أب الاعتراف ودوره:
هناك أنواع كثيرة من استجابات آباء الاعتراف لهذا الفكر، ويختلف رد الفعل من واحد لآخر حسبما يكون منهجه وقامته.
فنوع لا يحب أن يتدخل في مثل هذه الأمور ويكون طرفًا فيها، ولذلك يعتذر بحجة عدم خبرته، وينصح الشاب باستشارة غيره من الآباء، أو أن يعرض أمره على المسئولين في الدير مباشرة، مُصَلِّيًا هو عنه.
وآخر يخشى عدم نجاح الشاب في هذا الطريق، فَيُلام من ضميره فيما بعد، ويخشى بذلك أن يكون له رأى واضح لعدم تأكده، ويعزى اعتذاره إلى أن الفصل في مثل هذه الأمور، ضرب من ضروب الحدس والتخمين والخوض في المجهول... لأن كثيرين فشلوا رغم تأييد آباء اعترافهم للفكرة قبلًا، كما أن كثيرين نجحوا على الرغم من أنهم لم ينصاعوا إلى تحذير آباء اعترافهم من احتمال الفشل. هنا في مثل هذه الحالة يجب على الأقل ألا يشكك أب الاعتراف ابنه بل يترك الأمور كلية لغيره...
وفريق ثالث يعتبر أن الرهبنة نوع من الأنانية بمقياس ما، فهو لا يحبذ الفكرة أساسًا ولا يشجعها، وليس هناك مانع من التنويه عن ذلك في الاجتماعات كلما سنحث له الفرصة، بل تجده دائما يشجع جدا على التكريس والزواج، وذلك بحجة الاستفادة بهذه الطاقات داخل حقل الخدمة في الكنيسة. هنا ونقول أنه حسن لهذا الأب أن يدبر الفعلة للحصاد ويشجع على التكريس ولكن ينبغي أن يشجع الآخرين ويستخدم غيرته هذه في جذب البعيدين، وأما الراغبين في الرهبنة فليشجعهم ولا يعوق نموهم.
وإذا كانت الخدمة عطاء فالرهبنة عطاء أكتر (بذل) ونحيى في أب الاعتراف هذا محبته للخدمة، ولكن هذا الخادم الذي يفكر في الرهبنة ألا يحتاج إلى خدمة هو الآخر من الكاهن؟ ألا وهي تشجيعه على خلاص نفسه بما يتلاءم مع طبيعته وميوله.
كما لا ننسى أن هذا الخادم عندما يصير راهبًا ينبغي أنه يصلي لأجل الكل: خدامًا ومخدومين، وهكذا تتألف السيمفونية ممن يصلي لأجل الخدمة كموسى الذي يصلي رافعًا يديه على شبه الصليب، ويشوع الذي يتقدم الحرب.
ونوع رابع من أباء الاعتراف: هو ذلك الكاهن الذي يشجع جدًا على الرهبنة، أولئك الذين يلمس استعداداتهم القلبية لهذا الطريق، من اجل خلاص نفوسهم، فتجده لا يكف في حديثه عن آباء الرهبنة وأبطال البراري وفضائلهم وحروبهم وانتصارتهم وذراع الله القوية التي سندتهم، ولكنه في كل هذا يحرص كل الحرص على وجون تناسب الطريق مع الرفيق.
وعلى آباء الاعتراف الذين يلمسون في بعض أولادهم استعدادًا طيبًا للرهبنة – أن يدخلوا معهم في بعض التدريبات المناسبة، كالصوم بشكل ما وإلى وقت ما، والصلاة بكيفية وكم معينين، ثم إلى النسك بطريقة مناسبة ومنها إلى الزهد.
وعلى سبيل المثال قد يعطي الأب الكاهن لشاب من أولئك تدريبًا أوليًا يقضي باعتزاله في حجرته الخاصة لمدة ساعة مثلًا في اليوم، تزيد مع الوقت، لكي ينكشف لاثنيهما القدرة على الصبر في القلاية في الدير، أو يعطيه قراءات معينة، وبالاختصار لكي يساعده أن يبدأ حياته الرهبانية من العالم...
ونحن نرى أن الراهب يبدأ حياته الرهبانية قبل دخوله إلى الدير، وستجد المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلاهيمانوت في أقسام المقالات والكتب الأخرى. ثم يكملها فيه. بمعنى أن الدير لا يصنع الراهب.
إن طقس سيامة الراهب لا يعني أننا (نصهره) لكي يسلك في قالب الرهبنة، وإنما يعني هذا الطقس (بمقياس ما) أن هذا الشاب قد قبله الدير عضوا في جسد المسيح وعضوًا جديدًا في الكرمة الحقيقية وذلك داخل الدير، وأن الدير بذلك يعلن انه مستعد لتوفير المناخ الملائم لنموه، وتقديم الإمكانيات التي تساعده على هذا النمو...
كما أن السيامة ذاتها تعني أيضًا انضمام الشاب بصفه رسمية (أمام الباقين) لمجمع الدير.
وهذا كله إلى جوار أن السيامة هي عمل روحي جبار في فاعليته يضفي على الراهب نعمة خاصة، وهناك من قال (رأيت الروح الحال على المعمودية، حالًا على أسكيم الرهبنة `cxhma) وذلك من حيث أن كلاهما موت وقيامة مع المسيح والسيامة أيضًا هي موت الشاب مع المسيح وقيامته مع المسيح أيضًا. وقبل أن ننتهي من الحديث عن دور أب الاعتراف في هذا الأمر، نقول أنه غالبًا ما يحتاج أولئك الشبان إلى مساعدة آباء اعترافهم في تصفية بعض المشاكل والمتعلقات التي تعوق دخولهم الدير سواء أكانت أسرية أم كنسية.
* الراهب هو الجسد النقي والفم الطاهر والذهن المستنير (ق. يوحنا الدرجي).
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/xvd2vp9