تشير نصوص قمران بوضوح أنه سُجن ولاقي عذابًا أليمًا علي يد أعدائه حتى الموت، بسبب أنه أساء إلى معلم الصلاح، وتقول عن ذلك الكاهن أنه اشتهر أولًا بالصدق، فلما تولي الحكم في إسرائيل تكبّر وتجبّر وابتعد عن الله وطمع في المال وظلم الشعب، ولعل هذه الإشارات تنطبق بشكل كبير علي يوناثان المكابي! (160-142) وهو الابن الخامس لمتتيا وخليفة يهوذا في قيادة الأمة، فقد خرج يوناثان سالما من المحنة التي حلّت باليهود بعد موقعة "بير زيت" حيث قُتل يهوذا، وتمكّن بغزواته في شرق الأردن والبقاع من جمع المال الوفير. وتقرب منه ديمتريوس الملك وسمح له باقتناء الجيوش وتسليحها، فراح يبني ويجدد المدينة. وفي محاولة الإسكندر بالاس كسب يوناثان إلى صفه ضد ديمتريوس عرض عليه تعيينه رئيسًا للكهنة وأرسل له الأرجوان وتاجًا من الذهب في سنة 152 ق.م. ثم تعيينه قائدًا وشريكًا في سنة 150/ 149ق.م. (1مكا10). وقد ظل يوناثان حتى هذه السنة (150ق.م.) متبنيًا سياسة والده وأخيه في المحافظة علي استقلال إسرائيل، ساعيًا لإقامة الحق وتطبيق الشريعة وجعل اليهودية "دولة ثيؤقراطية" ثم طمع في السياسة فتدخل في سياسة الدولة السلوقية، فقبل رئاسة الكهنوت من الملك الوثني. وعندئذ نظر إليه التُقاة من اليهود باعتباره جاحدًا خارج علي التعاليم السماوية، غير أن يوناثان وجد أيضًا من يؤيده في سياسته المدنية، والتي أفسد بها الهدف المقدس الأساسي من الثورة المكابية، فهبّ الأتقياء المقدسون يقاومون "خدام الدنيا وأباطيلها وأعمال الخداع والخيانة" (1).
وقد تزعّم هذا الاستياء الشديد، جماعة من الكهنة ضايقهم تحوّل رئيس الكهنة إلى كاهن مأجور، وقام أحدهم وهو "معلم الصلاح" يُوجب مقاطعة الخدمة ويؤكد أن تحقيق الهدف الرباني، لا يمكن أن يتم إلَّا بالابتعاد والانفصال عن الجاحدين الأثمة، وعندئذ تمّ الخروج الذي ورد ذكره في "مخطوطة دمشق" واستقر "المعلم" وأتباعه في قمران معتزلين متنسكين.
واغتمّ يوناثان لهذا التصدّع في الصفوف وهذه المقاومة السلبية، فجاء بنفسه إلى قمران لتسوية الأمر ولمّ الشمل، ولعله وعندما لم يُفلح في ذلك هدّد وتوعّد وبهذا أيضًا لم يفلح، وفي سنة 143 ق.م. تمكن القائد "تريفون" من أسر يوناثان في "عكا" حيث حمله معه إلى إنطاكية وهناك قتله.
ومع أن ذلك هو أرجح ترشيح وتفسير لمسألة معلم الصلاح والكاهن الفاسد إلا أن البعض رأي في هذا الكاهن: "هركانوس الثاني"، ولكن هذا الرأي ليس له ما يسنده لا سيما وأن هركانوس هذا كان "مشروم الأذنين" وبالتالي فإنه لا يصلح للكهنوت، وقد قبض عليه "الفرثيون" في سنه 40 ق.م. ثم شنق بعد ذلك في سنة 30 ق.م. بأمر هيرودس الكبير.
ورأي البعض الآخر، أن "معلم الصلاح" يمكن أن يكون "أونيا الثالث" رئيس الكهنة (175- 164 ق.م.) في حين يكون "الكاهن الكاذب" هو رئيس الكهنة "منلاوس" وآخرون رأوا في معلم الصلاح "متتيا" أو "يهوذا المكابي" ابنه، في حين يكون "ألكيمس" هو الكاهن الكاذب والذي طمع في رئاسة الكهنوت، فأمسي "كاافرًا" في نظر التُقاة من إسرائيل (1مكا 7: 5 وما يليه) في حين قد يكون المعلم الصادق في هذه الحالة أيضًا هو أحد أولئك الحسيديين الذين أوقع بهم ألكيمس. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). ورأي فريق خامس "الكاهن الكاذب" في "إسكندر جنايوس" (103 - 76 ق.م.) لأنه طامع مطلق العنان لنزواته، وهو الذي نكّل بالفريسيين وقتل شرفاءهم، وقد مات ميتة شريرة، وفي المقابل يكون "معلم الصلاح" إمّا "أليعازر" أو "يهوذا" الذي بكّت يوحنا هركانوس وغضب عليه جنايوس بعد ذلك.
كتاب نظام الحرب |
مدخل إلى سفريّ المكابيين
قسم
تفاسير العهد القديم |
المعلم الصالح | معلم
الصلاح |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/xn9p5w8