St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online  >   17-Al-Ghira-Al-Mokadasa
 

كتب قبطية

كتاب الغيرة المقدسة - البابا شنودة الثالث

14- عوائق أمام الغيرة

 

هناك عوائق قد يضعها البعض أمام الخدمة، تمعنه من أن يلتهب بالغيرة المقدسة... والعجيب أن هذه العوائق يلبسها ثوبًا روحيًا، حتى يستريح ضميره وهو بعيد عن الغيرة وعملها. فما هي هذه العوائق؟

 

1- قد يعتذر البعض بأن اهتمامه بخلاص نفسه، يعطيه فرصة للاهتمام بخلاص الآخرين.

ونحن نقول إنه لا تعارض. فمن الأشياء التي تساعدك على خلاص نفسك، أن تكون لك محبة نحو الآخرين وخلاصهم إذ كيف تخلص، إن كنت لا تحب غيرك، ولا تبذل لأجله ولا اقصد بذلك أن ترتئي فوق ما ينبغي (رو 12: 2ى)، وتقيم نفسك واعظًا ومعلمًا لكل أحد، وأنت لا تعرف!! بل ترتئي للتعقل، في حدود إمكانياتك، وفي حدود مواهبك...

St-Takla.org Image: Walls of a castle, from Saint Takla Haymanot's Website Journey to Ethiopia 2008 صورة في موقع الأنبا تكلا: أسوار قلعة، من صور رحلة موقع الأنبا تكلا لإثيوبيا 2008

St-Takla.org Image: Walls of a castle, from Saint Takla Haymanot's Website Journey to Ethiopia 2008 - Photograph by Michael Ghaly for St-Takla.org, April-June 2008

صورة في موقع الأنبا تكلا: أسوار قلعة، من صور رحلة موقع الأنبا تكلا لإثيوبيا 2008 - تصوير مايكل غالي لـ: موقع الأنبا تكلا، إبريل - يونيو 2008

والذي لا تستطيع أن ترشده، صل لأجله...

والصلاة من أجل خلاص الناس، من الأمور الممكنة لكل أحد، ولا تحتاج إلى مواهب وقدرات..! صارع مع الله في هذا الأمر، وضع نفسك أيضًا مع الذين يحتاجون إلى خدمة وإلى صلاة...

نقول أيضًا أن هناك فرقًا بين الراهب الذي أغلق على نفسه في حياة وحدة وصمت وعبادة، وبين الإنسان الذي يعيش في العالم، ويشعر بما يحتاج إليه الناس، ولا يستطيع أن يغلق أحشاءه أمامهم (1يو 3: 17).

 

2- وقد يعتذر البعض بأن الغيرة تفقده وداعته وتواضعه:

كما لو كانت الوداعة أن يكون الإنسان راكدًا لا يتحرك، أو أن يكون باردًا لا يسخن أبدًا!! هل فقد القديس بولس الرسول وداعته حينما احتدت روحه فيه لما رأى مدينة أثينا مملوءة أصنامًا (أع 17: 16). إنه تصرف في غيرة مقدسة، وفي نفس الوقت ظل محتفظًا بوداعته.

والسيد المسيح الذي نتعلم منه الوداعة والتواضع (متى 11: 29)، بكل غيرة مقدسة فتل حبلًا وطهر الهيكل... وبخ الناس، واخرج البهائم، وقلب موائد الصيارفة. وقال لهم "بيتي بيت الصلاة يدعى، وأنتم جعلتموه مغارة لصوص (متى 21: 12، 13).

إن الحياة الروحية ليست حياة سلبية، إنما هي قوة ايجابية تتكامل فيها لفضائل ولا تتعارض ولا تتناقص.

فيمكن أن يكون الإنسان عنده التواضع والوداعة، وفي نفس الوقت عنده الغيرة والشجاعة والحزم. ويستخدم كل فضيلة من هذه الفضائل في وقتها المناسب، بأسلوب لا يتعارض مع الفضائل الأخرى. كالأب الذي يعطى ابنه الحنان حينًا، والتأديب في حين آخر، دون أن يتناقص مع نفسه.

