إذن فلنعلم أن التجارب والضيقات التي تأتي علينا هي ثلاثة أنواع:
الأول: لأجل امتحاننا، وهو يحدث كثيرًا.
الثاني: لأجل نمونا الروحي، وهو يحدث أحيانًا.
الثالث: لأجل خطايانًا، وهو يحدث في بعض الحالات / الأحوال.
فالضيقات تأتي علينا من أجل امتحاننا وتجريبنا ومعرفة ما في قلبنا وهل نحفظ وصايا الله أم لا "كما يؤدب الإنسان ابنه قد أدبك الرب إلهك" (تث8: 2) وكما قيل لأيوب "هل تظن أنني عاملتك بهذه الطريقة إلا لكي تظهر أنك بار" (أي 40: 3) وأيضًا "بضيقات كثيرة ينبغي أن ندخل ملكوت الله" (أع14: 22).
أما النوع الثاني فهو لأجل نمونا الروحي، وهو يحدث عندما يؤدب الله الأبرار على بعض الخطايا الصغيرة أو العرضية، أو لكي يرفعهم إلى حالة أسمَى مما هم فيها، ولينزع من قلوبهم كل تقصير وبذلك يهيئهم مثل الذهب النقي ليوم الدينونة إذ لا يسمح ببقاء أي شيء في داخلهم يجعلهم معرضين لعذاب النار، بل يكشف كل العيوب المستترة هنا في الدنيا بالضيقات حسب قوله "كثيرة هي أحزان الصديقين" (مز34: 19) "امتحني يا رب وجربني، نقي كما بنار كليتي" (مز26).
أما النوع الثالث كعقاب على الخطايا إذ "كثيرة هي نكبات الخطاة" (مز32: 10) والسيد المسيح نفسه يقول: "هَا أَنْتَ قَدْ بَرِئْتَ، فَلاَ تُخْطِئْ أَيْضًا، لِئَلاَّ يَكُونَ لَكَ أَشَرُّ" (يو5: 14) لذا نقول " أَدِّبْنِي يَا رَبُّ بِالْعدل لاَ بِغَضَبِكَ" (أر10: 24) و"يرْتَدَّ غَضَبُكَ وَتُعَزِّينِي" (أش12: 1).
إذن لنفهم تأديبات الله لأنها تعلن أن لنا أبًا سماويًا يحبنا ويعتني بنا ويسهر بنفسه على تربيتنا وتهذيبنا، فـ "الذي يحبه الرب يؤدبه" تعني أن الرب يؤدب أولاده، إذ أن التأديب هنا هو أوضح تعبير عن محبة الله الأبوية لنا، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. فإن كنا نحترم آباءنا الجسدانيين عندما يؤدبوننا، فكم بالأولى أبونا السماوي "إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ ثُمَّ قَدْ كَانَ لَنَا آبَاءُ أَجْسَادِنَا مُؤَدِّبِينَ، وَكُنَّا نَهَابُهُمْ. أَفَلاَ نَخْضَعُ بِالأَوْلَى جِدًّا لأَبِي الأَرْوَاحِ، فَنَحْيَا" (عب12: 7).
إن الحب الأبدي الإلهي هو الدعامة التي يستند عليها الغرض الإلهي من التأديب والتي من خلالها نفهم سر الألم المسيحي كصورة حية عن تأديب الرب لأولاده بغية تقدمهم الروحي. حقيقة أن التأديب مؤلم ومحزن (عب12: 11) إلى أن الله يؤدبنا لكنه إلى الموت لا يسلمنا، يؤدبنا لكي نشترك في قداسته (عب12: 10) ولكي نحصد من التأديب السلام والبر (عب12: 11) كما أنه يقوينا ويشددنا بالتأديب فتتقوَّم أيادينا المسترخية وركبنا المخلعة سالكين في مسالك مستقيمة (عب12: 12).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/6gvptp9