1-
الباراقليط والعهد الجديد:
وردت
كلمة باراقليط
paraklhton، حرفيًا باراكليتوس (Παράκλητος
-
Paraklētos)، في العهد الجديد وبالتحديد في
الإنجيل بحسب القديس يوحنا
والرسالة الأولى
للقديس يوحنا خمس مرات فقط، أربع مرّات في
الإنجيل ومرة واحدة في رسالته الأولى. ولم ترد ثانية في بقية العهد الجديد. وفيما
يلي الظروف التي تحدث فيها الربّ يسوع المسيح عن هذه الكلمة:
قبل
القبض عليه ومحاكمته، وفي لقائه الأخير مع تلاميذه قبل صلبه وموته جسديًا ثم
قيامته، أخذ الرب يسوع المسيح يُحدّث تلاميذه، بعد أن كشف لهم حقيقة علاقته بالآب
ووحدة الآب والابن في الطبيعة والذات الإلهية لله الواحد، الموجود بذاته والناطق
بكلمته والحي بروحه القدوس، ووجوده الأزلي السابق لخليقة العالم (يوحنا14و17)، عن
اختفائه عنهم بالموت جسديًا ثم ظهوره لهم بعد قيامته فقال لهم:
"
بَعْدَ
قَلِيلٍ لاَ يَرَانِي الْعَالَمُ أَيْضًا وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَرَوْنَنِي. إِنِّي أَنَا حَيٌّ
فَأَنْتُمْ سَتَحْيَوْنَ" (يوحنا
14: 19)،
"
بَعْدَ
قَلِيلٍ لاَ تُبْصِرُونَنِي ثُمَّ بَعْدَ قَلِيلٍ أَيْضًا تَرَوْنَنِي لأَنِّي
ذَاهِبٌ إِلَى الآبِ" (يوحنا16: 16)،
"
فَقَالَ
قَوْمٌ مِنْ تلاَمِيذِهِ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: مَا هُوَ هَذَا الَّذِي يَقُولُهُ
لَنَا: بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ تُبْصِرُونَنِي ثُمَّ بَعْدَ قَلِيلٍ أَيْضًا
تَرَوْنَنِي وَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى الآبِ؟" (يوحنا16: 17).
وكانت
أجابته لهم " أَعَنْ
هَذَا تَتَسَاءَلُونَ فِيمَا بَيْنَكُمْ لأَنِّي قُلْتُ: بَعْدَ قَلِيلٍ لاَ
تُبْصِرُونَنِي ثُمَّ بَعْدَ قَلِيلٍ أَيْضًا تَرَوْنَنِي. اَلْحَقَّ الْحَقَّ
أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّكُمْ سَتَبْكُونَ وَتَنُوحُونَ وَالْعَالَمُ يَفْرَحُ.
أَنْتُمْ سَتَحْزَنُونَ وَلَكِنَّ حُزْنَكُمْ يَتَحَوَّلُ إِلَى فَرَحٍ.
اَلْمَرْأَةُ وَهِيَ تَلِدُ تَحْزَنُ لأَنَّ سَاعَتَهَا قَدْ جَاءَتْ وَلَكِنْ
مَتَى وَلَدَتِ الطِّفْلَ لاَ تَعُودُ تَذْكُرُ الشِّدَّةَ لِسَبَبِ الْفَرَحِ
لأَنَّهُ قَدْ وُلِدَ إِنْسَانٌ فِي الْعَالَمِ. فَأَنْتُمْ كَذَلِكَ عِنْدَكُمُ
الآنَ حُزْنٌ. وَلَكِنِّي سَأَرَاكُمْ أَيْضًا فَتَفْرَحُ قُلُوبُكُمْ وَلاَ
يَنْزِعُ أَحَدٌ فَرَحَكُمْ مِنْكُمْ.
وَفِي ذَلِكَ الْيَوْمِ لاَ
تَسْأَلُونَنِي شَيْئًا. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَا
طَلَبْتُمْ مِنَ الآبِ بِاسْمِي يُعْطِيكُمْ. إِلَى الآنَ لَمْ تَطْلُبُوا شَيْئًا
بِاسْمِي. اُطْلُبُوا تَأْخُذُوا لِيَكُونَ فَرَحُكُمْ كَامِلًا. " قَدْ
كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا بِأَمْثَالٍ وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ حِينَ لاَ أُكَلِّمُكُمْ
أَيْضًا بِأَمْثَالٍ بَلْ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الآبِ علاَنِيَةً. فِي ذَلِكَ
الْيَوْمِ تَطْلُبُونَ بِاسْمِي. وَلَسْتُ أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي أَنَا أَسْأَلُ
الآبَ مِنْ أَجْلِكُمْ، لأَنَّ الآبَ نَفْسَهُ يُحِبُّكُمْ لأَنَّكُمْ قَدْ
أَحْبَبْتُمُونِي وَآمَنْتُمْ أَنِّي مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَرَجْتُ. خَرَجْتُ مِنْ
عِنْدِ الآبِ وَقَدْ أَتَيْتُ إِلَى الْعَالَمِ وَأَيْضًا أَتْرُكُ الْعَالَمَ
وَأَذْهَبُ إِلَى الآبِ" (يوحنا16: 19-28).
