محتويات: |
(إظهار/إخفاء) |
* تأملات في كتاب
المراثي: الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح |
← اذهب مباشرةً لتفسير الآية: 1 - 2 - 3 - 4 - 5 - 6 - 7 - 8 - 9 - 10 - 11 - 12 - 13 - 14 - 15 - 16 - 17 - 18 - 19 - 20 - 21 - 22
آية 1:- "كَيْفَ جَلَسَتْ وَحْدَهَا الْمَدِينَةُ الْكَثِيرَةُ الشَّعْبِ! كَيْفَ صَارَتْ كَأَرْمَلَةٍ الْعَظِيمَةُ فِي الأُمَمِ. السَّيِّدَةُ في الْبُلْدَانِ صَارَتْ تَحْتَ الْجِزْيَةِ!"
قارن مع (إش21:1) "كيف صارت القرية الأمينة زانية" ولأنها صارت زانية فهي قد صارت وحدها. فالله فارقها فلا شركة للنور مع الظلمة. ولذلك صارت كأرملة (تيطس خلَّدَ ذكرى انتصاره على أورشليم بسك عملة عليها صورة امرأة جالسة تحت نخلة ومكتوب عليها "أسر اليهودية ") بعد أن كانت عظيمة في الأمم. فعظمتها كانت راجعة لوجود الله فيها "أكون مجدا في وسطها" (زك5:2). والمدينة جلست وحدها فشعبها إما في السبي أو هلك موتًا. وحتى ملكها ذهب للسبي. ولاحظ أنها في حالة إزدهارها لم تكن تتصوَر حدوث كل هذا. هكذا كل خاطئ لا يتصوَر أن كل ما حوله سيتحول إلى خراب بل أن هذا العالم سينتهي، قارن مع (إش8:47)، (رؤ7:18) ولاشك أنها وهي ملآنة من الشَّعْبِ (الْكَثِيرَةُ الشَّعْبِ) كانت في فرح، ولكن الخطية تحول الفرح إلى حزن. تحت الجزية = مستعبدة.
آية 2:- "تَبْكِي في اللَّيْلِ بُكَاءً، وَدُمُوعُهَا علَى خَدَّيْهَا. لَيْسَ لَهَا مُعَزّ مِنْ كُلِّ مُحِبِّيهَا. كُلُّ أَصْحَابِهَا غَدَرُوا بِهَا، صَارُوا لهَا أَعْدَاءً."
من كل محبيها = محبيها هم الأمم الذين كانت أورشليم تنتظر منهم الحماية والذين طالما إتكلت عليهم. فملعون مَن يتكل على ذراع بشر (إر 17: 5). وهكذا كل من أفراحه وعزاءهُ من العالم سيَغْدر بهِ العالم (كُلُّ أَصْحَابِهَا غَدَرُوا بِهَا) ولن يكون هناك سوى البكاء في الليل (تَبْكِي في اللَّيْلِ) فلن يكون هناك نهار. ولنعلم أن الوحيد القادر أن يعزى الإنسان هو الله، والروح القدس هو الروح الْمُعَزِّي وهكذا قال عنه الرب يسوع (يو15: 26).
آية 3:- "قَد سُبِيَتْ يَهُوذَا مِنَ الْمَذَلَّةِ وَمِنْ كَثْرَةِ الْعُبُودِيَّةِ. هِيَ تَسْكُنُ بَيْنَ الأُمَمِ. لاَ تَجِدُ رَاحَةً. قَدْ أَدْرَكَهَا كُلُّ طَارِدِيهَا بَيْنَ الضِّيقَاتِ."
