St-Takla.org  >   pub_Bible-Interpretations  >   Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament  >   Father-Antonious-Fekry  >   07-Resalet-Coronthos-1
 

شرح الكتاب المقدس - العهد الجديد - القمص أنطونيوس فكري

كورنثوس الأولى 10 - تفسير رسالة كورنثوس الأولى

 

محتويات:

(إظهار/إخفاء)

* تأملات في كتاب رسالة بولس الرسول الأولى إلى أهل كورنثوس:
تفسير رسالة كورنثوس الأولى: مقدمة رسالة كورنثوس الأولى | كورنثوس الأولى 1 | كورنثوس الأولى 2 | كورنثوس الأولى 3 | كورنثوس الأولى 4 | كورنثوس الأولى 5 | كورنثوس الأولى 6 | كورنثوس الأولى 7 | كورنثوس الأولى 8 | كورنثوس الأولى 9 | كورنثوس الأولى 10 | كورنثوس الأولى 11 | كورنثوس الأولى 12 | كورنثوس الأولى 13 | كورنثوس الأولى 14 | كورنثوس الأولى 15 | كورنثوس الأولى 16

نص رسالة كورنثوس الأولى: كورنثوس الأولى 1 | كورنثوس الأولى 2 | كورنثوس الأولى 3 | كورنثوس الأولى 4 | كورنثوس الأولى 5 | كورنثوس الأولى 6 | كورنثوس الأولى 7 | كورنثوس الأولى 8 | كورنثوس الأولى 9 | كورنثوس الأولى 10 | كورنثوس الأولى 11 | كورنثوس الأولى 12 | كورنثوس الأولى 13 | كورنثوس الأولى 14 | كورنثوس الأولى 15 | كورنثوس الأولى 16 | كورنثوس الأولى كامل

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح

← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22 - 23 - 24 - 25 - 26 - 27 - 28 - 29 - 30 - 31 - 32 - 33

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

في الإصحاح السابق دعا الرسول الكل للجهاد، ورأيناه هو نفسه يجاهد، ويقمع جسده ويستعبده لئلا يصير مرفوضًا. وهنا يستعرض مأساة شعب لم يجاهد ولم يسع فأستحق عقابًا شديدًا. فالله لم يشفق على إسرائيل ابنه البكر حينما أخطأوا. إذًا فلنتعظ لأن ما حدث لإسرائيل هو تحذير لنا. وإذا كان أهل كورنثوس يتفاخرون بما صار لهم من مواهب روحية، فإسرائيل أيضًا أخذ الكثير فأكلوا أكلًا روحيًا هو المن السماوي وشربوا شرابًا روحيًا ورأوا الله ورأوا معجزات عجيبة. ومع هذا هلك أغلبهم في البرية بسبب سخط الله عليهم. والمعنى أنه يا أهل كورنثوس لا تتفاخروا بما عندكم من مواهب، فالله قد يرفضكم إن لم تجاهدوا. هناك معنى آخر هام جدًا أن شعب إسرائيل بعد الخروج تذكروا اللذات التي كانت في أرض مصر مثل قدور اللحم ونسوا سياط التعذيب والعبودية، فاشتهوا العودة لأرض مصر. وأنتم يا شعب كورنثوس أبعد ترككم الوثنية وبعد كل ما حصلتم عليه تعودون للأكل في المعابد الوثنية. المسيح خلصهم من عبودية إبليس فهل يعودون لإبليس ثانية من خلال الولائم الوثنية، ومعروف ما كان يحدث في هذه الهياكل الوثنية من زنا جسدي والرسول عقد مقارنة بين خط رحلة خروج بني إسرائيل كشعب مختار من أرض مصر ودخولهم كنعان وبين خروجنا كشعب للمسيح من عبودية إبليس إلى أن ندخل أورشليم السماوية، وكما كانت كنعان ميراثًا لليهود صارت السماء ميراثًا للمسيحيين. فمصر أرض العبودية رمز للعالم المستعبد للشيطان والخطية. وفرعون رمز للشيطان وموسى رمز للمسيح. ولاحظ أن خلاص اليهود كان بدم خروف الفصح وخلاصنا أيضًا كان بدم المسيح. وكما خرج فرعون وراء اليهود ليردهم لمصر ليستعبدهم، هكذا إبليس نجده يبذل محاولات كبيرة ليرجع كل تائب للخطية، ويذكره بلذة الخطية وينسيه العبودية والذل والسياط. والرحلة بدأت بعبور البحر الأحمر مع موسى رمزًا للمعمودية التي فيها نموت مع المسيح. ثم أكلوا طعامًا روحيًا هو المن السماوي رمزًا للتناول. وشربوا شرابًا روحيًا رمزًا لحلول الروح القدس على المعمد. فالماء يرمز للروح القدس (يو 7: 37-39) وهذا الماء تفجر من الصخرة بعد ضربها بعصا موسى رمزًا للروح القدس الذي انسكب على الكنيسة بعد صلب المسيح، فالعصا كانت رمزًا للصليب، والصخرة رمز للمسيح. وكانت رحلة توهانهم 40 سنة في البرية رمزًا لحياتنا على الأرض لفترة زمنية. ثم عبروا الأردن رمزًا لموتنا بالجسد، هم دخلوا كنعان، وفي نهاية رحلة جهادنا على الأرض ندخل إلى كنعان السماوية. ولاحظ أن السحابة رافقتهم طول الطريق تظلل عليهم في الشمس وتنير لهم ليلًا وتقودهم في الطريق. وهذا عمل الروح القدس يعزينا في خلال آلام وتجارب العالم ويقودنا وينير لنا الطريق إلى السماء.

