إن نهضة الأدب العبري في أيام المكابيين يشهد أدب قمران، ويظهر ذلك جليا في فن المدراشيم الشعبي (التفاسير) وفي عرض التاريخ يلاحظ جيدا الاهتمام بتماسك الأمة اليهودية والحفاظ عليها، حتى الأفكار الرؤيوية والمسيانية وجدت في القوالب الأدبية التي ظهرت في ذلك الوقت.
يلاحظ أن الأسلوب الأدبي للسفر يثير الإعجاب، إذ كتب بطريق مباشرة وبسيطة، ودون افتعال، لقد قدم الكاتب الأحداث بتفاصيلها بشكل شيق جذاب وبأسلوب ينبض بالحياة، مع التزامه بالخضوع للوحي، بل أنه وحتى ما يظن أنه تعليقات شخصية منه، مثل استخدام الطريقة الشعرية فإن ذلك يعود إلى شخصية الكاتب في الصياغة، إذ يترك الله لكاتب السفر صياغته بما يتناسب مع ثقافته وطبيعة المكان (كما سبق أن أشرنا في التفاسير السابقة).
فهناك عدة قطع شعرية تزين نسيج السفر، منها مراثي بسبب نهب أنطيوخس لأورشليم (1: 24ب-48) وتدنيس الهيكل (1:36-40) ودمار صهيون (2:7-12،3:45،50ب-53) وموت يهوذا (9: 21) وصلاة ضد نيكانور (7: 37،38) ومديح لسمعان (14: 4-15) وكذلك اقتباس من مزمور (79: 2،3) وذلك في رثاء الحسيديين الذين قتلوا (7: 17) ويبين هذا الاقتباس أن الكاتب كانت لديه القدرة على الاقتباس وصياغة ما يقتبسه بما يتناسب مع العمل الذي يقوم به، وربما تكون بعض هذه القصائد قد صاغها، ويرى البعض أن أغلبها يمكن أن يكون مأخوذ من مجموعة مزامير مكابية (ما زال النقاش يدور حول المزامير التي كتبت في العصر المكابي وعددها وظروف كتابتها)، ومثل ترانيم الأسينيين القدماء والتي من المحتمل أنها كانت معاصرة لكاتب سفر المكابيين الأول، إذ أن هذا الشعر مشبع بعبارات مستعارة من العهد القديم (راجع التعليق على لفظ (يهوه) في (القيمة العقائدية للسفر)).
ومع أن الكاتب قد كتبه بأسلوبه إلا أن ذلك الأسلوب يتفق مع أسلوب أسفار العهد القديم، كما يلاحظ عدم وجود أية مبالغات بالنسبة للأعداد، وأما بخصوص الحوارات التي يضعها على أفواه شخصيات السفر، فهي تظهر أنه معاصر للأحداث، وليس روائيا يقدم السيناريو من عِندياته.
ونجده رزينا من جهة العقيدة غير ميال إلى المغالاة أو التعصب، ويلاحظ أن السفر لم يشر إلى التدخل المباشر لله في الأحداث، كما لم يذكر اسم الله طوال السفر، وقد حرص ألا يضفى معتقده الخاص على النص، غير أنه له إيمان بأن تدبير الله يشمل جميع الأحداث (راجع2: 16، 3: 18، 4: 10، 9:46،12: 15) كما يظهر الكاتب على نحو ما مضمون المثل الشائع (الله في عون الإنسان ما دام الإنسان في عون أخيه) وهكذا يتضح اتجاهه الديني المتزن والذي لا يظهر فيه القدرية أو التشكك.
والكاتب متأثر بالاتجاهات الدينية لليهود في ذلك الوقت، من جهة عدم الميل إلى ذكر اسم الله صراحة وذلك الوقت، من جهة عدم الميل إلى ذكر اسم الله صراحة وذلك نظرا لعظم جلاله، وقد استعاض عن ذلك ببعض العبارات التي تشير إليه (3)، وبالتالي أحجم عن نسب ما يقوم به الناس إلى الله مباشرة-كما سبق-نظرا لعظمة الله التي يعجز الناس عن إدارتها، وربما كان من نتائج ذلك مزيد من التأكيد على حرية الإنسان وتوسيع نطاقها. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في صفحات قاموس وتفاسير الكتاب المقدس الأخرى). وفي النهاية فإن هذه السمات الأدبية تشرح أيضًا السمات الدينية للسفر أو تشير إليها بوضوح.
ويضاف إلى ما سبق أن سفر المكابيين الأول غنى بالمعلومات التاريخية الدقيقة والمفصلة، ليس الرسائل بأسلوبها الرائع فحسب، وإنما أيضًا الطريقة التي يقطع بها سرد الأحداث لإبقاء قصتين مختلفتين تسيران جنبا إلى جنب في ذات الوقت- وهو أسلوب أدبي معروف- مثلما حدث في الإصحاح الثامن والذي قطع السرد ما بين إصحاحيّ (7، 9) وكذلك قصة أبيفانوس التي قطعت في (3: 37) لتستأنف في (6: 1).
السمات الأدبية لسفر
المكابيون الثاني |
مدخل إلى سفريّ المكابيين
قسم
تفاسير العهد القديم |
القديسون الذين شهدوا
بقانونية السفرين |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/s3xj2xw