وكمثال للغيرة والوداعة معًا، نذكر داود النبي.

كان داود النبي وديعًا بلا شك، إذ قيل في المزمور "اذكر يا رب داود وكل دعته" ومع ذلك قيل في نفس المزمور إن داود "نذر لإله يعقوب: إني لا ادخل إلى مسكن بيتي، ولا أصعد على سرير فراشي، ولا أعطى لعيني نومًا، ولا لأجفاني نعاسًا... إلى أن أجد موضعًا للرب ومسكنًا لإله يعقوب" (مز 132: 3). وهذا هو عمق الغيرة المقدسة مع الوداعة...

وكمثال آخر للغيرة والوداعة معًا، نذكر أيضًا موسى النبي:

St-Takla.org Image: "And He would not allow anyone to carry wares through the temple. Then He taught, saying to them, “Is it not written, ‘My house shall be called a house of prayer for all nations’? But you have made it a ‘den of thieves.’ ” And the scribes and chief priests heard it and sought how they might destroy Him; for they feared Him, because all the people were astonished at His teaching" (Mark 11: 16-18) - Mark, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media صورة في موقع الأنبا تكلا: "ولم يدع أحدا يجتاز الهيكل بمتاع. وكان يعلم قائلا لهم: «أليس مكتوبا: بيتي بيت صلاة يدعى لجميع الأمم؟ وأنتم جعلتموه مغارة لصوص». وسمع الكتبة ورؤساء الكهنة فطلبوا كيف يهلكونه، لأنهم خافوه، إذ بهت الجمع كله من تعليمه" (مرقس 11: 16-18) - صور إنجيل مرقس، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

St-Takla.org Image: "And He would not allow anyone to carry wares through the temple. Then He taught, saying to them, “Is it not written, ‘My house shall be called a house of prayer for all nations’? But you have made it a ‘den of thieves.’ ” And the scribes and chief priests heard it and sought how they might destroy Him; for they feared Him, because all the people were astonished at His teaching" (Mark 11: 16-18) - Mark, Bible illustrations by James Padgett (1931-2009), published by Sweet Media

صورة في موقع الأنبا تكلا: "ولم يدع أحدا يجتاز الهيكل بمتاع. وكان يعلم قائلا لهم: «أليس مكتوبا: بيتي بيت صلاة يدعى لجميع الأمم؟ وأنتم جعلتموه مغارة لصوص». وسمع الكتبة ورؤساء الكهنة فطلبوا كيف يهلكونه، لأنهم خافوه، إذ بهت الجمع كله من تعليمه" (مرقس 11: 16-18) - صور إنجيل مرقس، رسم جيمز بادجيت (1931-2009)، إصدار شركة سويت ميديا

من جهة الوداعة، قيل عن موسى النبي "وكان الرجل موسى حليمًا جدًا أكثر من جميع الناس الذين على وجه الأرض" (عدد 12: 3). وموسى هذا الوديع، لما رأى الشعب يعبد العجل الذهبي، بكل غيرة أحرق هذا العجل وسحقه وذرى ترابه، وانتهر هارون رئيس الكهنة (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات) (خر 32: 19، 20).

 

3- وقد يعتذر البعض بأنه لم يدع إلى الخدمة:

ونحن نقول في ذلك إن التكريس الكامل للخدمة، لاشك يحتاج إلى دعوة، كالكهنوت مثلًا، إذ قال الرسول: "لا يأخذ أحد هذه الوظيفة (أو هذه الكرامة) من نفسه، بل المدعو من الله كما هرون أيضًا" (عب 5: 4).

ومثل ذلك أيضًا النبوة والرسولية...

هناك أشخاص يدعوهم الرب لخدمته دعوة واضحة، مثل دعوته لموسى النبي (خر 3)، ودعوته لإشعياء (إش 6)، ودعوته لإرمياء (إر1)، ودعوته لصموئيل (1صم 3: 10). وبالمثل دعوة الرب للاثني عشر تلميذًا (مت 10).