أعطي
الرب يسوع المسيح تلاميذه وصاياه الأخيرة وأخبرهم عمّا سيحدث لهم من ضيقات ومتاعب
واضطرابات واضطهادات لأجل اسمه في الأيام القليلة القادمة، وكان يقصد بذلك تقوية
وتشديد إيمانهم وتعريفهم بما سيحدث لهم حتى يكونوا على بيّنة ممّا سيأتي عليهم،
ومن ثمّ فقد قال لهم تأكيدًا لذلك:
*
"
كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِكَيْ
يَثْبُتَ فَرَحِي فِيكُمْ وَيُكْمَلَ فَرَحُكُمْ" (يوحنا15: 11).
*
"
قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِكَيْ لاَ تَعْثُرُوا" (يوحنا16: 1).
*
"
لَكِنِّي قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا حَتَّى إِذَا جَاءَتِ
السَّاعَةُ تَذْكُرُونَ أَنِّي أَنَا قُلْتُهُ لَكُمْ. وَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ
مِنَ الْبِدَايَةِ لأَنِّي كُنْتُ مَعَكُمْ" (يوحنا16: 4).
*
"
قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا بِأَمْثَالٍ وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ
حِينَ لاَ أُكَلِّمُكُمْ أَيْضًا بِأَمْثَالٍ بَلْ أُخْبِرُكُمْ عَنِ الآبِ
علاَنِيَةً" (يوحنا16: 25).
*
"
قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهَذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سلاَمٌ. فِي
الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ وَلَكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ
الْعَالَمَ" (يوحنا16: 33).
وفي
أثناء هذا الحديث الطويل حدّثهم عن إرساله للروح القدس الذي وصفه بالباراقليط، أي
المعزّي أو المدافع أو المحامي فقال:
1-
"
وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ فَيُعْطِيكُمْ
مُعَزِّيًا آخَرَ(ἄλλον
παράκλητον
–
allon
Parakleton) لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ
رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ
يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ
مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ. لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى. إِنِّي آتِي
إِلَيْكُمْ" (يوحنا14: 16-18) (انظر نص السفر هنا في موقع الأنبا تكلا).
2-
"
وَأَمَّا الْمُعَزِّي (Παράκλητος
-
Paraklētos) الرُّوحُ
الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ شَيْءٍ
وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ" (يوحنا14: 26).
3-
"
وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي (Παράκλητος
-
Paraklētos) الَّذِي
سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ
الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي وَتَشْهَدُونَ أَنْتُمْ أَيْضًا لأَنَّكُمْ
مَعِي مِنَ الاِبْتِدَاءِ" (يوحنا15: 26-27).
4-
"
لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ
خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ
الْمُعَزِّي (Παράκλητος
-
Paraklētos) وَلَكِنْ
إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ
عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ.
أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ
فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. وَأَمَّا عَلَى بِرٍّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى
أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضًا. وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ
هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ. إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ
لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. وَأَمَّا مَتَى
جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ لأَنَّهُ
لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ
وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. ذَاكَ يُمَجِّدُنِي لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا
لِي وَيُخْبِرُكُمْ.
كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي. لِهَذَا قُلْتُ إِنَّهُ
يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ" (يوحنا16: 7-15).
ثم استخدم القديس
يوحنا بعد ذلك تعبير الباراقليط (Παράκλητος
-
Paraklētos)، عن الرب يسوع المسيح نفسه كالشفيع أو المحامي فقال " يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ
إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا
شَفِيعٌ (παράκλητον
– Parakleton) عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ
الْمَسِيحُ الْبَارُّ، وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا
فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا" (1يوحنا2: 1-2). وبذلك يكون الباراقليط الأول هو الرب
يسوع المسيح نفسه والباراقليط الآخر هو الروح القدس.
2-
المعنى اللغوي لكلمة الباراقليط
(1):
الكلمة اليونانية هي (Παράκλητος
-
Paraklētos) من الفعل " باراكليو –
παρακαλέω
-
parakaleō -
par-ak-al-eh'-o) ومعناها:
" To
call near, that is, invite, invoke (by imploration, hortation or consolation):
- beseech, call for, (be of good) comfort, desire, (give) exhort (-ation),
intreat, pray".
وجمعه (Παρεκαλουν -
Parekloun).
وكلمة" (Παράκλητος
-
Paraklētos) اسم مفعول، وتعني في أصلها اللغويّ " المستعان به
called to one side"، وقد جاءت في الترجمة السبعينية في أيوب (16: 3) في
اسم الفاعل بصيغة الجمع – في وصف أصحابه الذين جاءوا إليه في كربه: " مُعَزُّون
(Παράκλητορες -
Paraklētres) - مُتْعِبُون كُلّكًم".
وتعني الكلمة، في معناها العام، في الكتابات الأدبية الكلاسيكية اليونانية قبل الميلاد؛ " شخص يُستدعي للمساعدة، يُستدعي ليقدّم مساعدة، بمعنى مساعد في المحكمة، أي "محامٍ" قانوني أو مستشار للدفاع، كما استخدمت بصيغة المبني للمجهول بمعنى " مُستدعي".
