في أحد الأيام دخل السيد أحد المنازل بكفر ناحوم (مر 2: 3) لكي يعلم الشعب، وإذ علمت الجموع توافدوا عليه بكثرة من القرى المحيطة والجليل واليهودية، وكان بينهم عدد لا بأس به من الكتبة والفريسيين ينصتون لتعليمه.
وفجأة سمعوا صوت معاول وفئوس تحفر السقف، وتساقط بعض من التراب على رؤوس الحاضرين الموجودين بداخل المكان حيث كان السيد المسيح يُعلم. وبعد قليل انكشف السقف وأصبح به نافذة بحجم الباب، وإذ بإنسانٌ يُدلىَّ على فراش من هذه النافذة، فاقترب إليه السيد المسيح ونظره، وإذ هو بمفلوج لا يستطيع أن يمشى على قدميه. ونظر السيد المسيح في عيون الذين حوله إذ بهم يحتقرون هذا المفلوج لاعتقادهم بأنه ربما يكون مخطئا أو أحد أبويه أو كليهما معًا لأنه كسيح ولا يستطيع الحركة (يو 9: 2).
فنظر السيد المسيح إلى إيمان رفاقه وقال له: «يَا بُنَيَّ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ». فبدأ الكتبة والفريسيون ينظرون بعضهم إلى بعض وهم يتذمرون في داخلهم ويحتجون قائلين: من هذا الذي يجدف؟ من يجعل نفسه هو؟ فعلم السيد المسيح بأفكارهم فقال لهم: «لِمَاذَا تُفَكِّرُونَ بِهَذَا فِي قُلُوبِكُمْ؟ أَيُّمَا أَيْسَرُ: أَنْ يُقَالَ لِلْمَفْلُوجِ مَغْفُورَةٌ لَكَ خَطَايَاكَ أَمْ أَنْ يُقَالَ: قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَامْشِ؟ وَلَكِنْ لِكَيْ تَعْلَمُوا أَنَّ لاِبْنِ الإِنْسَانِ سُلْطَانًا عَلَى الأَرْضِ أَنْ يَغْفِرَ الْخَطَايَا» - قَالَ لِلْمَفْلُوجِ: «لَكَ أَقُولُ قُمْ وَاحْمِلْ سَرِيرَكَ وَاذْهَبْ إِلَى بَيْتِكَ». فبرأ المفلوج في الحال وقام وحمل فراشه وذهب إلى بيته فرحًا بشفائه، بينما مجد الحاضرون الله.
انظري يا نفسي كيف تعامل ربنا يسوع المسيح مع كلٍ على حده ليربحه لملكوته السماوي، الكتبة والفريسيين على حده، ورفاق المفلوج على حده، والمفلوج نفسه على حده، انظريه يعطف على المفلوج ويتحنن عليه ويلقبه بابنه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). نعم هو ابنه لأنه قد احتمل التأديب (عب 12: 7)، فهو قد احتمل هذا المرض كل هذا الزمان وبشكر، واحتمل نظرات المجتمع، واحتمل أن يخدمه الآخرون بدلا من أن يخدمهم هو ويعولهم. فربحه المسيح إذ وهبه الشفاء الجسدي وأيضًا الروحي بغفران خطاياه.
ونظر السيد المسيح إلى إيمان رفاقه إذ فضلوا تعبهم عن تعب السيد المسيح وحضوره إلى منزلهم وكأنهم ليسوا أهلا أن يدخل السيد المسيح تحت سقف منازلهم، فأعطاهم حسب سؤل قلبهم.
أما الكتبة والفريسيون فقد يكونون محقين لو لم يبرهن السيد المسيح أقواله بأفعاله، فهو لا يشاء للإنسان أن يخبئ أية خطية في داخله، فبرهن بعمله على صحة كلامه، ولكي لا يجعلهم متشككين أظهر سلطانه على جسد هذا المفلوج فوهبه الشفاء.
نعم يا رب مجدوك وبهتوا جدا، وقالوا لقد قام بيننا نبي، فأنت يا سيدي قد ربحتهم ولهذا خافوا وحذروك عندما أراد هيرودس أن يقتلك فقالوا لك: «اخْرُجْ وَاذْهَبْ مِنْ هَهُنَا لأَنَّ هِيرُودُسَ يُرِيدُ أَنْ يَقْتُلَكَ» (لو 13: 31)، وآخرون دافعوا عنك أمام أحد المجامع التي كانت مجتمعة لتحاكم المولود أعمى قائلين: «كَيْفَ يَقْدِرُ إِنْسَانٌ خَاطِئٌ أَنْ يَعْمَلَ مِثْلَ هَذِهِ الآيَاتِ؟» (يو 9: 16).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/n8zm859