† كل سنة وأنتم طيبين يا أحبائي، وكما اعتدنا أن نرتل في مديحة مارمرقس "في آخر برموده صار لنا عادة لذكرى الشهادة ماركوس بي أبسطولوس". ففي يوم 30 برمودة من كل عام الكنيسة تحتفل بعيد استشهاد القديس مارمرقس.
† تكلمنا فيما سبق عن جوانب كثيرة في حياة مارمرقس، حيث سبق أن تكلمنا عن شخصه وإنجيله وعليته وكرازته، لذلك أريد أن أحدثكم اليوم عن موضوع لم يسبق لنا الحديث عنه وهو ثياب مارمرقس. وعندما أتكلم عن ثياب مارمرقس أجد أمامي الآية التي ذكرها معلمنا القديس مارمرقس في إنجيله وهي:
" وَتَبِعَهُ شَابٌّ لاَبِسًا إِزَارًا عَلَى عُرْيِهِ، فَأَمْسَكَهُ الشُّبَّانُ، فَتَرَكَ الإِزَارَ وَهَرَبَ مِنْهُمْ عُرْيَانًا" (إنجيل مرقس 14: 51، 52).
† لكي أتكلم عن ثياب مارمرقس بحثت في الكتاب المقدس عما ذكر عن الثياب بوجه عام فوجدت أن هناك أنواع كثيرة من الثياب ذكرت في الكتاب المقدس.
وجدت أن بعض الثياب نزعها الشيطان عن لابسيها. ناس كانوا يرتدون ثياب والشيطان سرق منهم هذه الثياب. وهناك أمثلة على هذا النوع من الثياب.
وأول صورة كانت لأبونا آدم وأمنا حواء كانا يرتديا ثوب البر، ثوب البساطة، ثوب الطهارة، ثوب النقاء وكانا كلاهما عريانين ولم يخجلا واستطاع الشيطان أن يسرق هذا الثوب من أبونا آدم وأمنا حواء. فبمجرد أن دخلت الخطية بدأ أبونا آدم وأمنا حواء يشعران أنهما عريانان. ثوب سرقه الشيطان!
أيضًا وجدت في الكتاب المقدس مثال لثوب آخر سرقه الشيطان وذلك في المثل الذي قاله الرب يسوع:
"«إِنْسَانٌ كَانَ نَازِلًا مِنْ أُورُشَلِيمَ إِلَى أَرِيحَا، فَوَقَعَ بَيْنَ لُصُوصٍ، فَعَرَّوْهُ وَجَرَّحُوهُ، وَمَضَوْا وَتَرَكُوهُ بَيْنَ حَيٍّ وَمَيْتٍ. فَعَرَضَ أَنَّ كَاهِنًا نَزَلَ فِي تِلْكَ الطَّرِيقِ، فَرَآهُ وَجَازَ مُقَابِلَهُ.وَكَذلِكَ لاَوِيٌّ أَيْضًا، إِذْ صَارَ عِنْدَ الْمَكَانِ جَاءَ وَنَظَرَ وَجَازَ مُقَابِلَهُ. وَلكِنَّ سَامِرِيًّا مُسَافِرًا جَاءَ إِلَيْهِ، وَلَمَّا رَآهُ تَحَنَّنَ، فَتَقَدَّمَ وَضَمَدَ جِرَاحَاتِهِ، وَصَبَّ عَلَيْهَا زَيْتًا خَمْرًا، وَأَرْكَبَهُ عَلَى دَابَّتِهِ، وَأَتَى بِهِ إِلَى فُنْدُق وَاعْتَنَى بِهِ. وَفِي الْغَدِ لَمَّا مَضَى أَخْرَجَ دِينَارَيْنِ وَأَعْطَاهُمَا لِصَاحِبِ الْفُنْدُقِ، وَقَالَ لَهُ: اعْتَنِ بِهِ، وَمَهْمَا أَنْفَقْتَ أَكْثَرَ فَعِنْدَ رُجُوعِي أُوفِيكَ" (إنجيل لوقا 10: 30).
أي أن هذا الإنسان سرقوا ملابسه.
وجدت أيضًا في إنجيل مارمرقس على سبيل المثال الرجل الذي من كورة الجدريين الذي أتعبه الشيطان وأصابه بلوثة في عقله فكان جالسًا وهو عريان، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى مثل أرشيف مارمرقس وغيره. وبمجرد أن خرج منه الشيطان بقوة الرب يسوع اللاجئون فإذا به لابسًا وعاقلًا.
