أ) الخدمة النفعية:
وهذه نجدها في الخدمات المكرسة والمتطوعة أيضًا، فكثيرًا ما نجد أنفسنا نخدم الله من أجل المنفعة الشخصية، وربما يسأل البعض كيف يكون الخادم نفعيًا في خدمته؟. لكن الحقيقة تقرر ذلك حيث تتضح لنا النوعيات الآتية من الخدام.
1. الخادم الذي يخدم الله لكي يمنحه الرب أن يصل إلى غاية عالمية، كالطالب الذي يسلك في الخدمة منذ بداية المرحلة الثانوية وحتى نهاية المرحلة الجامعية، ويكون مثاليًا في خدمته، وله أنشطته الكثيرة وأفكاره النافعة، وغيرته الشديدة، ولكن ما أن ينال شهادة البكالوريوس أو الليسانس ويعطيه الرب مركزًا عالميًا في عمل أو وظيفة ما ينصرف عن الخدمة، ونبحث عن فلان الذي كان يخدم بطاقات خلاقة، فنجده قد ترك محبته الأولى وأنشغل بالعالم كثيرًا، وأصبح بعيدًا عن الخدمة. مثل هذا الخادم كان نفعيًا في خدمته، فبمجرد أن نال حاجته من الله، وأصبح في مركز عالمي ممتاز ترك الخدمة نهائيًا، وأصبح يبرر هذا الترك بأنه ليس لديه وقت حاليًا، لأنه مشغول طوال اليوم في العمل. لكن ما يدعو للأسف تكون مجرد تبريرات يحاول بها أن يقنع نفسه ويقنع الآخرين. بدليل أنه يوجد خادم آخر في نفس المشغولية أو أكثر لكن لأنه لم يكن نفعيًا في خدمته أستطاع بعد التخرج أن يكرس وقتًا مناسبًا لخدمة الله، واستمر في محبته ولم تشغله أمور العالم عن حب الخدمة. أما الخادم الأول فلم يكن سوى أجير يعمل من أجل أجرته ولم تصل محبته إلى أكثر من ذلك.
2. الخادم الذي يخدم الله طالما يجد أن ظروفه في العالم تسير سيرًا حسنًا، وأنه موفق في كل ما تمتد إليه يداه، أما إذا حدثت متاعب أو إصابته تجارب متنوعة فإنه ينفر من الخدمة ويبعد بعيدًا، وكأنه قد دخل في فترة قطيعة مع الله، ويقول للرب. كيف هذا؟ . كيف تسمح بهذه التجارب والضيقات لخادمك الذي يتعب في خدمتك؟، وكأن الخدمة بالنسبة له هي مكافأة يعطيها لله نظير الحسنات التي يقدمها له في هذا العالم، فإذا انقطعت هذه الحسنات، وبدأت الضيقات تحل به، فلا يوجد داع لأن يقدم هذه الخدمة، وقد فات على هذا الخادم أن يعلم عن الخدمة أنها حياة الألم والبذل والتضحية.
3. الخادم الذي يسعى للعمل في الخدمات السهلة التي لا يوجد فيها أي جهد جسماني لأنه يخشى على صحته ولئلا يصاب بالأمراض بسبب التعب، فهو يخدم طالما كانت الخدمة مريحة في برنامجها، ولا تستدعي السير الكثير على الأقدام أو الذهاب إلى أماكن بعيدة بمواصلات مرهقة، ولذلك فمثل هذا الخادم يهرب من خدمة القرية، ويفضل خدمة المدينة، لأنه لا يحتمل الجهد الذي تقتضيه خدمة القرية، وهو يستنكف من الخدمة في الأماكن غير النظيفة لأنه يخشى الإصابة بالأمراض ويهرب من مجهود الافتقاد الذي يجعله يصعد سلم المنزل عندما يذهب لزيارة الأسرة.
وعند مناقشته في هذا الموضوع يهرب من الإجابة الحقيقية، ويبرر موقفه بأنه ليس له مثل هذه الوزنات وأنه ضعيف لا يستطيع القيام سوى بخدمته التي هو فيها، ويطلب الصلاة من أجله!!.. في حين أن حقيقة الأمر هو خادم نفعي يسعى لراحته الشخصية ويخشى الخدمة الصعبة ويسعى دائمًا إلى الخدمات السهلة فهو يرغب أن يدخل من الباب الواسع للخدمة، ولا يسعى في طريق الألم والضيق لكي يتذوق أمجاد الخدمة الحقيقية. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). إنه يريد أن يخدم الله على جبل التجلي، ولكن يهرب من خدمته في جثسيماني، قال القديس العظيم الأنبا بولا "من يهرب من الضيق يهرب من الله" ولعلنا نذكر ما حدث مع القديس موسى الأسود عندما كلفه رئيس الدير لكي يحمل أواني المياه من بئر قريب من الدير، ويحضرها لسد حاجة الرهبان، وكيف أنه فضل أن يذهب إلى بئر أبعد بمسافات لكي يذوق طعم الخدمة الشاقة حاسبًا أن هذا المجهود يعتبر ضئيلا أمام حب المسيح له، وأمام ذلك الدين الكبير الذي هو مدين به للرب بسبب تلك الحقبة الطويلة من الزمن التي قضاها بعيدا عن الله قبل توبته المشهورة.
4. الخادم الذي يخدم الله طالمًا أن هذه الخدمة لا تمس مقتنياته أو أمواله، فهو على استعداد للعمل لكن دون عطاء أو دفع من جيبه، ويقنع نفسه بأنه ما دام هو يخدم ويبذل جهدًا جسمانيًا فهذا يغني عن أي عطية يعطيها للخدمة وقد نسى هذا الخادم أو تناسى بأن عليه أن يكون المثل والقدوة في العطاء وعلى الأقل في قيمة العشور التي هي الحد الأدنى لهذا العطاء.
5. الخادم الذي يحرص على مركزه الاجتماعي والأدبي وهو لذلك يهجر الخدمة عندما يشعر ان هذا المركز سوف يتزعزع، ويخشى أن يفقده بسبب موقفه كخادم في حقل الرب.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hwgt4ht