(2) الأبيونية: وهي شيعة يهودية صرفة وليست عربية، فقد خرجت هذه الفئة بعد خراب لهيكل ودمار أورشليم سنة 70 م. من جماعة اليهود المتنصرين، أو كما سماهم بعض العلماء، مثل هيبوليتوس، المسيحيين اليهود، لتمسكهم بالعوائد والتقاليد اليهودية والناموس وحفظهم للسبت على الرغم من احتفالهم بالأحد مع المسيحيين! وقد دعاهم رجال الكنيسة بالأبيونيين من كلمة أبيون بالعبرية (אֶבְווֹן - Ebion) والتي تعني فقير، وجمعها أبيونيم والتي تعني الفقراء لفقر تعاليمهم وحقارتها. وهم جماعة مميزة ومختلفة تماما عن جماعة الناصريين. ولم يقل عنهم أحد قط أنهم مسيحيون أو أن فكرهم ينتمي لرسل المسيح وتلاميذه وكنيسته. فقد ظهروا في المشهد التاريخي بعد دمار هيكل أُورشليم النهائي (134 م.) في النصف الثاني من القرن الثاني وليس قبل ذلك على الإطلاق.
وقد نظر فريق من هؤلاء إلى الجانب الإنساني فقط من شخص الرب يسوع المسيح، وقالوا: أن يسوع لم يولد من عذراء وإنما ولد ولادة طبيعية من يوسف ومريم، وقد تبرر فقط بسبب فضيلته السامية. وقال بعضهم بولادته من عذراء. وكان هناك فريق آخر بنفس الاسم، وقد آمنوا بسمو المسيح وعظمته وأنه أكبر من مجرد إنسان ولم ينكروا أن الرب وُلد من عذراء ومن الروح القدس. هذا الفريق الثاني زعموا أن المسيح إله ولكنه لم يولد من الآب إنما خلق كواحد من رؤساء الملائكة... وأنه يحكم على الملائكة وكل مخلوقات القدير[76]. فهو بالنسبة لهذا الفريق إلهًا ولكن بدرجة أقل من الآب!! فقد صار، من وجهة نظرهم، أعظم من الأنبياء والملائكة والكائن الثاني في الكون بعد الله!! أي أنهم برغم يهوديتهم الشديدة لم يكونوا على رأي واحد ولا عقيدة واحدة، وقد قال عنهم العلامة إيريناؤس (175 م.) أنهم كانوا: "يعيشون بحسب عادات اليهود زاعمين أنهم يتبررون بإتمام الناموس، وقد تحدثنا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام أخرى. ولذلك فقد سمي مسيح الله ويسوع، لأنه لا احد غيره من حفظ الناموس تمامًا. لأنه لو حفظ الشريعة أي أحد أخر وتمم والوصايا (المحتواة) في الناموس سيكون هذا مسيحًا"[77].
وقال عنهم أبيفانيوس (حوالي 315 -403 م.)، أسقف سلاميس أنهم يتأرجحون في حديثهم عن المسيح فهو: "مجرد إنسان بروح إلهية متبناة من جهة، ومن جهة أخرى يقولون أحيانا أنه رئيس ملائكة متجسد"[78].
كما قال أيضا "أنهم ليسوا مسيحيين ولا يهود ولا وثنيين... أنهم يقفون في منتصف الطريق فليسوا هم شيئًّا"[79].
ونظرا لأن فكرهم هذا جاء من خارج الكنيسة وكان غريبًا تمامًا على ما جاء في الإعلان الإلهي في الكتاب المقدس وعن التسليم الرسولي الذي تسلمته الكنيسة من تلاميذ المسيح ورسله، فقد واجهتهم الكنيسة وقاومتهم بسبب اعتقاداتهم الفقيرة والوضيعة هذه. وكان عددهم محدود جدًا، كمجرد فرقة عاشت فترة في مدينة ألبا السورية وانتهوا تماما في القرن الرابع الميلادي!!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/a67k9q3