إذًا ليس معنى أننا اعتمدنا وتناولنا من جسد المسيح... إلخ. أننا ضمننا دخول السماء، فشعب إسرائيل اعتمدوا مع موسى وأكلوا طعامًا روحيًا وشربوا شرابًا روحيًا وهلك معظمهم في البرية ولم يدخلوا أرض الميعاد لذلك علينا أن نجاهد ونقمع أجسادنا ونستعبدها لئلا نصير مرفوضين.

St-Takla.org                     Divider of Saint TaklaHaymanot's website فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

آية 1:- "فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا أَنَّ آبَاءَنَا جَمِيعَهُمْ كَانُوا تَحْتَ السَّحَابَةِ، وَجَمِيعَهُمُ اجْتَازُوا فِي الْبَحْرِ،"

آبَاءَنَا = فالكنيسة هي امتداد طبيعي واستمرار لإسرائيل. فهنا اعتبر الرسول أن أباء اليهود هم أباء للأمم بالإيمان. جَمِيعَهُمْ = تكررت 5 مرات في الآيات 2، 3، 4 فالله أعطى الجميع ولكنه لا يسر إلاّ بمن يتجاوب معه.

كَانُوا تَحْتَ السَّحَابَةِ = الله في عنايته قادهم بسحابة نهارًا وبعمود نار ليلًا.

 

آية 2:- "وَجَمِيعَهُمُ اعْتَمَدُوا لِمُوسَى فِي السَّحَابَةِ وَفِي الْبَحْرِ،"

البحر يرمز للمعمودية فالماء محيط بهم من كل مكان. والسحابة تشير لنعمة الروح القدس التي تعطي قوة للمعمودية للولادة، وعصا موسى ترمز للصليب. وبنو إسرائيل رمز لنا نحن المعمدون.

اعْتَمَدُوا لِمُوسَى فِي السَّحَابَةِ وَفِي الْبَحْرِ = هذه تساوي تمامًا "إن كان أحد لا يولد من الماء والروح..." (يو3: 5).

اعْتَمَدُوا لِمُوسَى = فموسى إجتاز معهم البحر. ونحن في المعمودية نموت مع المسيح. فموسى تقدم وإجتاز البحر، والمسيح سبق ومات عنا وقام، والروح القدس في المعمودية يشركنا مع المسيح في موته وقيامته (رو 6: 3 – 5).

 

آية 3:- "وَجَمِيعَهُمْ أَكَلُوا طَعَامًا وَاحِدًا رُوحِيًّا،"

طَعَامًا رُوحِيًّا = فهو أي المن من صُنْع الملائكة (مز 78: 25). هو خبز من الله رمزًا للمسيح السماوي، وأكلهم منه له دلالة روحية فهو رمز لجسد المسيح. هم لم يبذلوا جهدًا في إعداده، وأكلهم منه يشير أنهم من شعب الله. ونلاحظ أنهم حصلوا على المن بعد معموديتهم في البحر الأحمر، وغير المعمد لا يتناول من الجسد والدم. وكما أن الخبز العادي لازم لحياة الجسد، هكذا جسد المسيح لازم لحياتنا روحيًا.

 

St-Takla.org Image: Prophet Moses striking the rock (Exodus 17:6) - "All drank the same spiritual drink. For they drank of that spiritual Rock that followed them, and that Rock was Christ" (1 Corinthians 10:4) - (cc by Granpic, St Mary's church, Hitchin, UK - edit with ai art by Michael Ghaly for St-Takla.org - 29 March 2023). صورة في موقع الأنبا تكلا: موسى النبي يضرب الصخرة (الخروج (17: 6) - "جميعهم شربوا شرابا واحدا روحيا، لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم، والصخرة كانت المسيح." (1 كو 10: 4) - (لجرانبيك، من كنيسة القديسة مريم، هيتشين، بريطانيا - مع تعديل بفن الذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت - 29 مارس 2023 م.)

St-Takla.org Image: Prophet Moses striking the rock (Exodus 17:6) - "All drank the same spiritual drink. For they drank of that spiritual Rock that followed them, and that Rock was Christ" (1 Corinthians 10:4) - (cc by Granpic, St Mary's church, Hitchin, UK - edit with ai art by Michael Ghaly for St-Takla.org - 29 March 2023).

صورة في موقع الأنبا تكلا: موسى النبي يضرب الصخرة (الخروج (17: 6) - "جميعهم شربوا شرابا واحدا روحيا، لأنهم كانوا يشربون من صخرة روحية تابعتهم، والصخرة كانت المسيح." (1 كو 10: 4) - (لجرانبيك، من كنيسة القديسة مريم، هيتشين، بريطانيا - مع تعديل بفن الذكاء الاصطناعي، فكرة مايكل غالي لموقع الأنبا تكلاهيمانوت - 29 مارس 2023 م.)

آية 4:- "وَجَمِيعَهُمْ شَرِبُوا شَرَابًا وَاحِدًا رُوحِيًّا، لأَنَّهُمْ كَانُوا يَشْرَبُونَ مِنْ صَخْرَةٍ رُوحِيَّةٍ تَابِعَتِهِمْ، وَالصَّخْرَةُ كَانَتِ الْمَسِيحَ."

 شرابًا روحيًا = فالماء خرج بصورة إعجازية رمزًا لخروج كل النعم من جنب المسيح المصلوب والمطعون.

