وهنا ينتقل بك الروح إلى سفر العبرانيين ويقف بك فى الإصحاح الأول عند العددين السابع والرابع عشر حيث يقول:
"الصانع ملائكته رياحًا، وخدامه لهيب نار... أليس جميعهم أرواحا خادمة مرسلة للخدمة لأجل العتيدين أن يرثوا الخلاص".
ثم يقول لك: "ها هو الملاك؛ كائن حى خلقه القدير من النور روحًا، له جسم روحانى؛ أي محدود الهيئة والتكوين، شكله نورانى نارى...
هكذا النفس كائن روحانى مثله، لا تختلف عنه إلا فى أن الملاك من النور خلق، وهى من نفخة القدير خلقت فكلاهما روحيان فى قوامهما، نورانيان فى شكلهما، أبديان من حيث وجودهما، ولكن النفس أسكنها القدير جسدًا، جبلة من تراب الأرض فصار منيرًا بنورها، مضيئًا بضيائها، وكل هذا يعلن مجد الله فى كل ما خلق...
بهذا علمت انك نفس وعلمت طبيعة نفسك وشكلها وكيف وجدت، ومن أوجدها ولم يبقى إلا أن تعرف كيف تكون حياتها، وكيف يكون موتها...
فالنفس لأنها أبدية، إما تكون قائمة فى الوجود بحالة حياة؛ أو قائمة فى الوجود بحالة موت، وقد خلقت النفس فى آدم، أي خلقت نفسك أنت فى صلب أبيك آدم يوم أن القدير فى حلاة حياة، لأنها خلقت على صورة الله ومثاله فى البر وقداسة الحق ؛ وذلك بحلول روح قدسه فيها، فصار الروح القدس لها روحًا وحياة؛ لذلك قال: صار آدم نفسًا حية، وما كانت هذه النفس تموت، لو أنها ثبتت بما لها من الإرادة الحرة المطلقة فى عمل إرادة الروح القدس الساكن فيها...
أما وقد قاومته وأسلمت إرادتها لإرادة رئيس الظلمة فقد فارقها الروح القدس، أي فارقتها الحياة ولزمها الروح المضاد، فتسلط عليها الموت، وأصبح الإنسان إبنًا للشيطان وإرادة أبيه بروح أبيه الساكن فيه يعمل.
وهذا هو موت النفس أو الموت الروحى؛ الذى قال عنه: "يوم تأكل من هذه الشجرة موتًا تموت". (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). إذ فارق نفسه الروح القدس ففارقتها الحياة، بدورها وقداستها وكمالها وتسلط عليها الموت بسكنى روح إبليس فيها، روح الظلمة والشر والفساد، إذ حكم عليه بالإنحلال والعودة إلى التراب الذى أخذ منه.
ولكن آدم الثانى صار لنا روحًا محيية... الإنسان الأول من الأرض ترابى؛ أعطانا روح عبودية للموت، الإنسان الثانى، الرب النازل من السماء أعطانا الروح القدس، روح حرية أبناء الله للحياة...
فأنظرى أيتها النفس المؤمنة المتقربة الآن فى الجسد عن الرب، من أي روح أنت...
هل بالروح القدس للرب تحيين فيكون الروح القدس لك روح وحياة لحياة... أم بروح العالم؛ للجسد والعالم تعملين فيكون روح رئيس العالم لك موتًا لموت...
ألا فاعلمى أن روح الحبيب فيك؛ لا يريد رغم قساوتك وعنادك أن تكونى من الهالكين فهلم إنهضى ولا تكونى لحبه وطول أناته من المستهترين...
له المجد والتسبيح كل حين وإلى الأبد، آمين.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/fwnr9jd