وهذا
المعنى القانوني الفني هو الغالب في الاستخدام وتقابله كلمة " محامٍ "
أو " مستشار " أو " وكيل دعاوي". كما استخدمت بمعنى شفيع أو
وسيط أو معين بصورة عامّة
"
An intercessor, consoler: -
advocate, comforter "
3-
الباراقليط والترجمة اليونانية (السبعينية
LXX) للعهد القديم (حوالي 275ق.م.)(2):
استخدمت كلمة
باراقليط
(Παράκλητος
-
Paraklētos) في الأدب اليوناني في القرن
الرابع قبل الميلاد بمعنى " شخص يُستدعَى للمساعدة، يُستدعي لتقديم مساعدة"، كما
بيّنا أعلاه، ويعطي معنى المساعدة في المحكمة، أي محامي أو مدافع أو مستشار
قانوني. وعندما ترجم علماء اليهود أسفار العهد القديم إلى اللغة اليونانية
المعروفة بالسبعينية حوالي سنة 275 ق.م. بناء على طلب من الملك بطليموس ملك
مصر، استخدم هؤلاء العلماء الاسم الجمع للكلمة (Παράκλητοι -
Paraklētoi)، وذلك في صيغة اسم الفاعل وبصيغة الجمع - في وصف
أصحابه الذين جاءوا إليه في كربه " مُعَزُّون (Παράκλητορες -
Paraklētres) - مُتْعِبُون كُلّكًم" (أيوب16: 2). والتي هي
(1) Greek-English Lexicon of the NT p.483. & Theological
Dictionary of the NT p.805-812.
(2) Theological Dictionary of the NT
vol. 5, p. 801-802.
في العبرية (נחם -
nâcham -
naw-kham' – معزون)(3)، واستخدمت أيضًا في سفر زكريا (1: 13) في
ترجمة قوله:
"
كلمات تعزية = (4)
λύγους
παρακλητικούς (Logos Parakletikos) = נחם
נחוּם
=
nee-khoom', nee-khoom' -properly consoled; abstractly solace: - comfort
(-able), repenting
4- استخدمها في التلمود والترجوم
(5):
استخدام كتّاب
اليهود هذه الكلمة " باراقليط " في عدد من المعاني، فالعمل الصالح يُدْعَى " باراقليط " أو محام ، أما التعدي فيسمَّى المدعي أو سلطة الاتهام. والتوبة
والأعمال الصالحة فيطلق عليها " باراقليط" (بصيغة الجمع)، فأعمال البر والرحمة
التي يقوم بها شعب إسرائيل في هذا العالم، تصبح عوامل سلام وشفعاء (باراقليط)
لهم عند أبيهم الذي في السموات وذبيحة الخطية هي أيضًا " باراقليط".
5-كما استخدمها
فيلو الفيلسوف اليهودي(6) المعاصر للمسيح:
بمعنى
Advocate أي المحامي أو المدافع، واستخدمها أيضًا بصيغة الجمع (Παράκλητοι -
Paraklētoi)، بمعنى ديني يعني
المدافعين عن الخطاة أمام الله، فيقول عن يوسف
إنه
منح الغفران لأخوته الذين أساءوا إليه، وأعلن لهم أنَّهم ليسوا في حاجة إلى " باراقليط " أو شفيع. وفي كتابه عن حياة موسى، ترد عبارة ملفتة للنظر تدل على
أسلوب
فيلو في التأويل الروحي للكتاب، كما تعكس نزعته الفلسفية، ففي ختام وصفه
البليغ للمعاني الرمزية لثياب رئس الكهنة بكلّ ما فيها من جواهر ثمينة. يقول :
"إن الاثني عشر حجرًا المرصّعة بهما
الصدرة على أربعة صفوف، وفي كل صف منها ثلاثة أحجار، كانت رمزًا للعقل الذي يمسك بالكون
ويحفظ نظامه، إذ كان لابد أن الإنسان الذي كُرّس لأب كل العالم، يتّخذ ابنه شفيعًا
(باراقليط). باعتباره الكامل المطلق في كل فضيلة، للحصول على غفران الخطايا
وبركات بلا حدود " وهي عبارة شديدة الشبه بما جاء في رسالة يوحنا الأولى (2: 1).
(3) Brenton the
Septuagint with Apocrypha p.677.
(4)
Brenton the Septuagint with Apocrypha p.1115.
(5)
Theological Dictionary of the NT vol. 5, p. 802.
(6)
Ibid. 802,802.
حيث نرى المسيح شفيعنا عند الآب، ولو أنَّ
مفاهيم
فيلو عن " العقل " و"
الابن
" ليست هي المفاهيم المسيحية.
وهكذا فأن تاريخ كلمة الباراقليط (Παράκλητος - Paraklētos) سواء في دائرة الفكر اليوناني أو اليهودي السابق للمسيحية أو الفكر المسيحي يؤكد أنها لا تعني سوى المدافع أو المحامي أو المعزي أو الشفيع. وقد طبقت كل هذه المعاني على السيد المسيح الذي هو الباراقليط الأول والروح القدس الذي هو الباراقليط الآخر. ولا مجال مطلقًا لأي ادعاء آخر.
