اتسم الأمير هنري بالأنانية، فكان يطلب أن ينشغل الكل به؛ ولم يكن يقبل أن يتساوى مع أخوته. عبثًا حاول والداه بكل الطرق أن يبثّا فيه روح الحب للآخرين عِوض الأنانية. أخيرًا ظهر لهما ملاك وأخبرهما أنه يستطيع أن يُصلح من شأنه بشرط أن يأخذه معه لمدة شهر، فقبل الوالدان ذلك.
حمل الملاك الأمير هنري إلى قصر عظيم جدًا وسط حديقة جميلة للغاية مملوءة بالثمار الشهية والزهور العطرة وينابيع المياه العذبة. وكان بالقصر نوافذ كبيرة تطلّ على الحديقة، وبين كل نافذة وأخرى توجد مرآة.
قال الملاك للأمير هنري: "هذا القصر بحديقته المتسعة هو ملك لك. تستطيع أن تتمتع بالحديقة من خلال النوافذ المتسعة، ولكن اعلم أنه كلما تطلعت في مرآة تضيق النوافذ وتكبر المرآة".
وقف الأمير هنري أمام مرآة، وكان مُعجبًا بنفسه يتطلع إلى نفسه لساعاتٍ طويلة، ينتقل من مرآة إلى أخرى، وإذا بالمرايا تكبر وتمتد، بينما تضيق النوافذ وتصغر جدًا، حتى جاء يوم اختفت النوافذ تمامًا، وتحولت كل الحوائط والنوافذ والأبواب إلى مرآة ضخمة جدًا!
جاع الأمير فصار يتنقل من موضع إلى آخر لعله يجد لنفسه منفذًا يخرج منه إلى الحديقة ليأكل ويشرب، وإذا به يجد القصر قد صار سجنًا لا يمكنه الخروج منه، ولا حتى النظر إلى خارجه. فهاج ومزق ثيابه غضبًا، ولكن بلا جدوى.
أخيرًا سمع زقزقة عصفور، فتذكر أن في القصر عصفور في قفص. انطلق إليه وفتح باب القفص، وهو يقول في مرارة:
"مسكين يا عصفوري!
بسبب إعجابي بذاتي صرتَ سجينًا معي في القصر!
ما هو ذنبك؟
ليس لديّ طعام أو شراب أقدمه لك!"
سمع هنري صوت قطرات مياه تتساقط، فوضع كأسًا حتى جمع ماءً يبلغ حوالي نصف الكأس. قال في نفسه: "بسببي صار العصفور سجينًا، هو أحق مني بهذه المياه ليشربها". ثم قدم الماء للعصفور المسكين كي يستقي.
التفت هنري في جوانب الحجرات حتى وجد قطعة من تفاحة قديمة جافة، فحملها إلى عصفوره لكي يطعمه.
وإذ نسي هنري ذاته وانشغل بالعصفور انفتحت النوافذ قليلًا قليلًا حتى صارت فتحتها تكفي لإخراج العصفور.
أسرع الأمير إلى العصفور وحمله في رقة وحنان على يده وصار يقبِّله وهو يودّعه قائلًا:
"لتطر أيها العصفور الصغير، ولتكن حرًا، حتى وإن بقيت بعدك سجينًا في القصر، فإن هذا ثمرة خطأي وأنانيتي!"
إذ اتسع قلب هنري للعصفور المسكين وأطلقه، إذا بالأبواب والنوافذ تنفتح أمامه، وينطلق هنري في حرية يذهب إلى حيث يشاء!
صار هنري يصرخ متهللًا:
"لقد تحررت من أنانيتي!
لقد انطلقت من سجن الذات ego!
لأحب الآخرين، فأحب نفسي كما يليق!
لأهتم بأخوتي، فيهتم اللَّه بيّ!
← ترجمة القصة بالإنجليزية هنا في موقع الأنبا تكلا هيمانوت: The Mirror and the Windows.
_____
* بتصرف عن مجلة "البستان" كنيسة مارمرقس بواشنطن، يوليو 1988.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/bnp6v82