سجل القرن الثاني للمسيحية جدلًا طويلًا بين فريقين من الكنائس حول تحديد موعد عيد القيامة.
أ- فالمسيحيون في آسيا الصغرى وكيليكيا وبين النهرين وسوريا كانوا يعيدون في اليوم الرابع عشر من شهر نيسان العبري تذكارًا للصلب، واليوم السادس عشر من الشهر المذكور للقيامة وذلك في أي يوم من أيام الأسبوع سواء صادف الجمعة للصلب والأحد للقيامة أو لم يصادف.
وكانوا في يوم 14 نيسان عندما يجرون تذكار الصلب يفطرون اعتقادًا منهم أن هذا اليوم هو يوم تحرير الجنس البشري من العبودية، فيصرفون يوم الصلب في الحزن وبعض الفريق يقول أنه تسلم هذه العادة من القديسين يوحنا وفيلبس الرسولين.
ب- أما المسيحيون في بلاد اليونان ومصر والبنطس وفلسطين وبلاد العرب فلم يجعلوا اليوم (14، 16 نيسان) أهمية بقدر أهمية الجمعة كتذكار للصلب والأحد كتذكار للقيامة واستندوا في ذلك إلى تسليم القديسين بطرس وبولس الرسولين.
ولقد استمر هذا النزاع بين الفريقين ولكن لم يؤثر على سلام الكنيسة، ولم يقطع رباط المحبة والاتحاد بين أعضائها.
ولقد سافر بوليكربوس أسقف أزمير نحو سنة 160 م. إلى روما لينهى بعض المسائل ومن بينها عيد الفصح، أملا بأن يقنع أنكيطوس أسقف روما وجهة نظره والسير على منوال كنائس أسيا، وبالرغم من طول الجدل... إلا أن عُرَى الاتحاد لم تنفصل واشترك بوليكوبوس مع عدد من أساقفة روما في خدمة القداس الإلهي وقدس أسقف أزمير الأسرار الإلهية.
لقد استمر الحال على هذا المنوال إلى أواخر القرن الثاني، وأوائل القرن الثالث الميلادي فعقدت مجامع مكانية مختلفة بعضها حكم بأن يعيد المسيحيون عيد القيامة في يوم الأحد ولا يحل الصوم قبل ذلك ومن هذه المجامع انعقد مجمع روما سنة 198 م. برئاسة البابا فيكتور الذي أيد رسالة البابا دمتريوس الكرام.
وأما مجمع أفسس برئاسة بوليكراتس Polycrate أسقفها فحتم بوجوب تعييد الفصح في اليوم الرابع عشر من الشهر القمري وتبعه مجمع فلسطين المؤلف من أربعة عشر أسقفًا يتقدمهم نرقيسوس Narcisse أسقف أورشليم وكسيوس Cassius أسقف عكا وقرر مبدأ أعضاء الأربعة عشر ولكن مجمع فرنسا الذي عقده إيرناؤس سنة 197 م. اتبع طريقة كنيسة الإسكندرية التي أقرها فيكتور بابا روما وهي التي أقرها المجمع النيقاوي وأعتمدها (فيما بعد).
ولكن بقيت كنائس أسيا غير راضية عن هذا القرار وظلت متمسكة بعادتها... ولم يحسم هذا الخلاف بين الكنائس سوى مجمع نيقية سنة 325 م.
جاء بكتاب السنكسار cuna[arion تحت يوم 4 برمهات ما يلي:
في مثل هذا اليوم أجتمع بجزيرة بني عمر مجمع عن قوم يقال لهم الأربعة عشرية وهؤلاء كانوا يعلمون عيد الفصح المجيد مع اليهود في اليوم الرابع عشر من هلال نيسان في أي يوم اتفق من أيام الأسبوع فحرمهم أسقف الجزيرة وأرسل إلى سيرابيون بطريرك الإسكندرية وسيمافيس أسقف بيت المقدس وأعلمهم ببدعة هؤلاء القوم فأرسل كل منهم رسالة حدد فيها أن لا يعمل الفصح إلا في يوم الأحد الذي يلي عيد اليهود وأمر بحرم كل من يتعدى هذا ويخالفه.
واجتمع مجمع من ثمانية عشر أسقفًا وتليت عليهم هذه الرسائل المقدسة. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والكتب الأخرى). فاستحضروا هؤلاء المخالفين وقرأوا عليهم الرسائل، فرجع البعض عن رأيهم السيء وبقى الآخرون على ضلالهم، فحرموهم. ومنعوهم وقرروا عمل الفصح كأوامر الرسل القديسين القائلين: أن من يعمل يوم القيامة في غير يوم الأحد فقد شارك اليهود في أعيادهم، وافترق من المسيحيين...
لقد كان لكنيسة الإسكندرية موقف رائد نحو هذا الخلاف وقد حدد البابا دمتريوس الكرام بأن يكون الفصح المسيحي في يوم الأحد التالي للفصح اليهودي... وكتب إلى روما وأنطاكية وبيت المقدس موضحا لهم كيفية استخراج الحساب فلم يجد ممانعة في شيء البتة، بل قبله أكثر الأربعة عشرية وأوضح لهم ضرورة أن يكون الفصح المسيحي بعد الفصح اليهودي لأن السيد المسيح عمل الفصح مع الإسرائيليين في اليوم الرابع عشر من نيسان ثم تألم بعد ذلك. أما الرسائل الفصحية التي كان يبعث بها بابوات الإسكندرية فهي رسائل متضمنة تعيين يوم الفصح المسيحي اعتمادًا على أن مدرسة الإسكندرية كانت تعتني بالحساب الفلكي لتعيين موعد اليوم الرابع عشر من نيسان الذي يكون عادة في الاعتدال الربيعي.
ولذلك كان حاملو هذه الرسائل يجوبون البلاد شرقًا وغربًا لكي يحتفل المسيحيون جميعًا بالفصح في يوم واحد ليكون السرور عامًا.
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/t84qyaf