6- ترجمة الباراكليتوس إلى اللغات الأخرى:
كُتب
العهد الجديد باللغة اليونانية وقد كتب القديس يوحنا، بالروح القدس، الإنجيل
الرابع ورسائله الثلاث فيما بين سنة 60 و95 م.، الفترة التي دمر فيها الرومان
هيكل سليمان
وتشتت فيها اليهود
في جميع أنحاء الدول المطلة على البحر المتوسط، وبعد انتشار المسيحيّة في هذه
الدول، وكانت اللغة اليونانية هي اللغة السائدة وقتئذ، وبالتالي فقد كتبت
الكلمة في الإنجيل كما هي (Παράκλητος
-
Paraklētos) بدون نقل أو ترجمة من العبرية أو الآرامية التي كان يتكلم بها الرب يسوع المسيح.
وقد ترجمت في القرون الثلاثة التالية إلى السريانية والقبطية واللاتينية وهي لغات
البلاد التي انتشرت فيها المسيحية والتي كانت منتشرة فيها اللغة اليونانية أيضًا.
(1)
اللغة السريانية: نُقلت الكلمة في الترجمات السريانية الشرقية كما هي
في اليونانية(Παράκλητος
-
Paraklētos) وقد كُتبت بحروف سريانية، ونُطقت " براقلطيا " بمعنى المعزي، وترجمت
في السريانية الفلسطينية " منحميا " أي المعزّي.
(2) اللغة القبطية: واستخدمت اللغة القبطية أيضًا، سواء
الصعيدية أو البحيرية، نفس الكلمة كما هي
بحروفها اليونانية
(Παράκλητος
-
Paraklētos) بنفس المعنى اليوناني، المعزي، وإن كانت الصعدية ترجمت ما جاء في يوحنا الأولى:
"
يَا أَوْلاَدِي، أَكْتُبُ
إِلَيْكُمْ هَذَا لِكَيْ لاَ تُخْطِئُوا. وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا
شَفِيعٌ (παράκλητον
–
Parakleton) عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ
الْمَسِيحُ الْبَارُّ، وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا. لَيْسَ لِخَطَايَانَا
فَقَطْ، بَلْ لِخَطَايَا كُلِّ الْعَالَمِ أَيْضًا (يوحنا2: 1).
(3) اللغة اللاتينية: وبنفس الطريقة نقلت الترجمات اللاتينية الكلمة كما
هي وكتبتها بحروف لاتينية (Parakletus) وترجموها
أحيانًا إلى " أدفوكاتوس
Advocatus " أي "
المدافع"، وأحيانًا " المستشار القانوني –
Consolator". وترجمت
الفولجاتا (العامية) ما ورد في الإنجيل بحسب القديس يوحنا إلى "
Parakletus " وما جاء في رسالته الأولى إلى Advocatus.
7-
الباراكليتوس وآباء الكنيسة:
آمن آباء الكنيسة
وعلماؤها منذ نهاية القرن الأول وحتى الآن أنَّ الباراقليط (Παράκλητος
-
Paraklētos) هو اسم من أسماء الروح القدس وصفة من صفاته. فهو روح الحق الذي ينبثق من الذات
الإلهية لله الواحد. كما أنه أحد ألقاب الرب يسوع المسيح " الشفيع".
ولم يتخيّل أحد هؤلاء الآباء في القرون الأولى أنَّ الباراقليط يمكن أنْ يعني أي شخص
آخر غير الروح القدس أو الرب يسوع المسيح. ولم ترد هذه الفكرة في كتاباتهم
ومخطوطاتهم على الإطلاق. وإنما ترجموها بمعنى المعزي أو
المدافع
بالنسبة للروح القدس والشفيع بالنسبة للمسيح.
(1) جاء في الرسالة إلى برنابا التي كتبت فيما بين (سنة 70 إلى
100 م.)؛ أنَّ الباراقليط (Παράκλητος
-
Paraklētos)
يعني المعزي
Consoler
أو المُريح
Comforter،
وهذه الصفة كانت معروفة وشائعة عند آباء الكنيسة اليونانية (أي الذين كتبوا
باليونانية، خاصة في الشرق).
(2)
العلامة ترتليان (الروح القدس
220م)(7): قال
العلامة ترتليان من الآباء اللاتين في القرن الثاني "وهو (أي المسيح) الذي سيأتي ليدين
الأحياء والأموات والذي أرسل أيضًا من السماء، من الآب حسب وعده الروح القدس
الباراقليط مقدس هؤلاء الذين يؤمنون بالآب والابن والروح القدس".
(7) Against
Paraxeas II.
وقال أيضًا " يوجد الباراقليط أو المعزي الذي وعد (المسيح) أن
يرسله من السماء بعد صعوده إلى الآب. لقد دعي حقًا معزيًا آخر، ولكن بأي طريقة هو
آخر؟ مبينًا حالًا قول المسيح " سيأخذ مما لي " مثلما أخذ المسيح نفسه من
الآب.
وهكذا فإنَّ صلة الآب في الابن والابن في الباراقليط ثلاثة
أقانيم متّحدة
(منطقيًا)، ومع
ذلك يتميّز الأقنوم عن الآخر، وهؤلاء الثلاثة هم جوهر واحد فقط" (8).
(3)
العلامة
أوريجانوس
(185-245م): قال
العلامة المصري أوريجانوس في بداية القرن الثالث"
الروح القدس سمّاه ربنا
ومخلصنا في الإنجيل للقديس يوحنا الباراقليط... نفس الروح القدس الذي كان في
الأنبياء والرسل" (9).