على أن هناك نوعًا آخر، يجد نفسه ملتهبًا بمحبة الخدمة التهابًا لا يملك له مقاومة ويكون هذا الالتهاب الداخل دعوة إلهية بعمل النعمة فيه. ويكون قد حركة الرب من الداخل.

وَيُشْتَرَط في ذلك، أن يكون الغرض سليمًا، وأن تكون الوسيلة روحية، ولا يكون الخادم في خدمته مستقلًا الكنيسة...

مثل هذا الشخص، حتى لو أخطأ في وسيلته، يُصْلِح له الرب هذه الأخطاء  أثناء الطريق، وَيُرْسِل له من يُعِلِّمهُ، بشرط سلامة الهدف والبُعد عن التمركز حول الذات...

وهكذا تكون الغيرة المقدسة عملًا من أعمال النعمة داخل القلب والغيرة في حد ذاتها لا تحتاج إلى دعوة، بل شعور مقدس ينبغي أن يكون في قلوب الكل.

إن الصورة التي تتخذها هذه الغيرة في العمل، هي التي قد تحتاج إلى دعوة في بعض الأحيان. والذي يعيش تحت إرشاد أب روحي، يمكن لهذا الأب أن يرشده فيما يعمل. وهكذا تكون غيرته ويكون عمله تحت إرشاد وإشراف.

هناك حالات تعتبر دعوة بحكم الوصية، أو بحكم المحبة الأخوية:

هل إذا كنت سائرًا، ومررت بغريق، أو بمبنى في حريق، أو أعمى في الطريق... هل تحتج عن إرشاد الأعمى، أو إنقاذ الغريق، أو الاتصال بالمسئولين لإطفاء الحريق... بحكم أنه لم تصلك دعوة؟! كلا بلا شك. لأن القلب الملتهب بالمحبة، يلتهب بالغيرة للإنقاذ. وتكون كلمة الدعوة هنا مجرد شكليات... فالدعوة التي في داخل القلب هي فوق الرسميات...

وهنا نذكر مثال السامري الصالح (لو 10):

هل احتج هذا السامري بأنه لم يتلق دعوة، أو بأنه ليست له وظيفة رسمية مثل الكاهن واللاوي؟! أم أنه لما رأى الجريح "تحنن، ونقدم وضمد جراحاته..." (لو10: 33، 34). هكذا في كثير من أنواع الخدمة. وهنا نذكر ضمنًا:

 

4- البعض قد يقول أن العمل الروحي هو مسئولية رجال الإكليروس على مختلف درجاتهم، ولا شأن لي بذلك.

نعم، إنما مسئولية الإكليروس. ولكن رجال الإكليروس لا يستطيعون أن يعلموا وحدهم، ولا بُد من تعاون الكل معهم. كما أن منهج إلقاء المسئولية على الغير، إنما يتجاهل المسئولية الشخصية النابعة من الحب، ومن الخوف على الناس من الهلاك. هل مسئولية الآخرين تعفيك من عمل المحبة، إن كان في مقدرتك؟!

لذلك اهتم بسلامة أخوتك. واعمل كل ما تستطيع لكي تربح نفوسًا للرب. وإياك أن تردد عبارة قايين القائل:

"أَحَارِسٌ أَنَا لأَخِي؟" (تك 4: 19)...

نعم أنت حارس لأخيك. تحرسه بالحب والرعاية. تحرسه بقلبك وبلسانك، وبجهدك وبصلواتك، وبتعبك وذلك من أجله. لا تترك واحدًا من أخوتك يضل، إن كان بإمكانك أن تنقذه. لأن الله سوف يطالبنا بأنفس أخوتنا في اليوم الأخير وبخاصة الذين لم يجدوا أحدًا يقف إلى جوارهم، الذين نصلى عنهم في تحليل نصف الليل ونقول: اذكر يا رب العاجزين والمُنْطَرِحين، والذين ليس لهم أحد يذكرهم"...


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/His-Holiness-Pope-Shenouda-III-Books-Online/17-Al-Ghira-Al-Mokadasa/Holy-Zeal_14-Why-Problems.html

تقصير الرابط:
tak.la/4rw2v9j