St-Takla.org  >   Full-Free-Coptic-Books  >   FreeCopticBooks-018-Father-Athanasius-Fahmy-George  >   003-El-Esteshhad
 

مكتبة الكتب المسيحية | كتب قبطية | المكتبة القبطية الأرثوذكسية

كتاب الاستشهاد في فكر الآباء للقمص أثناسيوس فهمي جورج

41- مفهوم كلمة "شاهد"

 

استُعمِلت كلمة ”شاهِد“ في العهد الجديد كما يتضح في (مر 14: 63 ؛ مت 26: 65)، بمعنى الشهادة أمام القضاء والمُحاكمات لذلك صاح رئيس الكهنة قائِلًا: ”ما حاجتنا بعد إلى شهود“، كذلك الحال في أعمال الرسل (6: 13) عن شهادِة الزور التي أُقيمت ضد إستفانوس رئيس الشمامِسة، وكذلك جاء لكلمة ”شاهِد“ استعمال هام في رسالِة بولس الرسول ”أمسِك بالحياة الأبدية التي إليها دُعِيت أيضًا واعترفت الاِعتراف الحَسَن أمام شهودٍ كثيرين“ (1تي 6: 12)، وهو اعتراف المعمودية وربما الرسامة التي قَبَلَهَا تيموثاوس وبُناءًا عليها استلم التقليد.

ولكن لوقا البشير أعطى كلمة ”شاهِد“ بُعدًا جديدًا عندما ذكر قول السيِّد المسيح لتلاميذه ”وأنتم شهود لذلك“ (لو 24: 48)، وعاد في سِفر الأعمال يُؤكد نفس الحقيقة ”ستنالون قُوَّة للشهادة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شُهودًا“ (أع 1: 8)، فشهادِة التلاميذ تبدأ من أورشليم حتى أقصى الأرض وهي عن وقائِع حياة المسيح وآلامه على الأرض، كما اتضح من أول كرازة لبطرس الرسول بعد حلول الروح القدس مُخاطِبًا الشعب ”يسوع هذا أقامه الله ونحن جميعًا شُهود لذلك. ورئيس الحياة قتلتموه الذي أقامهُ الله من بين الأموات ونحن شُهود لذلك“ (أع 2: 32 ؛ 3: 15).

فكان شرط التلمذة للرب يسوع هو ”الذين اجتمعوا معنا كل الزمان الذي فيه دخل إلينا الرب يسوع وخرج منذ معمودية يوحنا إلى اليوم الذي ارتفع فيه عنَّا يصيرُ واحد منهم شاهِدًا معنا بقيامتهِ“ (أع 1: 21 – 22).

St-Takla.org         Image: Modern Coptic icon of St. Peter (El Kedis Botros) صورة: أيقونة قبطية حديثة تصور القديس بطرس الشهيد الرسول والتلميذ

St-Takla.org Image: Modern Coptic icon of St. Peter the Apostle.

صورة: أيقونة قبطية حديثة تصور القديس بطرس الشهيد الرسول والتلميذ.

لقد صار الواقِع الإنجيلي إعلان روحي، فليست الشهادة شهادة لعقائِد ولا لأساطير ولا لتأمُلات ولا لفلسفات بل لأحداث أخذت واقِعها في ظِل التاريخ. فأصبحت الكرازة الإنجيلية شهادة، والشهود لهم صِفة مُميزة إذ عاصروا الأحداث واختيروا خصيصًا لهذا الغرض، واُعطوا كل الإمكانيات التي تُهيِّئ لهم الشهادة بها (لو 24: 48 ؛ أع 5: 32)، وقُوَّة الشهادة رهن لموعِد الآب من السماء لذلك عليهم أن يلبثوا في أورشليم حتى يلبسوها.