وأيضًا
"
يجب أنْ نعرف أنَّ الباراقليط هو الروح القدس الذي يُعلم الحق الذي لا يُنطق بكلمات ولا يسوغ
لإنسان أنْ يتكلّم به، أي الذي لا يمكن أنْ يبيّن بلغة البشر" (10). وقال مبيّنًا الفرق بين استخدام الكلمة
كصفة للرب يسوع المسيح: " وبما أنَّ مخلصّنا دُعي بالباراقليط في رسالة يوحنا
في قوله "وَإِنْ أَخْطَأَ أَحَدٌ فَلَنَا
شَفِيعٌ (παράκλητον
–
Parakleton) عِنْدَ الآبِ، يَسُوعُ
الْمَسِيحُ الْبَارُّ، وَهُوَ كَفَّارَةٌ لِخَطَايَانَا"... لأنَّه في اليونانية له كلٍ من
المعنيَين، أي الشفيع والمُعزّي... وعندما يقول " هو كفارة " يُفهم اسم
الباراقليط في حالة مخلصنا بمعنى الشفيع لأنَّه يتوسّط عند الآب لأجل خطايانا، وفي حالة الروح القدس يجب أنْ يُفهم بمعنى
المُعزّي لأنَّه يهب تعزية لنفوس الذين يَكْشِف لهم صراحة إدراك المعرفة الروحية(11).
(4) وجاء في كتاب تاريخ
الكنيسة
ليوسابيوس القيصري
في نهاية القرن الثاني وبداية الثالث
تسجيل لما حدث لشهداء الغال (177: 178م) قوله عن فيتيوس اباجاتوس(12) الذي شهد ودافع عن إخوته أنَّه دعي "
شفيع المسيحيين، إذ كان في داخله شفيع، أي
الروح
الذي امتلأ به أكثر من زكريا". وهنا دعي شفيع لأنه كان بداخله الشفيع الذي أرسله
المسيح، أي الروح القدس الذي امتلأ به مثلما امتلأ زكريا بالروح القدس وتنبأ...
(8) Ibid. XXI.
(9) On the Holy Spirit ch.7.1.
(10) Ibid.7, 4.
(11) Ibid.7, 4.
(5) وركز
القديس إكليمندس
الإسكندري(13) على فكرة المشير القانوني والنصيحة القانونية،
ويستخدم تعبير " باراكليتون بسيشس –
parakleton psyches –ψυχης
παράκλητον)، أي "
محامي النفوس".
(6)
القديس كيرلس الأورشليمي
(314-387م): قال في حديثه عن أسماء الروح القدس " أنه (الروح القدس) يدعى
" روحًا " بحسب الكتاب المقدس كما قرأت الآن... ويُدعى " روح الحق "
وفقًا لقول المخلص " فمتى جاء روح الحق..."، ويدعى " المعزي أو
المؤيد " كما قال " فإن لم أمض لا يأتيكم المعزي... ولكن هو واحد بالرغم
من له ألقابّا مختلفة وهذا واضح
لأن الروح القدس والمعزي هما واحد معلن في هذه الكلمات " ولكن المعزي الروح
القدس"... والمعزي هو نفسه الروح القدس... كما جاء " وأنا أسأل أبي
فيعطيكم معزيًا آخر يبقى معكم إلى الأبد روح الحق"... وأيضًا ومتى جاء المعزي الذي
سأرسله أنا إليكم من عند الآب روح الحق"
(14).
وهكذا يتضح لنا
أنَّ الباراقليط (Παράκλητος
-
Paraklētos) حسب ما فهمه آباء الكنيسة
في القرون الأربعة الأولى للميلاد، سواء في الشرق أو الغرب، هو الروح القدس،
روح الحق المعزي، الأقنوم الثالث في الذات الإلهية لله الواحد، والذي سبق أنْ
حلّ في الأنبياء والرسل والذي أرشدهم إلى الحق كقول
العلامة
أوريجانوس " الذي
يعلم الحق الذي ينطق بكلمات لا يسوغ لإنسان أن يتكلم بها، الذي لا يمكن أن يبين
بلغة بشرية".
(12) ك5 ف1.
(13) Theological Dictionary of the NT vol. 5, p. 805.
(14) عظة 17:4.
هو الروح القدس الذي يهب التعزية للذين يهب لهم إدراك المعرفة
الروحية، الذي نزل من السماء وحلّ على التلاميذ بعد صعود الرب يسوع المسيح بعشرة
أيام. كما عرفوا أيضًا وفهموا من الكتاب المقدس أنَّ المسيح نفسه دُعي
باراقيط (Παράκλητος -
Paraklētos) بمعنى الشفيع الذي يشفع لنا عند الآب.