والصخرة تابعتهم = لم يقصد الرسول بهذا قطعًا أن الصخرة التي ضربها موسى النبي كانت تسير وراء الشعب، لكن ببساطة كان موسى في كل مكان يذهبوا إليه يضرب الصخرة التي يجدها فيخرج منها ماء. ولكن لماذا لم يذكر الكتاب هذا؟ لأجل الرمز. فالصخرة ترمز للمسيح. وضرب الصخرة بالعصا يشير لصلب المسيح، والمسيح بموته تصالحنا مع الله، والنتيجة أن الله أرسل لنا الروح القدس الشراب الروحي. ولما كان المسيح يصلب ويموت مرة واحدة نجد الوحي يذكر قصة ضرب الصخرة مرة واحدة فقط. لذلك ففي المرة الأخيرة حين احتاجوا للماء قال الله لموسى كلِّم الصخرة فيخرج الماء، وهذا يرمز لأننا الآن نمتلئ بالروح القدس حين نسأل "يعطي الروح القدس للذين يسألونه" (لو11: 13). والرب يسوع المسيح قال "إن عطش أحد فليقبل إليَّ ويشرب. من آمن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه أنهار ماء حيّ. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين أن يقبلوه" (يو7: 37-39) ولذلك غضب الله من موسى إذ ضرب الصخرة هذه المرة الأخيرة (عد20: 8-12)، فالمسيح لا يُصلب مرتين.

والصخرة كانت المسيح = الرب صخرتي (مز 2:18 + أش 4:26 + تث15:32). هو صخرة يمكن أن أستند عليها في الضيقات. صخرة روحية تابعتهم = إذًا الرب كان يسير معهم ويعتني بهم، وهو الوحيد الذي يروي ظمأهم. هنا نرى أن المسيح كان موجودًا قبل أن يولد، وأنه هو مصدر بركات الشعب في كل الأوقات. وكما قيل عن المسيح صخرة، قيل عن الله صخرة (تث15:32 + أش 4:26). فالمسيح هو الله. لكن اليهود كانوا يسيرون في ظلال العهد الجديد. وقوله شرابًا روحيًا = يشير أن هذا الشراب أعطى لهم بقوة روحية فائقة على الطبيعة، وليس بقوانين الطبيعة، فالمياه التي تفجرت من الصخرة كانت تكفي 2-3 مليون نسمة. هذا ما يجعلنا نقول أنهم كانوا يشربون في الواقع من صخرة غير مرئية أي المسيح الذي كان يتبعهم طوال رحلتهم ويتعهدهم بالطعام والشراب الذي يدبره لهم بطريقة إعجازية. والصخرة كانت رمزًا للمسيح والماء رمزًا للروح القدس الذي أرسله المسيح بعد فدائه.

 

آية 5:- "لكِنْ بِأَكْثَرِهِمْ لَمْ يُسَرَّ اللهُ، لأَنَّهُمْ طُرِحُوا فِي الْقَفْرِ."

بسبب تمردهم وعصيانهم وخطاياهم، ماتوا وطرحوا في القفر ولم يدخلوا كنعان والله لم يُسر سوى بعدد قليل منهم (يشوع وكالب ومن هم أقل من 20 سنة هؤلاء دخلوا كنعان) إلاّ أن الله من المؤكد كان مسرورًا بموسى وهرون ومريم مع أنهم لم يدخلوا أرض الميعاد.

 

آية 6: - "وَهذِهِ الأُمُورُ حَدَثَتْ مِثَالًا لَنَا، حَتَّى لاَ نَكُونَ نَحْنُ مُشْتَهِينَ شُرُورًا كَمَا اشْتَهَى أُولئِكَ."

هذا علينا أن نتخذه مثالًا وعبرة. مشتهين شرورًا = كما اشتهوا هم الرجوع لمصر هناك من يشتهي العودة للخطية.هم اشتهوا ما كان يُعمل في مصر فعملوا العجل الذهبي، بل هم اشتهوا العودة لمصر بعد خروجهم.

 

الآيات 7-14:- يوجه الرسول حديثه إلى مؤمني كورنثوس الذين تمتعوا بالهبات الروحية للعهد الجديد، وقد أحسوا بحريتهم وسلطانهم في الأكل مما ذبح للأوثان، فينبههم أن لا يعتمدوا على هذه الهبات، ويفرطوا في الثقة بأنفسهم (هؤلاء الذين يحضرون الولائم في الهياكل الوثنية بدعوة من الوثنيين) لأن الأوساط الوثنية تمتلئ بالعثرات، وبالأخص ولائم الأوثان مما يعرضهم للسقوط في رذائل الأمم، ويجلب عليهم الغضب الإلهي. وليتذكروا أن آباءهم (آية 1) بعد أن خرجوا من مصر ارتدوا لعبادة العجل الذهبي، فكذلك أهل كورنثوس إذ كانوا من أصل وثني فهم عرضة للارتداد للوثنية لما فيها من مغريات (أكل ولعب أي ممارسات جنسية) لذلك فعليهم أن لا يفتكروا في أنفسهم أنهم أقوياء. والخلاصة أقول لكم إهربوا من عبادة الأوثان. والكلام لنا أن نهرب من كل مكان فيه عثرة فنحن بشر قابلين للسقوط ونحن أيضًا ًضعفاء.

 

آيه 7:- "فَلاَ تَكُونُوا عَبَدَةَ أَوْثَانٍ كَمَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْهُمْ، كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ: «جَلَسَ الشَّعْبُ لِلأَكْلِ وَالشُّرْبِ، ثُمَّ قَامُوا لِلَّعِبِ»."

هذه إشارة لحادثة العجل الذهبي (خر 6:32) والرسول يقصد أن يقول لهم لا ترجعوا إلى الحنين لعبادة الأوثان كما حن اليهود لعبادة العجل التي تركوها في مصر. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ثم قاموا للعب = اللعب هو رقص يصل للعري، هكذا يدفعنا إبليس لنهين أنفسنا. وكان الزنى من طقوس العبادة الوثنية في هياكل الأوثان وهذا ما يمكن أن يرجع إليه أهل كورنثوس لو عادوا لهياكل الأوثان. وهذا اللعب أو الرقص الذي مارسه الشعب أمام العجل الذهبي ربما كان إكرامًا للأوثان، ويسمى بالرقص الطقسي، وقد تعلمه الشعب من المصريين ولاحظ أنهم صنعوا الوثن (أي اليهود في سيناء) لأنهم اشتهوا شرورًا (آية 6) أي اللعب.

