1- الطقس القبطي ليس هدفًا في ذاته تمارسه الكنيسة في حرفية بلا فهم، إنما هو لغة الكنيسة التي تنطق بها الجماعة المقدسة ككل، وينطق بها كل عضو، لكي ينعم خلاله بعربون السماء، لذا قال القديس إكليمندس الإسكندري أن الكنيسة صورة السماء.
كل طقس لا يُمَارِس فيه المؤمن شركة مع الله الآب في ابنه بالروح القدس ويختبر عذوبة الحياة الإنجيلية المبهجة كحياة سماوية، هو طقس غريب عن الكنيسة القبطية. نذكر على سبيل المثال طقس سر الزواج مثلًا إذ تدور أغلب الصلوات حول الإكليل السماوي والزواج الروحي بين الله وقديسيه إن مارسوه بطريقة روحية وأدركوا أن زواجهم هو صورة للسر الأعظم: اتحاد السيد المسيح بكنيسته (أف 5: 33).
2- للطقس دوره التعليمي. إذ تقدم الكنيسة القبطية كل العقائد المسيحية والمفاهيم الإيمانية والمنهج الروحي في أبسط أسلوب. يفهمه الطفل، ويشبع به الإنسان اللاهوتي. ويستعذبه الكاهن المثقل بأتعاب الرعاية. ويستريح له الناسك الروحي. فبرشم الصليب يتعلم الطفل الإيمان بالثالوث القدوس والتجسد الإلهي. وخلال الأيقونات يدرك امتداد الكنيسة كجسد المسيح حتى بعد الرحيل من هذا العالم.
3- يمتاز الطقس القبطي بالتناغم معًا بروح واحد. فالمبنى الكنسي بطقسه الرائع يتناسق مع الليتورجيا بطقوسها ليعيش المؤمنون بروح الله في حياة خاشعة مفرحة.
4- في الطقس القبطي يشترك الجسد مع الروح في التعبد لله. سواء على مستوى العبادة الجماعية أو العائلية أو الخاصة. علامة إيماننا بوحدة الإنسان ككل. وعدم تجاهل دور الجسد في الحياة الروحية. إننا نؤمن بقدسية الروح والجسد معًا بروح الله القدوس.
الطقس القبطي وما يحويه من تسابيح ووقوف بخشوع وبسط اليدين وسجود وتقديم بخور... لا يمثل حركات جسدية محددة. إنما يمثل مساندة الجسد للنفس المتيقظة. ذلك كما أن كل تصرف جسدي شرير قادر على تحطيم الروح وإعاقتها عن الشركة مع الله.
الطقس هو لغة الإنسان ككل. يستخدم كل كيانه ليعبر عما بداخله فيما تعجز اللغة العادية عن الحديث عنه. وهو تعبير يخرج عن الجسد متفاعلًا مع أعماق النفس الداخلية.
5- في الطقس القبطي ليس فقط ينساب الجسد كله متعبدًا لله. وإنما تشترك أيضًا الخليقة في تمجيد الخالق. وكأن المؤمن وقد أدرك تقديس الخليقة يتقدم لله ومعه البخور والخشب (الأيقونات) والخبز والخمر... معلنًا أن كل الخليقة تمجد الله. هذا الفكر يتفق مع ما نتغنى به في التسبحة "سبحي الرب من الأرض... أيتها النار والبرد والضباب إلخ..." (مز 148). وكأن الخليقة الجامدة ذاتها ليست شرًا ولا عائقًا عن العبادة. بل صالحة يمكن للمؤمن أن يستخدمها في التعبير عن تقديس كل ما على الأرض لله.
6- يمكننا أن نقول بأن الطقس جزء لا يتجزأ من الحياة الكنسية يمس عبادتها وإيماننا وروحانيتنا ونسكنا إن مارسناه روحيًا تحت قيادة الروح القدس وبفهم. أما إن مارسه أحد كواجب ملتزم به في روتين جامد حرفي وفي جفاف بلا فهم يصير الطقس عائقًا للحياة الروحية الإنجيلية. بمعنى آخر، الطقس ليس مجرد نظام أو ترتيب خارجي أو مجموعة قوانين تحكم الحياة الكنسية. إنما في جوهره هو روح داخلي حي نسلمه عبر الأجيال. للطقس جسده أي الترتيب المنظور الملموس وله روحه أي الفكر الداخلي والحياة الملتهبة بالروح. من يقف عند الجسد دون الروح يكون كمن يلتقي بجثة هامدة تمثل ثقلًا نريد دفنها. أما إن حمل الجسد الروح داخله فيلتقي بحياة فعالة في الجماعة كما في كل عضو.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/scyba5c