8- الباراقليط والهرطقات(16):
من أشهر الهرطقات التي استخدمت الباراقليط في أفكارها، هرطقة ماني، أو ما يُسمَّى بالهرطقة المانوية نسبة إلى ماني. فمن هو ماني؟ وما هي المانوية؟
يذكر
الأسقف أرخلاوس أسقف
Casher
فيما بين النهرين والذي دار بينه وبين ماني هذا نقاش حول بدعته وادّعاءاته
وأكاذيبه. وكذلك
القديس كيرلس الأورشليمي
الذي كتب بعد ظهور هذه البدعة بسبعين سنة،
أنَّه كان في مصر رجل من أصل شرقي يُدعى سيثيانوس
Scythianus أمتثل بحياة أرسطو وألّف
أربعة كتب أسماها "الكنز" و"الفصول" و"الأسرار"
و"الإنجيل" والذي لم يكن يحوي شيئًا من أعمال المسيح. ولما مات هذا
الرجل ورثه تلميذه تيريبنثوس
Terebinthus الذي انتقل إلى فلسطين
ثم حُكم عليه بالموت فهرب إلى بلاد الفرس وإستبدل اسمه ببوذا حتى لا يعرفه أحد. ثم
ادّعى أنَّه ابن عذراء وأنه وُلد عن طريق ملاك على الجبال.
وحدث جدال بينه وبين تلميذ ميثرا
Mithra وبينوا له ضلاله، فلجأ إلى
بيت أرملة لتحميه، وفيما كان يستدعي شياطين الهواء سقط من على سطر المنزل ومات.
فورثت
الأرملة كل ما تركه تيريبنثوس
Terebinthus من كتب وتفاسير لهذه الكتب.
ولما كانت هذه الأرملة وحيدة اشترت لها ولدًا صغيرًا في السابعة من عمره اسمه
كوبرشيوس
Cobricious
وحررته وهذبته وعلمته ولما بلغ الثانية عشر من العمر ماتت المرأة
وتركت له كل ما تملك من مال وكتب بما فيها الكتب الأربعة التي
لتيريبنثوس، وسكن في وسط المدينة بالقرب من ملك الفرمن وغير اسمه القديم
(16) Anti NF
vol.6 p, 209.
1- زعم أنه
الباراقليط قائلًا: "أنا الباراقليط الذي أُعلنت رسالته من زمن قديم بواسطة
يسوع والذي كان يجب أنْ يأتي ليقنع العالم بالخطية وعدم البر، وكما قال بولس
الذي أرسل قبلي عن نفسه أنَّه "يعلم بعض ويتنبأ ببعض" لذلك فأنا أحفظ الكمال
لنفسي... لذا اقبلوا هذه الشهادة الثالثة أنني رسول المسيح، وإذا اخترتم أن
تقبلوا كلماتي ستجدون خلاصًا".
وهو
هنا يفهم الباراقليط على أنه رسول للمسيح مثل بوس الرسول.
2- اعتقد بوجود إلهين يتعارض أحدهما مع الآخر، إله للخير وإله للشر، النور والظلمة. وأنَّ
النفس في الإنسان هي جزء من النور وأنَّ الجسد الذي يتكون من المادة هو جزء من
الظلمة.
3- امتلأت
أفكاره بالنظريات الوثنية عن المادة، وخلط بين الأساطير الوثنية والكتاب المقدس.
4- فهم
الكتاب المقدس بمنظور مادي وثني: فقال عن الله " إنَّ إله العهد القديم هو
مصدر الشر، إذ
يقول عن نفسه " أنا نار آكلة" (تثنية4: 24)، وفهم قول بولس الرسول " الَّذِينَ فِيهِمْ إِلَهُ هَذَا
الدَّهْرِ (أي
الشيطان) قَدْ
أَعْمَى أَذْهَانَ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ، لِئَلاَّ تُضِيءَ لَهُمْ إِنَارَةُ
إِنْجِيلِ.
مَجْدِ الْمَسِيحِ، الَّذِي هُوَ صُورَةُ اللهِ" (2كورونثوس4: 4) بمعنى العمى الجسدي فقال " لماذا سَيُسبِّب الله العمي للإنسان؟"
5- ويقول
أتباع ماني عن نزول المطر. أنَّ المطر يأتي عن حب فاسق، وأنَّ السماء عذراء جميلة
وشابة جميلة
وأنهما يشعران كالجمال والذئاب في أيّام
الحرّ بالشهوة الجنسية تدفعهما الواحد نحو الآخر في فصل الشتاء. فيسعى الشاب الفاسق
إلى العذراء بوحشية فتهرب، ولكنه يطاردها، وإذ هو يركض وراءها يعرق وهذا العرق هو
المطر.
من
هذا يتضح لنا أنَّ فهم ماني للكتاب المقدس مبني على أفكار وثنية بحتة وتسيطر
عليه العقلية المملوءة بالأساطير والخرافات الوثنية. ومع ذلك فقد كان يؤمن
بألوهيّة
المسيح وأنَّ الباراقليط هو رسول خاصّ بالمسيح، ومن ثمّ اعتقد أنَّه هو نفسه الباراقليط
رسول المسيح مثل بولس الرسول.
9- من هو الباراقليط، إذًا، وهل يمكن أن يكون مجرّد
إنسان؟:
والإجابة
كلا، هو روح وليس إنسانًا ولا يمكن أن يكون إنسانًا لأنه روح الله الآب وروح
الابن:
1- هو
روح من ذات الله، روح الله، وليس إنسان:
*
" الأَبَدِ
رُوحُ
الْحَقِّ
الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ يَرَاهُ
وَلاَ يَعْرِفُهُ" (يوحنا14: 17)، هو روح غير مرئي وليس مادة ملموسة،
والحق هنا هو الله، فهو روح الله، الذي انبثق، أي يصدر من ذات الله الآب "رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي" (يوحنا15: 26).