 

آيه 8:- "وَلاَ نَزْنِ كَمَا زَنَى أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَسَقَطَ فِي يَوْمٍ وَاحِدٍ ثَلاَثَةٌ وَعِشْرُونَ أَلْفًا."

هذه إشارة لسقوط الشعب في خطية الزنا مع بنات موآب (عد 25: 1-9) ونجد أن الشعب بدأ بالزنا مع بنات موآب ثم سجد لآلهتهم (عد 1:25-3) ولنلاحظ بشاعة خطية الزنا، وبشاعة العقوبة، فمات في يوم واحد 23,000. ونجد في سفر العدد أن الذين ماتوا 24,000 (عد 9:25) والحل بسيط أن بولس يقول سقط في يوم واحد 23,000. ويكون أن الذين ماتوا في اليوم الأول 23,000 وفي الأيام التالية 1000. أو أن من ماتوا بالوبأ 23,000 ومن قتلهم القضاة بعد ذلك كانوا 1000.

 

آية 9:- "وَلاَ نُجَرِّبِ الْمَسِيحَ كَمَا جَرَّبَ أَيْضًا أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَأَهْلَكَتْهُمُ الْحَيَّاتُ."

هذه إشارة لتذمر الشعب على المن وقالوا عنه طعام سخيف (عد 5:21) فضربهم الله بالحيات (عد 6:21). لا نجرب المسيح =

1- هم تذمروا على يهوه في العهد القديم. وبولس يقول أنهم جربوا أو تذمروا على المسيح، المسيح هو يهوه.

2- تذمرهم كان على المن، والمن رمز للمسيح.

3- من يستخف بالتناول يعرض نفسه للدينونة (1كو 27:11-30).

 

آية 10:- "وَلاَ تَتَذَمَّرُوا كَمَا تَذَمَّرَ أَيْضًا أُنَاسٌ مِنْهُمْ، فَأَهْلَكَهُمُ الْمُهْلِكُ."

هذه إشارة لتذمر قورع وداثان وأبيرام (عد 16). وهذا تحذير لهم حتى لا يتذمروا عليه، فبولس يخيفهم من زرع الشقاق والتذمر ضده.

 

آية 11:- "فَهذِهِ الأُمُورُ جَمِيعُهَا أَصَابَتْهُمْ مِثَالًا، وَكُتِبَتْ لإِنْذَارِنَا نَحْنُ الَّذِينَ انْتَهَتْ إِلَيْنَا أَوَاخِرُ الدُّهُورِ."

قسم اليهود مدة العالم إلى 3 فترات الأولى:- هي ما سبق شريعة موسى. الثانية:- من موسى حتى مجيء المسيح. والثالثة:- من المسيح لنهاية الأيام.

أَوَاخِرُ الدُّهُورِ = يقصد بها الرسول ... نحن من وصل لنا كمال تدبير الله حتى إنتهاء العالم، نحن الذين أدركنا مقاصد الله من جهتنا وحقيقة دعوتنا لميراث السماء. وأواخر الدهور تشير لأن كل الأنبياء تنبأوا عن المسيح الذي أتى فعلًا وننتظر مجيئه الثاني لينتهي بذلك العالم الحاضر.

 

آية 12:- "إِذًا مَنْ يَظُنُّ أَنَّهُ قَائِمٌ، فَلْيَنْظُرْ أَنْ لاَ يَسْقُطَ."

هذه الآية تشير أن المؤمن يمكن أن ينتكس في حياته الروحية، وبولس نفسه يخاف أن يُرفض (1 كو 27:9). واليهود أمامنا مثالًا إذ هلك أكثرهم في القفر بعد أن كان الله قد أختارهم كشعب مختار. لذلك يجب دائمًا أن نحذر من السقوط وفقدان الحياة المقدسة.

 

آية 13:- "لَمْ تُصِبْكُمْ تَجْرِبَةٌ إِلاَّ بَشَرِيَّةٌ. وَلكِنَّ اللهَ أَمِينٌ، الَّذِي لاَ يَدَعُكُمْ تُجَرَّبُونَ فَوْقَ مَا تَسْتَطِيعُونَ، بَلْ سَيَجْعَلُ مَعَ التَّجْرِبَةِ أَيْضًا الْمَنْفَذَ، لِتَسْتَطِيعُوا أَنْ تَحْتَمِلُوا."

هو حذرهم في الآية السابقة من الارتداد والسقوط. وتوقع أن يسمع منهم أن هناك تجارب صعبة تواجههم: (1) إغراءات الخطايا؛ (2) الاضطهادات. وهذه يمكن أن تجعلهم يرتدون فأجاب لم تصبكم تجربة إلا بشرية = والترجمة الإنجليزية EXCEPT SUCH AS IS COMMON TO MAN

وتعني أن التجارب التي يسمح بها الله هي على قدر الطاقة البشرية، ومناسبة للمقدرة البشرية. أي هي في وسع ومقدرة البشر أن يجتازوها بنجاح إذا استندوا على النعمة الإلهية. وترجمها ذهبي الفم أن التجارب التي تصيبكم صغيرة وقصيرة ومعتدلة. والمعنى واحد لا تتذمروا على أي تجربة ففي وسعكم أن تحتملوها، فلا مبرر للارتداد. وكلمة تجربة تشير لنوعين من التجارب (1) تجارب الخطية (2) الآلام والاضطهادات التي تقابلنا. ونجد أن الله يعطينا في هذه وتلك المنفذ لنستطيع أن نحتمل.

