بعد أن تسلط الشيطان القوي على البشرية في الحياة وبعد الموت.. من كان يستطيع أن يخلص البشرية المسكينة من قبضته إلاَّ الله الأقوى منه، وهذا ما حدث بالتجسد والفداء "فإذ قد تشارك الأولاد في اللحم والدم إشترك هو أيضًا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت أي إبليس" (عب 2: 14) فعندما قال المصلوب "يا أبتاه في يديك أستودع روحي" هجم الشيطان عليه قائلًا هذه الروح البشرية ملك لي أنا، ففوجئ بنار اللاهوت فأضطرب وأراد أن يهرب، ولكن إلى أين؟.. قبض عليه ابن الله وهو متلبسًا بالتعدي على العزة الإلهية، وجرده من سلطانه، واقتحم مملكته وخلص أسرى الرجاء، ولم يعد للشيطان سلطانًا قط على أولاد الله، وفي ساعة الموت تحمل الملائكة روح الإنسان البار إلى الفردوس في زفة وفرحة عظيمة.
وبعد أن أذل الشيطان الإنسان وأخرجه من فردوس كان فيه، جاء ابن الله وأعطاه ليس الفردوس المفقود، إنما وهبه الحياة الأبدية "إن الله أعطانا حياة أبدية وهذه الحياة هي في ابنه. من له الابن فله الحياة ومن ليس له ابن الله فليست له الحياة" (1 يو 5: 11، 12).
لقد فشل الإنسان أن يحيا حياة البر، فجاء ابن الله وأكمل عنا كل برّ، وفي عماده قال ليوحنا "اسمح الآن. لأنه هكذا يليق بنا أن نكمّل كل بّرٍ" (مت 3: 15)، وفشل الإنسان أن يصوم صومًا روحانيًا مقدسًا، فجاء ابن الله وصام عنا، ولم يعرف الإنسان كيف يصلي كما ينبغي فعلمنا ابن الله الصلوات النقية عندما كان يقضي الليل كله في الصلاة ومناجاة الآب، وفشل الإنسان في الخضوع لمشيئة الله، فجاء ابن الله وخضع لمشيئة الآب "طعامي أن أعمل مشيئة الذي أرسلني وأتمم عمله" (يو 4: 34) وفشل الإنسان في إتمام وصايا الناموس، فجاء ابن الله وتمم الوصايا وقال "لا تظنوا إني جئت لأنقض الناموس أو الأنبياء. ما جئت لأنقض بل لأكمل" (مت 5: 17) ، وفشل الإنسان في حياة التواضع والوداعة، فجاء ابن الله وقال "تعلموا مني. لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم" (مت 11: 29).
وبالجملة لقد أعاد الله للإنسان بالتجسد كرامته المفقودة.. ألا يكفي أن يصير الله إنسانًا!! ويقول د. موريس تاوضروس بتصرف عن الفرنسية "ويكفي لنا أن نتأمل كيف صار الله إنسانًا حتى ندرك على التو كيف أصبح الإنسان مكرما. بل هنا يبدو السمو والرفعة على أكثر ما تكون عليه درجات السمو والرفعة. (انظر المزيد عن مثل هذه الموضوعات هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فإن الخالق قد أكسب البشرية جلاله وعظمته.. وبذلك سما الإنسان وارتفع قدره، وبمقدار ما تنازل الله ليقترب من الإنسان بمقدار ما ارتفع الإنسان ليشبه بالله، ولقد رأينا المسيح {المعبود} في صورة إنسان {عابد} وبذلك أمكننا أن نرى الإنسانية {العابدة} في صورة الإله {المعبود}، وأوضح المسيح بصريح العبارة إنه الكرمة ونحن الأغصان، كما أوضح الرسل أيضًا إننا أعضاء في جسد المسيح الواحد.. فتأمل معي إنك غصن في الكرمة التي هي المسيح، وتأمل أيضًا إنك عضو في جسد المسيح.. أليس معنى ذلك إننا في المسيح الإله المتأنس، فهل هناك كرامة تفوق هذه الكرامة" (1).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/jaa2zm5