كل مَن رفض أن يسوده الله سيصير لهُ سادة آخرين غير الله، مثل الشياطين أو الشهوات وهذه تُذل الإنسان وتستعبده (الْمَذَلَّةِ وَ.. الْعُبُودِيَّةِ). أما مَن يدع الله يسود عليه، يحرره الله. ولنلاحظ أن الخطية تجلب العبودية. قد سبيت يهوذا من المذلة ومن كثرة العبودية = قبل أن يذهبوا للسبي هم إنغمسوا في الخطية لدرجة الذل والعبودية، وسمح لهم الله أن يذهبوا لسبي بابل ليعرفوا معنى السبي والذل، فهم في خطاياهم ما كانوا فاهمين أنهم مستعبدين لها. وهذا ما يحدث لأي خاطئ فهو يبدأ بتذوق الخطية، وخطوة خطوة يستعبد لها ثم يأتي السبي إلى بابل. وذل بابل يعني النتائج المترتبة على الخطية من الضيقات والآلام التي سيعيش فيها هذا الخاطئ. وَهِيَ تَسْكُنُ بَيْنَ الأُمَمِ الآن = فهي أي شعبها في السبي ، والبابليين يذلونهم كعبيد وقد تمررت حياتهم بعد أن كانوا سادة أحرار في أورشليم. وأورشليم نفسها محكومة ومستعبدة للأمم. وقارن هذه مع "واحدة سألت من الرب وإياها ألتمس أن أسكن في بيت الرب كل أيام حياتي لكي أنظر إلى جمال الرب" (مزمور4:27). فالذي حرره الرب من عبودية الخطية يستطيع أن يرى جمال الرب ويفرح. أما من إستعبد نفسه للخطية يُذل هذا الإنسان ساكنًا بين الأمم مشابهًا لهم في أهوائهم. لاَ تَجِدُ رَاحَةً = لا يجد راحة، فَمَن عاش وسط الخطاة وهم بطبيعتهم أشرار فلن يجد راحة، فكيف يجد راحة وسط أناس مملوئين كراهية وحقد وانتقام ومؤامرات. وبعد أن تعوَدت أورشليم أن تطرد وتهزم أعدائها ها هي قد أدركها كل طارديها بين الضيقات = أصبحت مهزومة مطاردة ممن أحبتهم ، وفي ضيقات كثيرة. وهذا يحدث كثيرا، فمن عاش في خطايا متصورا أنه يستمتع بها، إن حاول أن يترك هذه الخطايا تطارده وتذله ولا تتركه يتذوق طعم الراحة في حياته.
آية 4:- "طُرُقُ صِهْيَوْنَ نَائِحَةٌ لِعَدَمِ الآتِينَ إِلَى الْعِيدِ. كُلُّ أَبْوَابِهَا خَرِبَةٌ. كَهَنَتُهَا يَتَنَهَّدُونَ. عَذَارَاهَا مُذَلَّلَةٌ وَهِيَ فِي مَرَارَةٍ."
طرق صهيون نائحة
= الطرق التي إعتادت على الشعب في الذهاب والإياب للهيكل في أفراحهم وأعيادهم الدينية، أصبحت الآن بلا شعب وبلا أعياد [ها بيتكم يترك لكم خرابًا] (مت 23: 38؛ لو 13: 35). وهذا ما نراه في بلاد كثيرة إذ تباع الكنائس إذ ليس شعب.
آية 5:- "صَارَ مُضَايِقُوهَا رَأْسًا. نَجَحَ أَعْدَاؤُهَا لأَنَّ الرَّبَّ قَدْ أَذَلَّهَا لأَجْلِ كَثْرَةِ ذُنُوبِهَا. ذَهَبَ أَوْلاَدُهَا إِلَى السَّبْيِ قُدَّامَ الْعَدُوِّ."
صار مضايقوها راسًا
= أي على رأسها كسادة عليها يذلونها (تث 28: 13، 44) وذلك بسبب خطيتها. وهي التي إختارت هذا الطريق وتركت الله.
آية 6:- "وَقَدْ خَرَجَ مِنْ بِنْتِ صِهْيَوْنَ كُلُّ بَهَائِهَا. صَارَتْ رُؤَسَاؤُهَا كَأَيَائِلَ لاَ تَجِدُ مَرْعًى، فَيَسِيرُونَ بِلاَ قُوَّةٍ أَمَامَ الطَّارِدِ."
هنا العدو كصياد وأورشليم هاربة من أمامه. فهؤلاء الذين أعطاهم الله كرامة بوجوده في وسطهم فكان لهم بهاء صاروا محتقرين في ازدراء، فالله لم يعد في وسطهم فلم يعد لهم بهاء. وكان وجود الله في وسطهم فيه حماية لهم، وكان وجوده يعطيهم مهابة في أعين من حولهم فيخشون الاقتراب والتعدي عليهم. أما وقد فارقهم الله، ها هم صاروا مطاردين (خر1: 12) هنا نرى المصريون يخشون شعب الله.
آية 7:- "قَدْ ذَكَرَتْ أُورُشَلِيمُ فِي أَيَّامِ مَذَلَّتِهَا وَتَطَوُّحِهَا كُلَّ مُشْتَهَيَاتِهَا الَّتِي كَانَتْ فِي أَيَّامِ الْقِدَمِ. عِنْدَ سُقُوطِ شَعْبِهَا بِيَدِ الْعَدُوِّ وَلَيْسَ مَنْ يُسَاعِدُهَا. رَأَتْهَا الأَعْدَاءُ. ضَحِكُوا عَلَى هَلاَكِهَا."