1- تجارب الخطية (وجود أوثان وزنا وغيره من المعثرات). وهذه في وسعكم أن تقاوموها استنادا إلى النعمة الإلهية. فالمنفذ هنا هو قوة تسند المؤمن فلا يخطئ " فإن الخطية لن تسودكم لأنكم لستم تحت الناموس بل تحت النعمة (رو 14:6)". وحتى لو سقط أحد فباب التوبة مفتوح.

2- تجربة بمعنى ألم (مرض / فشل / اضطهاد..). وفي هذه لا تتذمروا كما تذمر اليهود، بل أفهموا أن غرض التجربة أنها وسيلة تساعدنا على فحص واختبار بواطن حياتنا، فنعرف ضعفاتنا فنكمل ونتنقى. نعرف ضعفاتنا ونطلب من الله فيعطينا قوة نكمل بها. والله لا يريد أن يسحقنا بالتجربة بل أن يكملنا وحتى المسيح نفسه كمل بالآلام (عب 10:2). حقًا إن كل الأمور (حتى ما هو مؤلم منها) تعمل معًا للخير (رو 28:8). والمنفذ في هذه الحالة هو التعزيات الإلهية " شماله (الآلام) تحت رأسي ويمينه (تعزياته) تعانقني (نش 6:2). ولكن التذمر على أحكام الله يمنع هذه التعزيات. فلنصلي في الضيقة "يا رب أشكرك وأتضرع إليك أن تعطيني احتمال وصبر وتعزية.. واسألوا تعطوا.

 

آية 14:- "لِذلِكَ يَا أَحِبَّائِي اهْرُبُوا مِنْ عِبَادَةِ الأَوْثَانِ."

تحذير للكورنثيين من الارتداد لفوضى عبادة الأوثان، هنا دعوة لهم حتى لا يأكلوا في هياكل الأوثان، حتى لا يرتدوا بسبب الإغراءات الموجودة هناك "ثم يعود الرسول إلى موضوع الولائم الوثنية معاتبًا قائلًا هل تتركوا مائدة جسد الرب ودمه وتأكلوا على موائد أوثان".

 

آية 15:- "أَقُولُ كَمَا لِلْحُكَمَاءِ: احْكُمُوا أَنْتُمْ فِي مَا أَقُولُ."

يقول لهم أنتم حكماء فأحكموا على ما سأقوله بعد أن تفحصوه. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ونجد فيما يأتيان الهروب من الوثن هو طريق الحكمة الحقيقية (أو الهروب من الخطية عمومًا).

 

آية 16:- "كَأْسُ الْبَرَكَةِ الَّتِي نُبَارِكُهَا، أَلَيْسَتْ هِيَ شَرِكَةَ دَمِ الْمَسِيحِ؟ الْخُبْزُ الَّذِي نَكْسِرُهُ، أَلَيْسَ هُوَ شَرِكَةَ جَسَدِ الْمَسِيحِ؟"

يريد الرسول أن يقول أن أكل ما يقرب للأوثان ضرب من عبادتها لما فيه من اشتراك مع شياطين، والدليل أننا حين نشترك في مائدة المسيح نتحد معه. فكذلك حين نشترك مع الوثنيين في مائدة الشياطين نتحد معها، واحكموا كحكماء (آية 15) هل ما أقوله معقول أم لا. والرسول يتحدث هنا عن مائدة العشاء الرباني التي أقامها الرب لتلاميذه وأعطاهم فيها جسده ودمه، ويتضح من عبارات الرسول هنا كيف أن المسيح أعطى للتلاميذ جسده ودمه، وكيف أن من يشترك في الخبز والخمر فإنما يشترك في جسد المسيح وفي دمه. أي أننا لسنا إزاء أمور رمزية، فلا يرمز الخبز إلى جسد المسيح فقط، ولا يرمز الخمر إلى دم المسيح فقط، لكنهما يتحولان فعلًا إلى جسده ودمه الحقيقيين. إن كلمة شركة (كينونيا) κοινωνία تعني الاتحاد بالمسيح. بالأكل من جسد المسيح نتحد به. كأس البركة = نتلو عليها البركة كما فعل المسيح في عشائه الأخير مع تلاميذه ولقد أطلق اليهود على الكأس الأخير التي يشربونها في عيد الفصح كأس البركة لأن رأس العائلة (الأب) كان يقول صلاة شكر عليها قبل أن يمررها على أفراد العائلة. وفي صلاة الشكر هذه كان يبارك الله على كل عطاياه خلال العام الماضي. وأطلق بولس الاسم على كأس الإفخارستيا لأنها تحوي دم المسيح الذي أهرق عنا على عود الصليب. وكلمة إفخارستيا هي شكر لله على كل ما قدمه المسيح لنا إذ قدم جسده ودمه. ويقول ذهبي الفم أنها كأس البركة لأننا إذ نرفعها بين أيدينا نقدم تسابيح الشكر لله الذي أعطانا جسده ودمه أعظم بركة حصلنا عليها، وبالنسبة لله فقولنا "نبارك الله" مرادف لقولنا "نسبح الله ونحمده"، كما نقول في ألحان القداس "نسبحك، نباركك، نشكرك يا رب ونتضرع إليك"، وتسابيح الشكر هي معنى إفخارستيا. شركة دم المسيح = إذًا هو دم المسيح وليس رمز لهُ.

 

آية 17:- "فَإِنَّنَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ، لأَنَّنَا جَمِيعَنَا نَشْتَرِكُ فِي الْخُبْزِ الْوَاحِدِ."