*
فالله كما قال الرب يسوع المسيح "
روح "؛ "
الله روح"
(يوحنا4: 24)، والباراقليط الصادر منه، المنبثق منه
هو روح، روح الحق، روح من روح.
*
"
الروح القدس" (يوحنا14: 26)، أي روح الله القدوس، كما يوصف دائمًا.
2- وغير
محدود بالمكان أو الزمان وغير مرئي للعين البشرية:
*
"
وَأَنَا أَطْلُبُ مِنَ الآبِ
فَيُعْطِيكُمْ مُعَزِّيًا آخَرَ(αλλον
παράκλητον
–
allon
Parakleton) لِيَمْكُثَ مَعَكُمْ إِلَى الأَبَدِ
رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي لاَ يَسْتَطِيعُ الْعَالَمُ أَنْ يَقْبَلَهُ لأَنَّهُ لاَ
يَرَاهُ وَلاَ يَعْرِفُهُ" (يوحنا14: 16و17).
فهو أبدي لا نهاية له وسيمكث مع الكنيسة
إلى الأبد ولن يفارقها أبدًا، وهذه صفة من
صفات الله وليست من صفات الإنسان. وهو
غير مرئي للعين البشرية، لأنه روح الله الذي لم يره أحد قط بلاهوته؟
*
ولكن التلاميذ كانوا يعرفونه لأنه كان
حال فيهم، بعد حلوله يوم الخمسين، كانوا يدركونه بقوّته العاملة فيهم، وبأعماله
التي يعملها من خلالهم، سواء بتكلّمه على ألسنتهم أو بعمل المعجزات على أيديهم
"
وَأَمَّا أَنْتُمْ
فَتَعْرِفُونَهُ لأَنَّهُ مَاكِثٌ مَعَكُمْ وَيَكُونُ فِيكُمْ. لاَ أَتْرُكُكُمْ يَتَامَى.
إِنِّي آتِي إِلَيْكُمْ" (يوحنا14: 18).
3-
سيرسله المسيح من الآب:
" وَأَمَّا
الْمُعَزِّي (Παράκλητος
-
Paraklētos) الرُّوحُ
الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي" (يوحنا14: 26).
فالروح
القدس هو روح الآب كما هو روح الابن أيضًا لأنَّ الآب والابن واحد، لذا يقول
الكتاب المقدّس أنَّه روح الابن " ثُمَّ بِمَا أَنَّكُمْ أَبْنَاءٌ، أَرْسَلَ اللهُ رُوحَ ابْنِهِ
إِلَى قُلُوبِكُمْ صَارِخًا: «يَا أَبَا الآبُ" (غلاطية4: 6)،
وروح
المسيح " وَأَمَّا
أَنْتُمْ فَلَسْتُمْ فِي الْجَسَدِ بَلْ فِي الرُّوحِ إِنْ كَانَ رُوحُ اللهِ
سَاكِنًا فِيكُمْ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ لَيْسَ لَهُ رُوحُ الْمَسِيحِ
فَذَلِكَ لَيْسَ لَهُ"
(رومية8: 9).
وروح
يسوع المسيح " لأَنِّي
أَعْلَمُ أَنَّ هَذَا يَؤُولُ لِي إِلَى خَلاَصٍ بِطِلْبَتِكُمْ وَمُؤَازَرَةِ رُوحِ
يَسُوعَ الْمَسِيحِ" (فيليبي1: 19).
4- مجيئه
مرتبط بصعود المسيح وتالي له مباشرة:
"
لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ
إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ
يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي (Παράκλητος
-
Paraklētos) وَلَكِنْ
إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ" (يوحنا16: 4).
كان لا بُد أن يأتي
بعد صعود المسيح مباشرة لأنَّه هو،
المسيح،
الذي سيرسله من الآب، فإن مجيئه مرتبط بصعود المسيح كروح المسيح ليمجده وليذكّرهم بكل
ما قاله وعمله المسيح مدة خدمته على الأرض، وقد حلّ الروح القدس على التلاميذ بعد
صعود المسيح بعشرة أيام وكان يقود
الكنيسة
ويوجّهما ويرشدها. يقول الكتاب عن " فَقَالَ الرُّوحُ لِفِيلُبُّسَ:
تَقَدَّمْ وَرَافِقْ هَذِهِ الْمَرْكَبَةَ" (أعمال8: 29). ليكرز للخصي الحبشي ، وبعد أداء
مهمّته يقول " خَطَفَ
رُوحُ الرَّبِّ فِيلُبُّسَ" (أعمال8: 39)،
وعند
كرازة القديس بطرس لكرنيليوس قائد المئة الروماني "قَالَ لَهُ (بطرس) الرُّوحُ: هُوَذَا ثَلاَثَةُ رِجَالٍ
يَطْلُبُونَكَ" (أعمال10: 19)، "فَقَالَ
لِي الرُّوحُ
أَنْ أَذْهَبَ مَعَهُمْ" (أع
11: 12).
