بالقيامة تتثبت المبادئ الروحية، ويصبح الإنسان صاحب رسالة وصاحب قيم.
لأنه مع القيامة توجد المسئولية وتوجد الدينونة، والإنسان يقوم من الموت لكي يقف أمام منبر الله العادل ليعطى حسابًا عن كل ما فعله بالجسد إن خيرًا وإن شرًا. يعطى حسابًا ليس فقط عن أعماله، وإنما أيضًا عن أعماله ونياته وحواسه ومشاعره الباطنية.
وما دام الإنسان سيقوم وسيعطى حسابًا عن كل شيء، ينبغي إذن له أن يحيا حياة التدقيق والحرص، حياة البر والقداسة التي يقف فيها بلا خجل ولا خزي ولا خوف أمام الله، وأمام الناس في اليوم الأخير.
لو لم تكن قيامة لساد الفساد العالم، ولأنتشر الظلم، ولأكل الناس بعضهم بعضًا.
لو لم تكن هناك قيامة للأجساد، وحياة أخرى، لانتشر الفساد والأبيقورية التي تقول "لنأكل ونشرب لأننا غدًا نموت"، ولتهالك الإنسان على ملاذ الدنيا وعلى المادة. لكن بالقيامة أصبحت هناك قيم، وهناك مبادئ، وهناك أهداف روحية يحيا الإنسان لها، وهناك الحياة الآخرة التي يسعى الإنسان إليها بهدف واسع كبير غير الأهداف القصيرة المؤقتة التي يعيش لها الناس.
وبالقيامة دخلت إلى الإنسان مشاعر الشجاعة والجرأة وعدم الخوف.
وأصبح الإنسان لا يخاف الموت، وهكذا على رجاء القيامة تقدم الشهداء إلى الموت غير هيابين إنهم يعرفون أن الموت ليس نهاية حياتهم، ويرون أن بعد الموت بابًا واسعًا لحياة لا تنتهي.
على رجاء القيامة عاش الناس على هذا الرجاء في فكرهم السماء ، وفي فكرهم النعيم الأبدي، وفي فكرهم سعادة تفوق سعادة الدنيا، وهي ما عبر عنها الكتاب (اقرأ مقالًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات) بقوله "ما لم تره عين، وما لم تسمع به أذن، وما لم يخطر على قلب بشر ما أعده الله لمحبي اسمه القدوس".
إن الناس كلما يودعون راحلًا عن الدنيا يودعونه على رجاء القيامة، باعتبار أنهم سيرونه هناك.
بل إن القيامة أعطت رجاء أوسع من هذا، ليس فقط في تلاقى الأحباء والأقرباء، وإنما في تلاقى الأجيال كلها.
حيث يلتقي الناس هناك في السماء مع أبينا آدم وأبينا نوح والأنبياء، ومع جميع الأبرار في جميع العصور. ستلقى الأجيال كلها هناك في القيامة ولولا القيامة ما كان مثل هذا اللقاء ممكنًا، ولعاش الناس في جيل محدود، وفي زمن محدود لا يتعدونه.
ومن هنا رأينا أناسًا يعيشون حياة الزهد والنسك والتجرد من الماديات في العالم، لأنهم يعرفون تمامًا أن وراء هذا النسك والزهد توجد مكافأة أبدية تعوض كل شيء.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/8ascvhr