ولما كان هذا الخبز السماوي هو واحد، لذلك فإننا جميعًا نصبح به جسدًا واحدًا لأننا جميعًا قد إتحدنا وإشتركنا في خبز واحد، وهكذا فإننا جميعًا بواسطة هذا الخبز نصبح واحدًا بعضنا بالنسبة لبعض، أي ندخل في وحدة، فهو ليس إشتراك ظاهري ولكنه إتحاد باطني. يقوله القديس أغسطينوس إن رغيف الخبز يتكون من كثير من حبات القمح، وهكذا الجسد الواحد يتكون من عديد من الأعضاء ربطهم رباط المحبة وأداة الربط هي جسد المسيح، وما عاد مظهر الاختلاف بين حبات القمح بسبب الاتحاد معًا، بينما أنه قبل أن يصير القمح خبزًا كان مبعثرًا ثم إنضم (خلال عملية الطحن والعجين ...) ولاحظ أن الخبز العادي لا يربط ولا يوحد الناس في جسد واحد. وكما قال الآباء أن من أكل خبزا عاديا يتحول الخبز إلى أعضاء في جسد هذا الشخص (أنسجته ودمه)، أما عندما نتناول من الخبز الإفخارستي نتحول نحن إلى أعضاء في جسد المسيح الواحد. لذلك فبالتناول من الخبز الإفخارستي نصبح نَحْنُ الْكَثِيرِينَ خُبْزٌ وَاحِدٌ، جَسَدٌ وَاحِدٌ الذي هو جسد المسيح.

 

آية 18:- "انْظُرُوا إِسْرَائِيلَ حَسَبَ الْجَسَدِ. أَلَيْسَ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الذَّبَائِحَ هُمْ شُرَكَاءَ الْمَذْبَحِ؟"

هناك مثل آخر من الطقوس اليهودية، فكان اليهود يقدمون أنواع من الذبائح. منها ذبيحة السلامة. وهذه يقدم جزء منها لله ويُحرق على المذبح. وجزء يأكله مقدم الذبيحة، فيصير مقدم الذبيحة شريكًا للمذبح = ولم يقل شريكًا لله. أما بالنسبة لجسد المسيح فنحن لنا شركة لا مع المذبح بل مع الرب نفسه ثم تأتي ذبيحة الخطية وهي ذبيحة تموت عوضًا عن مقدمها، وكأن مقدمها أتحد بها فحملت خطاياه وماتت عوضًا عنه. لذلك فلو اشتركتم في موائد الأوثان فأنتم بهذا تتحدون بالوثن وتصيروا شركاء الشياطين. ونلاحظ أن من يشترك في ذبيحة يتمسك بكل ما يحيط بها من طقوس وعقائد وتدبيرات. فشركاء المذبح هم شركاء في العقيدة والإيمان اللذين قدمت بهما الذبيحة.

إسرائيل حسب الجسد = أي اليهود أولاد إبراهيم ويعقوب بالجسد. أما الكنيسة؛ "إسرائيل الروحي" فهم أبناء إبراهيم بالإيمان.

 

آية 19: - "فَمَاذَا أَقُولُ؟ أَإِنَّ الْوَثَنَ شَيْءٌ، أَوْ إِنَّ مَا ذُبحَ لِلْوَثَنِ شَيْءٌ؟"

في (1كو 4:8) سبق وقال أنه لا وثن ولا إله سوى الله وأن كل ما ذُبِحَ للأوثان ما هو إلآ مجرد لحم عادي. ولكنه هنا يكلم من يجامل الوثنيين ويحضر ولائمهم قاصدًا الاشتراك في ذبيحة الأوثان. هنا يقول أن هذا خطأ وينبغي أن يمتنع عنه حتى أصحاب الضمير القوي، وبهذا يردد بولس نفس قرار مجمع أورشليم (أع 29:15). ومعنى كلام الرسول أن من يأكل من ذبائح الوثنيين يصير شريكًا ومتحدًا مع عابدي الوثن. في آية 19 يضع سؤال قد يثيره أهل كورنثوس أن الوثن (الشياطين) موضوع منفصل عماَ نأكله، ولا علاقة لهما ببعضهما البعض. ويقدم إجابة هذا السؤال في آية 20.

 

آية 20:- "بَلْ إِنَّ مَا يَذْبَحُهُ الأُمَمُ فَإِنَّمَا يَذْبَحُونَهُ لِلشَّيَاطِينِ، لاَ للهِ. فَلَسْتُ أُرِيدُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ شُرَكَاءَ الشَّيَاطِينِ."

حقًا لا إله سوى الله، ولكن الآلهة الوثنية هذه ما هي إلاّ شياطين فهل تشتركوا مع شياطين، بهذا ستشتركوا معهم في موتهم ودينونتهم. هنا نجد إجابة سؤال آية 19. فما يقدم للوثن هو مقدم للشيطان فهل نشترك مع شياطين هنا لا انفصال بين الشيطان وما يقدم للشيطان.

 

آية 21:- "لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَشْرَبُوا كَأْسَ الرَّبِّ وَكَأْسَ شَيَاطِينَ. لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَشْتَرِكُوا فِي مَائِدَةِ الرَّبِّ وَفِي مَائِدَةِ شَيَاطِينَ."

 هنا نرى استحالة تحقيق شركة حقيقية على أي مستوى مع الله طالما اشتركنا في مائدة الشياطين، بل إن اشتراكنا في مائدة الرب في هذه الحالة سيكون دينونة علينا. لا نستطيع أن نهب قلبنا للرب ولإبليس ونعرج بين الفرقتين، فمن يهب قلبه للرب عليه أن يقطع علاقته بإبليس، ومن سمح لإبليس أن يسكن قلبه فمعنى ذلك أنه طرد الله وأبعده عنه.

والآن واضح من كلام الرسول أن الاشتراك أو الشركة تعني الإتحاد أي يصير الاثنين واحدًا. فهل نتحد مع الله وإبليس في وقت واحد فنوحد بينهما

 

آية 22:- "أَمْ نُغِيرُ الرَّبَّ؟ أَلَعَلَّنَا أَقْوَى مِنْهُ؟"

أم نُغِير = أي نغيظ الرب حينما نرتبط بغيره، ونحن عروسه، حين نأكل من مائدة الوثن. وهل حينئذ نستطيع أن نجابه غضب الله.

