الصوم بدون صلاة يكون مجرد عمل جسداني.
وهكذا يفقد طابعة الروحي ويفقد فائدته الروحية..
وليس الصوم هو الاكتفاء بمنع الجسد عن الطعام، فهذه ناحية سلبية. أما الناحية الإيجابية فتظهر في إعطاء الروح غذاءها.
الذين يصمون، وليس في أصوامهم أي عمل روحي، لا صلاة، ولا تأمل، ولا قراءات روحية، ولا ألحان ولا تراتيل، ولا مطانيات metanoia، هؤلاء تكون أصوامهم ثقلًا عليهم، وبلا فائدة. ما الفرق بين هؤلاء وأصوام البوذيين والهندوس. وأين شركة الروح القدس في الصوم؟!
الصوم فرصة للصلاة، لأن صلاة واحدة تصليها في صومك، هي أعمق من مائة صلاة وأنت ممتلئ بالطعام وصوتك يهز الجبل!
الكنيسة تُعَلِّمنا باستمرار ارتباط الصلاة بالصوم.
وفي قسمة الصوم الكبير في القداس الإلهي تتكرر عبارة "بالصلاة والصوم". والسيد المسيح لما تكلم عن إخراج الشياطين، قال "هذا الجنس لا يخرج إلا بالصلاة والصوم" وهكذا قرن الصوم بالصلاة.
والأصوام المشهورة في الكتاب، مرتبطة أيضًا بالصلاة.
ففي صوم نحميا يقول "فلما سمعت هذا الكلام، جلست وبكيت، ونحت أيامًا، وصمت وصليت.. وقل "أيها الرب إله السماء.. لتكن أذنك مصغية وعيناك مفتوحتين، لتسمع صلاة عبدك الذي يصلي إليك الآن نهارا وليلًا.." (نح 1: 4-6) وبدأ يعترف بخطايا الشعب، طالبًا الرحمة وتَدَخُّل الرب..
وصوم عزرا أيضًا كان مصحوبًا بالصلاة (عز 8: 21، 23).
ودانيال النبي كان صومه مصحوبًا بالصلاة والصراع مع الله، بقوله: "أَمِلْ أُذُنَكَ يَا إِلهِي وَاسْمَعْ. اِفْتَحْ عَيْنَيْكَ وَانْظُرْ خِرَبَنَا وَالْمَدِينَةَ الَّتِي دُعِيَ اسْمُكَ عَلَيْهَا، لأَنَّهُ لاَ لأَجْلِ بِرِّنَا نَطْرَحُ تَضَرُّعَاتِنَا أَمَامَ وَجْهِكَ، بَلْ لأَجْلِ مَرَاحِمِكَ الْعَظِيمَةِ. يَا سَيِّدُ اسْمَعْ. يَا سَيِّدُ اغْفِرْ. يَا سَيِّدُ أَصْغِ وَاصْنَعْ. لاَ تُؤَخِّرْ مِنْ أَجْلِ نَفْسِكَ يَا إِلهِي، لأَنَّ اسْمَكَ دُعِيَ عَلَى مَدِينَتِكَ وَعَلَى شَعْبِكَ»" (دا 9: 18-19).
وصوم نينوى كانوا فيه "يصرخون إلي الله بشدة" (يون 3:8).
فاصرخوا إلي الرب خلال صومكم، وارفعوا إليه قلوبًا منسحقة.
وَثِقُوا أن الله يستجيب لصومك وصراخكم، وينتهر الرياح والأمواج، فيهدأ البحر. حقًا ما أعمق الصلوات، إن كانت في أيام مقدسة، ومن قلوب متذللة أمام الله بالصوم، ومتنقية بالتوبة، وكم يكون عمقها إن كانت مصحوبة أيضًا بقداسات وتناول (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات)..
دَرِّب نفسك في الصوم علي محبة الصلاة والصراع مع الله.
وقد كتبنا لك في الفصل الخامس مجموعة تدريبات عن الصلاة.
والمهم في صلاتك أن تعطي الله قلبك وفكرك.
ولا تحاول أن تريح ضميرك بشكليات، بمجموعة من التلاوات لا عمق فيها وليست حاجة من القلب، ثم تقول "أنا صمت وصليت"! فالرب يعاتب قائلًا "هذا الشعب يكرمني بشفتيه، أما قلبه فمبتعد عني بعيدًا" (مر 7: 6). إن الصلاة صلة، فاشعر أثناء صلاتك وصومك، أنك في صله مع الله. وإن كان تقديس الصوم معناه تخصيصه للرب:
فهل فترة صومك خصصتها للصلاة وللعمل الروحي؟
هل هي فترة صلاة وتأملات وقراءات روحية، وتخزين روحي، وتفرغ لله وعشرته؟ وهل صلواتك فيها أضعاف صلواتك في الأيام العادية. وأن لم تخصص فيها أكبر وقت لله، فهل خصصت له مشاعرك وعواطفك؟
إن الصوم المصحوب بعشرة الله، يتحول إلي متعة روحية.
وفي هذه المتعة، يحاول الصائم أن يكثر من صومه، ويصبح الطعام ثقلًا عليه، لأنه يرجعه إلي استعمال الجسد الذي استراح منه إلي حين طوال ساعات انقطاعه.
31- الصوم مصحوب بالتذلل والبكاء |
روحانية الصوم البابا شنودة الثالث |
29-
الصوم تصحبه التوبة |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/8v6s27j