"وَجَاءُوا إِلَى يَسُوعَ فَنَظَرُوا الْمَجْنُونَ الَّذِي كَانَ فِيهِ اللَّجِئُونُ جَالِسًا وَلاَبِسًا وَعَاقِلًا، فَخَافُوا" (إنجيل مرقس 5: 15).
كان الشيطان قد سرق ملابسه.
وجدت نوع آخر من الثياب، ثياب يصنعها الإنسان بنفسه وأردت أن أعرف موقف الله من هذه الثياب. والمثل على ذلك ما فعله آدم وحواء.
فيقول الكتاب:
"فَانْفَتَحَتْ أَعْيُنُهُمَا وَعَلِمَا أَنَّهُمَا عُرْيَانَانِ. فَخَاطَا أَوْرَاقَ تِينٍ وَصَنَعَا لأَنْفُسِهِمَا مَآزِرَ. وَسَمِعَا صَوْتَ الرَّبِّ الإِلهِ مَاشِيًا فِي الْجَنَّةِ عِنْدَ هُبُوبِ رِيحِ النَّهَارِ، فَاخْتَبَأَ آدَمُ وَامْرَأَتُهُ مِنْ وَجْهِ الرَّبِّ الإِلهِ فِي وَسَطِ شَجَرِ الْجَنَّةِ. فَنَادَى الرَّبُّ الإِلهُ آدَمَ وَقَالَ لَهُ: «أَيْنَ أَنْتَ؟». فَقَالَ: «سَمِعْتُ صَوْتَكَ فِي الْجَنَّةِ فَخَشِيتُ، لأَنِّي عُرْيَانٌ فَاخْتَبَأْتُ»" (سفر التكوين 3: 7-10).
أي أن آدم وحواء عندما شعرا أنهما عريانان صنعا لأنفسهما مآزر (ثياب) ليسترا بها عريهما، لكن وجدنا أن الله كشف لآدم وحواء وللجنس البشري كله أن هذه الثياب غير نافعة فما أن خرجت أشعة الشمس حتى سقط ورق التين الذي كانا يغطيان به جسدهما فاكتشف آدم أنه ما زال عاريًا. فتدخل الله ليكسوا آدم.
هذا نوع آخر من الثياب، وهي ثياب يصنعها الإنسان بنفسه لكن كما نرى بلا جدوى. تكلم عنها معلمنا أشعياء النبي وقال: "خُيُوطُهُمْ لاَ تَصِيرُ ثَوْبًا، وَلاَ يَكْتَسُونَ بِأَعْمَالِهِمْ. أَعْمَالُهُمْ أَعْمَالُ إِثْمٍ، وَفَعْلُ الظُّلْمِ فِي أَيْدِيهِمْ" (سفر إشعياء 59: 6).
أي لن يستطيعوا أن يستروا عريهم. كان لا بد أن الله يتدخل. نوع آخر من الثياب.
وجدت نوع آخر من الثياب، ثياب لا بد أن نتركها من أجل محبتنا للسيد المسيح وتندرج تحتها الآية: "وَكُلُّ مَنْ تَرَكَ بُيُوتًا أَوْ إِخْوَةً أَوْ أَخَوَاتٍ أَوْ أَبًا أَوْ أُمًّا أَوِ امْرَأَةً أَوْ أَوْلاَدًا أَوْ حُقُولًا مِنْ أَجْلِ اسْمِي، يَأْخُذُ مِئَةَ ضِعْفٍ وَيَرِثُ الْحَيَاةَ الأَبَدِيَّةَ" (إنجيل متى 19: 29).
ووجدت من هذه الثياب الثوب الذي تركه يوسف لامرأة سيده فوطيفار وهرب لأجل أن يحافظ على طهارته وعفته.