 

آية 23:- "«كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، لكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تُوَافِقُ. «كُلُّ الأَشْيَاءِ تَحِلُّ لِي»، وَلكِنْ لَيْسَ كُلُّ الأَشْيَاءِ تَبْنِي."

(راجع تفسير آية 6: 12) وهنا الرسول يضع المحبة فوق كل اعتبار وفوق كل قانون. فإذا وجدت أن ما يحل لي سيكون عثرة لآخر فعليَّ أن أمتنع، بل إذا رأيته غير ذات نفع للآخرين ولن يبنيهم فلأمتنع عنه. في بعض الأحيان أجد أن لي سلطان أن أفعل شيء، ولكن عليَّ أن أسأل نفسي.. هل هذا يتفق مع كوني مسيحي، وهل لن يكون سبب عثرة لأحد. عليَّ أن أبحث عما يساهم في بنائي وبناء الآخرين. قد لا يكون هناك قانون ملزم لي بأن أمتنع عن شيء، لكن يكون هناك صوت في الداخل يمنعني، فعليَّ حينئذ أن لا أقاوم صوت الروح القدس في داخلي.

 

آية 24:- "لاَ يَطْلُبْ أَحَدٌ مَا هُوَ لِنَفْسِهِ، بَلْ كُلُّ وَاحِدٍ مَا هُوَ لِلآخَرِ."

هناك حدود تمنعني عن بعض التصرفات ألا وهي ما هو نافع وصالح للآخرين، ففي محبة عليَّ ألاَّ أكون عثرة لأحد. ليس أرذل من خطية حب الذات فهي مصدر كل الخطايا. إذًا فلأبحث عن ما هو صالح للآخرين قبل أن أبحث عما هو لنفسي فقط.

 

آية 25:- "كُلُّ مَا يُبَاعُ فِي الْمَلْحَمَةِ كُلُوهُ غَيْرَ فَاحِصِينَ عَنْ شَيْءٍ، مِنْ أَجْلِ الضَّمِيرِ،"

ولراحة ضمائرهم قال كلوا كل ما يباع في الملحمة = أي محال الجزارة غير فاحصين = لا تسألوا هل هذا اللحم قد قُدِّمَ لوثن أم لا. فكل شيء خلقه الله طاهرًا. وما يفسد الشيء هو سلوك الإنسان ونظرته بفساد عقله، هكذا ينجس الشيء. فاللحم في حد ذاته طاهر حتى وإن قُدِّمَ لوثن، ولكن الاشتراك في ممارسات واحتفالات ورقص وطقوس هياكل الأوثان، هذا هو الممنوع.

من أجل الضمير = لا تسأل هل هذا اللحم مقدم لوثن أم لا حتى لا يتشكك ضميرك وتُعْثَرْ. كلوا دون سؤال وبارتياح ضمير. الأكل هنا طالما لم نذهب لهياكل الأوثان هو ليس اشتراك في عبادة إله آخر.

 

آية 26:- "لأَنَّ «لِلرَّبِّ الأَرْضَ وَمِلأَهَا»."

الرسول اقتبس الآية من (مز 24: 1). فالله هو خالق اللحم والحبوب، هو خالق النبات والحيوان. إذًا كل شيء طاهر لأن الله هو الذي خلقه، هو طاهر حتى وأن أساء البعض استخدامه وقدموه لوثن. كل شيء هو عطية صالحة من الله الصالح. لذلك لا يبكتكم ضميركم على أكل ما ذُبِحَ للأوثان وتشترونه من الملحمة. فكل ما يقدم للأوثان طالما ليست هي آلهة، فما يقدم هو ليس ملكًا لها، الله خلقه. إذًا هو للرب الذي له كل الأرض ويملك كل شيء أي كلوا من خيرات الله التي خلقها لكم.

 

آية 27:- "وَإِنْ كَانَ أَحَدٌ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِينَ يَدْعُوكُمْ، وَتُرِيدُونَ أَنْ تَذْهَبُوا، فَكُلُّ مَا يُقَدَّمُ لَكُمْ كُلُوا مِنْهُ غَيْرَ فَاحِصِينَ، مِنْ أَجْلِ الضَّمِيرِ."

هذه الآية عن الأكل في بيوت الوثنيين بدعوة من صاحب البيت، والرسول يوافق على هذا. ولاحظ أن اليهود كانوا يمنعون الأكل مع الأمم. والرسول لا يريد أن يضيع الود مع الناس حتى لو كانوا وثنيين. غير فاحصين = لا تسأل هل ذبح اللحم لوثن أم لا مِنْ أَجْلِ الضَّمِيرِ = ضميرك أنت يا من تأكل حتى لا تتعثر.

 

آية 28:- "وَلكِنْ إِنْ قَالَ لَكُمْ أَحَدٌ: «هذَا مَذْبُوحٌ لِوَثَنٍ» فَلاَ تَأْكُلُوا مِنْ أَجْلِ ذَاكَ الَّذِي أَعْلَمَكُمْ، وَالضَّمِيرِ. لأَنَّ «لِلرَّبِّ الأَرْضَ وَمِلأَهَا»"

إن قال لكم أحد = من ذوى الضمائر الضعيفة.. فلا تأكلوا = حتى لا تكونوا عثرة له ويتعب ضميره. هنا نرى الرسول مهتم بالآخرين حتى لو كان ما أعمله صحيحًا، لكي لا أكون سببًا في تعب إنسان، ربما يذهب بسببي ليأكل في الهياكل الوثنية فيهلك. وقد تعني لو أن من أضافك قال لك أن هذا اللحم مذبوح لوثن، وقال لك أن في الأكل بركة لك، وبالتالي عليك أن تمارس بعض الطقوس الوثنية قبل الأكل فامتنع عن الأكل، حتى لا يظن أنك وثني مثله، أو حتى لا يتعب إن لم تقم بالطقوس التي يطلبها، والمسيحي ممنوع عليه أن يؤذي شعور أحد أو يتعب ضميره = والضمير = هنا الضمير هو ضمير من يكلمك.

