يرى الإنسان فيها نفسه، وهى "انتقادات الناس". فمن المعروف أن كل شخص بعيد عن التوبة، يجامل نفسه باستمرار، ولا يرى فيها عيوبًا، أمَّا الناس فإنَّهم قد لا يجاملون، وإنما يتكلَّمون بصراحة عمَّا يرونه من عيوب، فنعرف منهم حقيقتنا، لكي نتفادى بقدر الإمكان ما ينتقدوننا عليه. هذا إذا كان كل مِنَّا حريصًا على خلاص نفسه وعلى نقاوة قلبه. ويريد لذاته الخير... وحتى إن غضبنا بعض الأحيان من انتقاداتهم، فإن هذه المرآة تكشف لنا عيبًا آخر فينا، وهو الغضب مِمَّن يُكلِّمنا بصراحة! أو تكشف لنا عيبًا آخر فينا وهو البِرّ الذاتي أي اعتقاد الإنسان في نفسه أنه بار!

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

على أنَّ كثيرين يميلون إلى تحطيم هذه المرآة، مرآة انتقادات الناس. وذلك بأنَّ الواحد منهم لا يقبل مطلقًا أي كلمة انتقاد من أحد، ولا كلمة نُصح أو إرشاد. ولا يقبلون أي توجيه في تغيير سلوكهم! وأشد من هذا: أنَّ الذي ينصحهم، يتخذونه لهم عدوًا. ومَن ينتقدهم يحاربونه وينتقدونه. وبهذا لا يحطِّمون هذه المرآة فقط، بل بالأكثر يضيفون إلى أخطائهم موضع النقد، أخطاء أخرى، ولا ينتفعون! كل ذلك لكي يستريحوا في داخلهم براحة خاطئة تضرَّهم...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

مرآة أخرى يرى فيها الإنسان حقيقة نفسه وهى " المشاكل". فالمشكلة ترينا مدى احتمالنا، كما نرى بها طريقة تصرفنا. وكذلك نرى بها نوعية نفسنا. هل نحن عندما نواجه إحدى المشاكل، نصبر ونعطيها مدى زمنيًا يمكن أن تنحل فيه؟ أَمْ أننا نُفكِّر في عُمق وحكمة في طريقة أو طُرق توصلنا إلى حل المشكلة؟ أم أننا نلجأ إلى المشيرين والحُكماء نلتمس عندهم حلاَّ؟ أَما أنَّنا نلجأ إلى اللَّه بالصلاة طالبين الحل من عنده؟ كُلّها طُرق في مواجهة المشكلة يختلف فيها شخص عن آخر، وترى طبيعة كل واحد... وحكيم هو الإنسان الذي يكتسب من المشاكل خبرة وحنكة تساعده في المستقبل عند مواجهة مشاكل أخرى، بل تعطيه فرصة في معالجة مشاكل آخرين...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

غير أن البعض إذا صادفته مشكلة، ينهار ويبكي أو تتعب نفسه، أو يتذمَّر ويشكو! وتبقى المشكلة كما هي! بل تكون كمرآة قد كشفت له عيوبًا أخرى في نفسه كالتَّذمُّر والشكوى والانهيار. وعليه أن يُعالج هذه العيوب في نفسه...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

وما نقوله عن المشاكل، يمكن أن نقوله أيضًا عن "التجارب" مثل حالات المرض، أو فقد قريب أو أي إنسان عزيز، أو حالة خسارة أو فقر...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

كل هذه وغيرها أنواع من المرايا يرى فيها الإنسان نفسه وطباعه وروحياته، كما يرى أيضًا أخطاءه أو خطاياه إن وُجِدت لكي يصلح من أمره ما يحتاج إلى إصلاح! غير أن بعض الناس إن كشفت لهم إحدى المرايا عيبًا فيهم، بدلًا من إصلاحه يُحطِّمون المرآة!

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

إنَّ الذين يُحطِّمون المرايا، تبقى عيوبهم كم هي دون أن تنصلح. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). ويكونون هم الخاسرين...

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

كإنسان مريض بالحمى، يضع الترمومتر في فمه. فإن أظهر له ارتفاعًا هائلًا في درجة حرارته، بدلًا من أن يعمل على معالجة نفسه، يُحطِّم الترمومتر غيظًا وحنقًا، ويبقى مريضًا!!

مسكين هذا الترمومتر الصادق. إنه كغيره مرآة مُحطمة!!


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/20-Makalat/2-Ahram/CopticPope-Articles-093-Mirrors.html

تقصير الرابط:
tak.la/bcdd3ws