ووجدت من هذه الثياب أيضًا ثوب أو رداء تركه "بارتيماوس" الأعمى فيقول الكتاب "كَانَ بَارْتِيمَاوُسُ الأَعْمَى ابْنُ تِيمَاوُسَ جَالِسًا عَلَى الطَّرِيقِ يَسْتَعْطِي. فَلَمَّا سَمِعَ أَنَّهُ يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ، ابْتَدَأَ يَصْرُخُ وَيَقُولُ: «يَا يَسُوعُ ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي!» فَانْتَهَرَهُ كَثِيرُونَ لِيَسْكُتَ، فَصَرَخَ أَكْثَرَ كَثِيرًا: «يَا ابْنَ دَاوُدَ، ارْحَمْنِي!». فَوَقَفَ يَسُوعُ وَأَمَرَ أَنْ يُنَادَى. فَنَادَوُا الأَعْمَى قَائِلِينَ لَهُ: «ثِقْ! قُمْ! هُوَذَا يُنَادِيكَ» (إنجيل مرقس 10: 46-49).
ثم يقول الكتاب:
فَطَرَحَ رِدَاءَهُ وَقَامَ وَجَاءَ إِلَى يَسُوعَ. فَأَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «مَاذَا تُرِيدُ أَنْ أَفْعَلَ بِكَ؟» فَقَالَ لَهُ الأَعْمَى: «يَا سَيِّدِي، أَنْ أُبْصِرَ!». فَقَالَ لَهُ يَسُوعُ: «اذْهَبْ. إِيمَانُكَ قَدْ شَفَاكَ». فَلِلْوَقْتِ أَبْصَرَ، وَتَبِعَ يَسُوعَ فِي الطَّرِيقِ" (إنجيل مرقس 10: 50-52) طرح رداء التسول الذي كان يتغطى به. بارتيماوس كان لابد أن يترك هذا الرداء لكي يتبع المسيح.
وجدت نوع آخر من الثياب، وهي ثياب يهبها الله للإنسان ولا بد أن نرتديها:
"فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ" (رسالة بولس الرسول إلى أهل كولوسي 3: 12).
" وَصَنَعَ الرَّبُّ الإِلهُ لآدَمَ وَامْرَأَتِهِ أَقْمِصَةً مِنْ جِلْدٍ وَأَلْبَسَهُمَا" (سفر التكوين 3: 21)
" فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ، وَاجْعَلُوا خَاتَمًا فِي يَدِهِ، وَحِذَاءً فِي رِجْلَيْهِ،" (إنجيل لوقا 15: 22).
من هذه الثياب التي لا بد أن نكتسي بها أو التي يهبها الله لنا لكي نكتسي بها ما ذكر في سفر زكريا عن يهوشع الكاهن العظيم:
"وَكَانَ يَهُوشَعُ لاَبِسًا ثِيَابًا قَذِرَةً وَوَاقِفًا قُدَّامَ الْمَلاَكِ. فَأَجَابَ وَكَلَّمَ الْوَاقِفِينَ قُدَّامَهُ قَائِلًا: «انْزِعُوا عَنْهُ الثِّيَابَ الْقَذِرَةَ». وَقَالَ لَهُ: «انْظُرْ. قَدْ أَذْهَبْتُ عَنْكَ إِثْمَكَ، وَأُلْبِسُكَ ثِيَابًا مُزَخْرَفَةً». فَقُلْتُ: «لِيَضَعُوا عَلَى رَأْسِهِ عِمَامَةً طَاهِرَةً». فَوَضَعُوا عَلَى رَأْسِهِ الْعِمَامَةَ الطَّاهِرَةَ، وَأَلْبَسُوهُ ثِيَابًا وَمَلاَكُ الرَّبِّ وَاقِفٌ" (سفر زكريا 3: 3-5).
وملاك الرب هنا يعتبر أحد ظهورات السيد المسيح في العهد القديم وهو الذي كلم الملائكة الواقفين أمامه قائلًا انزعوا عنه ثيابه القذرة وألبسوه ثيابًا مزخرفة وقال له إني قد ألبستك ثياب مزخرفة. هذه الثياب الله هو الذي يلبسها لنا.
كما قلت لكم هناك أنواع كثيرة من الثياب، وقد حاولت أن أجملها انطلاقًا من الآية التي تنطبق على لباس مارمرقس: "وَتَبِعَهُ شَابٌّ لاَبِسًا إِزَارًا عَلَى عُرْيِهِ، فَأَمْسَكَهُ الشُّبَّانُ، فَتَرَكَ الإِزَارَ وَهَرَبَ مِنْهُمْ عُرْيَانًا" (إنجيل مرقس 14: 51).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/x5mtb35