في حوار الكنائس الأرثوذكسية الشرقية مع بعض قيادات البروتستانت (الاتحاد العالمي للكنائس المصلحة W.A.R.C.، وكان الحوار في دمشق في دير مار أفرام السرياني في معرة صيدنايا في ضيافة قداسة البطريرك الأنطاكي مار اغناطيوس زكا الأول) حول سر الكهنوت، قالوا لم تذكر كلمة كاهن بالنسبة للآباء الرسل في العهد الجديد ولكن ذُكرت كلمة قس أو أسقف ذلك لأنه لا يوجد كاهن في العهد الجديد في السماء ولا على الأرض إلا يسوع المسيح فقط هو الكاهن الوحيد. فلم نوافقهم على هذا الرأي، لأنه يُفهم من كل ما ذكرناه عن سلطان الكهنوت، أن هناك ممارسة لسر الكهنوت، فمثلًا؛ حينما أعطى السيد المسيح جسده ودمه للتلاميذ في ليلة آلامه قال لهم: "اصنعوا هذا لذكرى" (لو22: 19) فقد أعطاهم السلطان أن يصنعوا سر الإفخارستيا (التناول المقدس)، ولذلك دُعي السيد المسيح رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق، فطقس ملكي صادق هو تقدمة الخبز والخمر. فهو رئيس كهنة على رتبة ملكي صادق لأنه يوجد كهنة يقدمون تقدمة الخبز والخمر في العهد الجديد.
لكنهم يناقشون الموضوع بعيدًا عن زاوية أن السيد المسيح رئيس كهنة وأنه يوجد كهنة يقدمون تقدمة على رتبة ملكي صادق، وأن عمل المغفرة يمارسه الأساقفة والقسوس كوكلاء لأسرار الله. فهذا لا يكفي بالنسبة لهم، بل يصرون أنه لا توجد كلمة "كاهن" في العهد الجديد. ولكن أثناء الحوار طلبنا نسخة من مكتبة الدير من كتاب العهد الجديد باللغة اليونانية؛ وهى اللغة الأصلية التي كُتب بها، وأخرجنا لهم كلمة "كاهن" التي وردت في (رو15: 16) وفيها يقول معلمنا بولس الرسول "حتى أكون خادمًا ليسوع المسيح لأجل الأمم مباشرًا لإنجيل الله ككاهن ليكون قربان الأمم مقبولًا مقدسًا بالروح القدس" هكذا أوضحنا لهم أن كلمة i`erourgou/nta (ييرورجونتا) التي من الفعل i`erourge,w (ييرورجيئو) بمعنى "يخدم ككاهن" التي تتكون من الكلمة i`ero,j( a( on (إيروس) بمعنى "طقوس مقدسة-أشياء مقدسة-إلهية" والكلمة e;rgon (إيرجون) بمعنى "عمل-وظيفة". فكلمة i`ero,j هي المشتقة منها كلمة i`ereu,j (إيرفس) بمعنى "كاهن" وليس presbu,teroj (برسفيتيروس) التي تعني "قس" أي "سفير" أو "شفيع"، فكلمة i`ereu,j باليونانية تعنى "كاهن" وليس لها أي معنى آخر على الإطلاق.
وبعد مشاهدة قيادات البروتستانت في العالم أثناء الجلسة لهذه الكلمة؛ لم يمكنهم أن يجيبوا على هذا الأمر. أما نحن الأرثوذكس؛ فإننا نفهم تمامًا أهمية الكهنوت في خدمة الآباء الرسل.
فعندما يقول القديس بولس الرسول "حتى أكون خادمًا ليسوع المسيح لأجل الأمم مباشرًا لإنجيل الله ككاهن ليكون قربان الأمم مقبولًا مقدسًا بالروح القدس" (رو15: 16) فهو قد ذكر "قربان الأمم" لأنه رسول الأمم وقال عن تكليف الرسل له بذلك "أعطوني وبرنابا يمين الشركة لنكون نحن للأمم" (غل2: 9) (اقرأ مقالًا آخرًا عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في قسم الأسئلة والمقالات). فقد كان مُكلَّفًا بخدمة الأمم، مثلما يقول أحد أن هذا هو أسقف المدينة الفلانية فيقول: حتى أكون خادمًا ليسوع المسيح لأجل المدينة الفلانية مباشرًا لإنجيل الله ككاهن ليكون قربان المدينة الفلانية مقبولًا مقدسًا بالروح القدس. فهنا تحديد إطار الخدمة التي يخدمها.
ولكن لكي يكون قربان الشعب الذي يخدمه مقبولًا ومقدسًا بالروح القدس، لابد أن يكون هو كاهنًا، وبدون أن يكون كاهنًا لن يُقبل القربان فكيف يستطيع أن يقدم القرابين وأن يرفع الذبيحة الإلهية في القداس إن لم يكن هو كاهنًا..؟!
وإن قلنا إنه يجب أن يكون رئيس كهنة، فالسيد المسيح كان مذكورًا عنه أنه رئيس كهنة "لأنه كان يليق بنا رئيس كهنة مثل هذا قدوس بلا شر ولا دنس" (عب7: 26)، وأيضًا "وأما رأس الكلام فهو أن لنا رئيس كهنة مثل هذا قد جلس في يمين عرش العظمة في السماوات" (عب8: 1)، وفي موضع آخر ذُكر عن السيد المسيح أنه كاهن "أقسم الرب ولن يندم أنت كاهن إلى الأبد على رتبة ملكي صادق" (عب7: 21). فرئيس الكهنة هو كاهن مثلما يكون رئيس الجند جنديًا ورئيس الأطباء طبيبًا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/art7hdx