وبحلول الروح القدس يوم الخمسين انطلقت الشهادة بقوَّة، فالجماعة الرسولية شهود رؤية عاينوا ولمسوا ”يسوع الذي من الناصرة.. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). جَالَ يصنع خيرًا.. نحن شُهود بكل ما فعل“ (أع 10: 38 – 39)، وللتأكيد على المغزى الخلاصي لهذه السيرة مُجمله ”أوصانا أن نكرِز للشعب ونشهد بأنَّ هذا هو المُعيَّن من الله ديَّانًا للأحياء والأموات له يشهدُ جميع الأنبياء أنَّ كل من يُؤمِن به ينال باسمِهِ غُفران الخطايا“ (أع 10: 42-43).

ونتقابل مع معانٍ أخرى كثيرة عن الشهادة في حقبِة العهد الجديد، فقد استمرت آلام المسيح الرأس في حياة المُؤمنين به أعضاء جسده المُمجد السِّرِّي، فهم أنبياء العهد الجديد ”فإنهم هكذا طردوا الأنبياء الذين قبلكم“ (مت 5: 12)، وكان لابد لأعضاء جسد المسيح (الكنيسة) أن يُعدُّوا لحَمْل الصليب كشرط للتلمذة والتَّبعيَّة لهم (مر 8: 34 ؛ مت 6: 29 ؛ لو 9: 23)، لكي يحيوا بحسب الروح والإيمان الذي سُلِّمَ إليهم مرة (يه 3).

ركِّزِت الأناجيل دومًا على مصير التلاميذ وما ينتظرهم من ألم واضطهاد اقتداءً بالسيِّد والمُعلِّم (مر 13: 9 – 13 ؛ مت 24: 9 – 13 ؛ لو 21: 12 – 19)، وكان بطرس ويعقوب أول مثالين، وإذ ليس التلميذ أفضل من مُعلِّمه لذا كان من الحتمي أن يتألم تلاميذ المسيح كما تألم هو ”إن كانوا قد اضطهدوني فسيضطهدونكم“ (يو 15: 20)، فليس للمسيحي على الأرض سوى الآلام والموت ويُؤكد التلميذ بولس أنه سيقوم ويحظى بمجد المسيح ”مُتمثلين بنا وبالرب“ (1تس 1: 6)، وفي سِفر الأعمال وكذا في الرسائِل البولُسيَّة Pauline epistles أي رسائِل بولس الرسول، يتضح الجانِب الكفاري في آلام الإنسان المسيحي، فلم يعُد الاضطهاد سبب حزن أو خوف بعد، بل غدًا متوقعًا كسِمة أساسية للعصر المسيحي الذي يحيونه، بعد أن صار الألم بركة ومجد، والاضطهاد من أجل المسيح فرح وسرور..

ونرى التلاميذ فَرِحين مُتهللين عند بِدء اضطهاد هيرودس أغريباس سنة 44 ميلادية، كما فَرِحوا عندما حُسِبوا مُستأهلين أن يُهانوا من أجل اسمه (أع 5: 41، قابِل 9: 16).

كلمة ”شاهِد“ في كتابات القديس يوحنا الرَّائي:

ونظرة إلى الاستعمال الخاص لكلمة ”شهادة“ في كتابات القديس يوحنا الإنجيلي نرى كيف تطور مفهوم كلمة ”شهادة“ حتى انتهى إلى إعلان المضمون الأساسي للإنجيل الذي اعتُبِر من وجهة نظر الإيمان واقِع عملي أسَّسهُ الله، واقِع على أعلى مستوى يستحيل التحقُّق منه على مستوى الحدث الأرضي.

وقارِئ إنجيل يوحنا ورسائِله يحِس أنَّ كاتِبها شاهِد عيان للأحداث ومُتلامِس معها ”قد رأينا ونشهد ونُخبِركم“ (1يو 1: 2)، فالشهادة للمسيح بحسب فِكْر يوحنا الإنجيلي تعتمِد على الإيمان به ”من يُؤمِن بابن الله فعنده الشهادة في نفسه“ (1يو 5: 10).


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/Full-Free-Coptic-Books/FreeCopticBooks-018-Father-Athanasius-Fahmy-George/003-El-Esteshhad/Martyrdom-in-the-Patristic-Thgought__041-Witness.html

تقصير الرابط:
tak.la/qh9kqvw