لأن للرب الأرض وملأها = سبق وقال هذه الآية (آية 26) قاصدًا أن نأكل من أي لحم. وهنا يقولها مانعًا من أكل اللحم إن أخبرك أحد أنه مذبوح لوثن، ومن أجل الضمير، فما المعنى. هنا يقصد أن الله ليس إلهك وحدك أيها المسيحي قوي الضمير بل هو إله الكل، هو إله ضعاف الضمير وإله الوثنيين، والله يهتم بأن لا يتعب ضمير أحد بسببي. والمعنى تنازل عن حقك في أكل هذا اللحم المذبوح لوثن حتى لا تتسبب في ضياع أحد هو أيضًا للرب وهو الديان الذي سيدين كل واحد بحسب قلبه.

 

آية 29:- "أَقُولُ «الضَّمِيرُ»، لَيْسَ ضَمِيرَكَ أَنْتَ، بَلْ ضَمِيرُ الآخَرِ. لأَنَّهُ لِمَاذَا يُحْكَمُ فِي حُرِّيَّتِي مِنْ ضَمِيرِ آخَرَ؟"

هو قال "والضمير" في الآية السابقة، وهنا يحدد أن الضمير ليس ضميري أنا، بل ضمير الآخر الذي يمكن يتعثر بسببي. فمفهوم الحرية في المسيحية يقتضي كثيرًا من الأحيان أن نتنازل حتى عن حقوقنا المشروعة. وكما يجب أن لا نفعل ما لا يتفق وضمائرنا، هكذا يجب أن نراعي ضمير الآخرين وألاّ نفعل ما يعثر ضمائرهم. لماذا يحكم في حريتي من ضمير آخر = لماذا يحكم آخر عليَّ بأنني خاطئ، مع أنني تصرفت بحريتي. الأفضل ألاّ أعثره.

 

آية 30:- "فَإِنْ كُنْتُ أَنَا أَتَنَاوَلُ بِشُكْرٍ، فَلِمَاذَا يُفْتَرَى عَلَيَّ لأَجْلِ مَا أَشْكُرُ عَلَيْهِ؟"

فإذا كنت أنا مستنيرًا بنعمة الإيمان ولذلك لا أنظر إلى أي طعام على أنه نجس، وأكون على استعداد أن أشارك في جميع الأطعمة، فلماذا أجعل ذوي الضمائر الضعيفة يحكمون فيَّ أنني مخطئ بينما أنا آكل بشكر. والمقصود أن الأكل من هذا اللحم حتى ولو بشكر لا يستحق إحزان قلب الآخر وتشكيك ضميره.

 

آية 31:- "فَإِذَا كُنْتُمْ تَأْكُلُونَ أَوْ تَشْرَبُونَ أَوْ تَفْعَلُونَ شَيْئًا، فَافْعَلُوا كُلَّ شَيْءٍ لِمَجْدِ اللهِ."

لكي تكون مسيحيًا حقيقيًا فليكن هدفك مجد الله في كل ما تعمل

أ‌) إن شربت أو أكلت أو لبست فأشكر الله ومجده على ما أعطاك.

ب‌) عليك أن تراعي مشاعر وضمائر الآخرين وبهذا تمجده.

ج‌) يرى الناس أعمالي الصالحة، وسلوكي بوقار، ظاهرة فيَّ سمات أبي السماوي فيمجدوا أبونا الذي في السموات.

د) أن نعمل على ما يساعد على خلاص الآخرين وبناء الآخرين ولا يكون الدافع للعمل لذاتنا وشهواتنا. بل أن ننظر أننا مكرسين لله.

 

آية 32:- "كُونُوا بِلاَ عَثْرَةٍ لِلْيَهُودِ وَلِلْيُونَانِيِّينَ وَلِكَنِيسَةِ اللهِ."

لا تتصرفوا تصرفات تعثر الآخرين فهذا ليس لمجد الله. والآخرين هم ليسوا المؤمنين فقط بل حتى اليهود والوثنيين، فعلينا أن لا نحتقرهم لتمسكهم بناموسهم إن كانوا يهودًا أو لوثنيتهم إن كانوا وثنيين.

ولكنيسة الله = يقصد هنا ضعاف الإيمان. إذًا نحن مسئولين عن كل واحد.

 

آية 33:- "كَمَا أَنَا أَيْضًا أُرْضِي الْجَمِيعَ فِي كُلِّ شَيْءٍ، غَيْرَ طَالِبٍ مَا يُوَافِقُ نَفْسِي، بَلِ الْكَثِيرِينَ، لِكَيْ يَخْلُصُوا."

الرسول يقدم نفسه مثالًا أي ما أطلبه منكم أطبقه على نفسي.

St-Takla.org                     Divider فاصل - موقع الأنبا تكلاهيمانوت

← تفاسير أصحاحات كورنثوس الأولى: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5 | 6 | 7 | 8 | 9 | 10 | 11 | 12 | 13 | 14 | 15 | 16

الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح


الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع

https://st-takla.org/pub_Bible-Interpretations/Holy-Bible-Tafsir-02-New-Testament/Father-Antonious-Fekry/07-Resalet-Coronthos-1/Tafseer-Resalat-Koronthos-1__01-Chapter-10.html

تقصير الرابط:
tak.la/az26bq8