أين ترعى أين تُربِض عند الظهيرة"؟!
"
عندما تستبد المخاوف بالإنسان يبحث عن الراعي الذي يرعاه ويحميه... هذا ما فعله داود حين اشتدت عليه التجارب فقصد بيت الله وهتف بالمزمور الخالد "الرب نوري وخلاصي ممن أخاف.." (مز 27).
إن موضع الراحة بالنسبة للنفس المتعبة هو بيت الله حيث تلتقي فيه بالرب الراعي والمخلص... ففي بيته نلنا نعمة النبوة ونغتذي على جسده ودمه الأقدسين ونستظل –لا في ظل القدير– لكن تحت صليبه.
العروس تسأله "أين تربض" أين تستريح؟ لأنها تريد أن تستريح فيه، ويستريح هو فيها "الله المستريح في قديسيه".
لكن ماذا عن وقت الظهيرة؟
حيث تكون الشمس في قوته... هكذا رآه يوحنا في الرؤيا "ووجهه كالشمس وهي تضيء في قوتها" (رؤ1: 16)... ولا يتمتع أحد بالشمس هكذا إلا إن كان ابن النور وابن النهار (1 تس 5: 5)... إن الشمس في قوتها تشير إلى شمس البّر وهو في كمال بهائه... إن العروس تريد أن تلتصق بالرب حبيبها وهو في ملء عظمته.
وأيضًا لماذا اللقاء وقت الظهيرة؟!
(1) كان لقاء إبراهيم بالسيد الرب ومعه ملاكين وقت الظهيرة (تك 18: 1) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا)... وفيه كان الوعد بأن يكون لسارة ابن تتبارك فيه جميع قبائل الأرض... كان مستودع سارة ميتًا، وكان إبراهيم شيخًا متقدمًا في السن... إن إنجاب اسحق يمثل القيامة من الموت (مستودع سارة الميت)... لقد أقام الرب من موت إبراهيم وسارة حياة. هكذا بالحب نختبر قوة القيامة فينا.
(2) وفي وقت الظهيرة التقى يوسف بأخيه الأصغر بنيامين (تك 43: 16)، وفي هذا اللقاء أنّت أحشاؤه، ودخل إلى المخدع وبكى... إن كلمة بنيامين تعني "أبناء اليمين" هكذا في لقاء العريس والراعي كأبناء اليمين تحن أحشاؤه علينا.
(3) ووقت الظهيرة التقى الرب يسوع بشاول الطرسوسي (أع 26: 13) معلنا عن حبه، فاكتشف الراعي الحقيقي الحّي الذي لا يموت، وصار إناءً مختارًا يحمل اسم المسيح لكثيرين.
(4) وفي هذا الساعة التقى المسيح بالمرأة السامرية وما كان من أمر إيمانها هي وأهل بلدتها.
(5) ووقت الظهيرة يذكرنا بالساعة السادسة واليوم السادس حيث صلب المخلص من أجل خلاصنا والعالم كله، مدفوعًا بمحبته لجبلته الساقطة.
+ إن العروس في سؤالها أين ترعى أين تُربِض، تدل على أنها تريد أن تعرف الطريق لئلا تضلّ إلى طريق أخرى... لأن في الطريق الحقيقي تتقابل النفس مع المسيح...
"لِمَاذَا أَنَا أَكُونُ كَمُقَنَّعَةٍ عِنْدَ قُطْعَانِ أَصْحَابِكَ؟"
مقنعة أي محجبة تضع قناعًا وحجاب... ويرى القديس جيروم أن هذا القناع يشير إلى "برقع الشريعة القديمة"... فالعروس إذ تلتقي براعيها عند الصليب وقت الظهيرة لا تعود تلبس قناعًا (حجابًا) لقد انشق حجاب الهيكل، وأصبحنا ننظر مجد الرب بوجه مكشوف (2كو 5: 18)... إن ذلك يشير إلى الدالة والحب... لا نحتاج إلى برقع مثل موسى، بل ندخل إلى أسرار الله ونكون في حضرته.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/qbpmw6a