وفي
بداية خدمة بولس وبرنابا يقول "قَالَ
الرُّوحُ الْقُدُسُ: أَفْرِزُوا لِي بَرْنَابَا وَشَاوُلَ" (أع13: 2)،
"وَبَعْدَ مَا اجْتَازُوا فِي فِرِيجِيَّةَ وَكُورَةِ غَلاَطِيَّةَ مَنَعَهُمُ
الرُّوحُ الْقُدُسُ أَنْ يَتَكَلَّمُوا بِالْكَلِمَةِ فِي أَسِيَّا. فَلَمَّا
أَتَوْا إِلَى
مِيسِيَّا حَاوَلُوا أَنْ يَذْهَبُوا إِلَى بِثِينِيَّةَ فَلَمْ
يَدَعْهُمُ الرُّوحُ" (أع16: 6-7)،
وبعد
مجمع أورشليم الأوّل قال التلاميذ في مستهلّ إعلان ما قرّره المجمع "لأَنَّهُ قَدْ رَأَى الرُّوحُ الْقُدُسُ وَنَحْنُ أَنْ لاَ
نَضَعَ عَلَيْكُمْ ثِقْلًا أَكْثَرَ غَيْرَ هَذِهِ الأَشْيَاءِ الْوَاجِبَةِ" (أعمال15: 28).
وكان
"
الرُّوحَ الْقُدُسَ يَشْهَدُ
فِي كُلِّ مَدِينَةٍ " عما سيحدث لبولس الرسول (أع20: 23).
وكان
الروح القدس هو الذي يقيم الأساقفة "الَّتِي
أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً لِتَرْعُوا كَنِيسَةَ
اللهِ" (أعمال20: 28).
وتكرّر
في سفر الرؤيا عبارة "مَنْ لَهُ أُذُنٌ فَلْيَسْمَعْ
مَا يَقُولُهُ الرُّوحُ لِلْكَنَائِسِ" (رؤيا2: 7و11و17و29؛ 3: 6و13و22).
5- يأت
ليشهد للمسيح ويمجّده لأنه سيأخذ مما له ويخبر به:
" وَأَمَّا الْمُعَزِّي (Παράκλητος
-
Paraklētos) الرُّوحُ
الْقُدُسُ الَّذِي سَيُرْسِلُهُ الآبُ بِاسْمِي فَهُوَ يُعَلِّمُكُمْ كُلَّ
شَيْءٍ وَيُذَكِّرُكُمْ بِكُلِّ مَا قُلْتُهُ لَكُمْ" (يوحنا14: 26).
" وَمَتَى جَاءَ الْمُعَزِّي (Παράκλητος
-
Paraklētos) الَّذِي
سَأُرْسِلُهُ أَنَا إِلَيْكُمْ مِنَ الآبِ رُوحُ الْحَقِّ الَّذِي مِنْ عِنْدِ
الآبِ يَنْبَثِقُ فَهُوَ يَشْهَدُ لِي" (يوحنا15: 26).
" لكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ
الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ
يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي (Παράκλητος
-
Paraklētos) وَلَكِنْ
إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ. وَمَتَى جَاءَ ذَاكَ يُبَكِّتُ الْعَالَمَ
عَلَى خَطِيَّةٍ وَعَلَى بِرٍّ وَعَلَى دَيْنُونَةٍ.
أَمَّا عَلَى خَطِيَّةٍ
فَلأَنَّهُمْ لاَ يُؤْمِنُونَ بِي. وَأَمَّا عَلَى بِرٍّ فَلأَنِّي ذَاهِبٌ إِلَى
أَبِي وَلاَ تَرَوْنَنِي أَيْضًا. وَأَمَّا عَلَى دَيْنُونَةٍ فَلأَنَّ رَئِيسَ
هَذَا الْعَالَمِ قَدْ دِينَ. إِنَّ لِي أُمُورًا كَثِيرَةً أَيْضًا لأَقُولَ
لَكُمْ وَلَكِنْ لاَ تَسْتَطِيعُونَ أَنْ تَحْتَمِلُوا الآنَ. وَأَمَّا مَتَى
جَاءَ ذَاكَ رُوحُ الْحَقِّ فَهُوَ يُرْشِدُكُمْ إِلَى جَمِيعِ الْحَقِّ لأَنَّهُ
لاَ يَتَكَلَّمُ مِنْ نَفْسِهِ بَلْ كُلُّ مَا يَسْمَعُ يَتَكَلَّمُ بِهِ
وَيُخْبِرُكُمْ بِأُمُورٍ آتِيَةٍ. ذَاكَ يُمَجِّدُنِي لأَنَّهُ يَأْخُذُ مِمَّا
لِي وَيُخْبِرُكُمْ.
كُلُّ مَا لِلآبِ هُوَ لِي. لِهَذَا قُلْتُ إِنَّهُ
يَأْخُذُ مِمَّا لِي وَيُخْبِرُكُمْ" (يوحنا16: 7-15).
إنَّه
يأتي ليذكّر تلاميذ المسيح بما عمله وعلّمه أمامهم ومن ثمّ يشهد له ويمجّده ويرشدهم
لكلّ الحق الذي علّمه لأنَّه يأخذ مما له، للمسيح، الابن، لأن كل ما لله الآب هو للابن
أيضًا، والآب والابن والروح القدس واحد.
ومن له أذنان للسمع فليسمع!!!
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/fyvys8v