هذه الآية تشبه تمامًا قصة الابن الضال. فهم عاشوا في وفرة وتنعم والآن يهلكون جوعًا. وهي في حزنها تذكر كل ما كان لها سابقًا. والله قادر أن يجعلنا نعرف قيمة الشيء بأن نحتاج لهُ.
آية 8:- "قَدْ أَخْطَأَتْ أُورُشَلِيمُ خَطِيَّةً، مِنْ أَجْلِ ذلِكَ صَارَتْ رَجِسَةً. كُلُّ مُكَرِّمِيهَا يَحْتَقِرُونَهَا لأَنَّهُمْ رَأَوْا عَوْرَتَهَا، وَهِيَ أَيْضًا تَتَنَهَّدُ وَتَرْجعُ إِلَى الْوَرَاءِ."
هي صارت رجسة بالدم المسفوك (مرا4: 13- 15) وبوثنيتها (إر23:2) وظلمهم للفقراء هم جعلوا أنفسهم تافهين لذلك إحتقرهم العدو (يَحْتَقِرُونَهَا) بعد أن كانوا يكرمونهم (مُكَرِّمِيهَا). لأنهم رأوا عورتها، عمومًا الخطية تفضح وتُعَرِّي كما حدث مع آدم. وبالنسبة للمدن فهذا التعبير يشير أن العدو تجسس نقاط الضعف في المدينة ، بل هنا دخل العدو لكل مكان حتى الهيكل ولقصورها وخربها ونهبها (تك11،9:42) هنا النبي يعترف بخطية المدينة وبأن العدو عرف نجاساتها التي هي سبب ضعفها. وترجع إلى الوراء = تنهزم أمام أعدائها.
آية 9:- "نَجَاسَتُهَا فِي أَذْيَالِهَا. لَمْ تَذْكُرْ آخِرَتَهَا وَقَدِ انْحَطَّتِ انْحِطَاطًا عَجِيبًا. لَيْسَ لَهَا مُعَزّ. «انْظُرْ يَا رَبُّ إِلَى مَذَلَّتِي لأَنَّ الْعَدُوَّ قَدْ تَعَظَّمَ»."
نجاساتها في أذيالها:- أي ملتصقة بها من الأرض فهي لم تَعُدْ سماوية بل أرضية تدنس نفسها. وَلَمْ تَذْكُرْ آخِرَتَهَا = هكذا كل من يخطئ يذكر لذة لحظة الخطية ولكن يجعله الشيطان ينسى آخرة الخطية وهي عبودية وذل وحزن على الأرض وهلاك أبدي بعد الموت. وقد انحطت = بسبب العبودية. وَلَيْسَ لَهَا مُعَزّ = فمنهم من لا يقدر ومنهم من لا يريد فهو شامت فيها. ولكن إذا كان الله لا يُعزّي فمن يفعل. ثم دعوى لمراحم الله حتى ينظر لمذلتها (انْظُرْ يَا رَبُّ إِلَى مَذَلَّتِي).
آية 10:- "بَسَطَ الْعَدُوُّ يَدَهُ عَلَى كُلِّ مُشْتَهَيَاتِهَا، فَإِنَّهَا رَأَتِ الأُمَمَ دَخَلُوا مَقْدِسَهَا، الَّذِينَ أَمَرْتَ أَنْ لاَ يَدْخُلُوا فِي جَمَاعَتِكَ."
أعطى الله للإنسان طاقات ومواهب وقوة ولكن بالخطية وعدم التوبة يُستعبد الإنسان للشيطان فيبسط يده على كل عطايا الله التي هي مشتهيات النفس ، ويستخدم الشيطان هذه المواهب في الشر. بل يدخل الشيطان لهذه النفس التي كانت مقدسًا... قارن مع حادثة شاول الملك "وذهب روح الرب من عند شاول وبغتهُ روح رديء من قبل الرب" (1صم14:16). وبالنسبة لأورشليم فالله كان قد منع أن الأمم يدخلون للمقادس أي داخل بيت الله. (انظر المزيد عن هذا الموضوع هنا في موقع الأنبا تكلا في أقسام المقالات والتفاسير الأخرى). ولكن الآن هم دخلوا بل خربوا البيت وهدموه. والإنسان هو هيكل الروح القدس ولكن المستعبد للخطية تتحكم فيه الشياطين وهذا ثمن الخطية فالله وحده يعطي بسخاء ولا يُعيِّر. ولأن المسيح لم يقبل أي خطية من يد إبليس قال ][رئيس هذا العالم آتٍ وليس لهُ فيَّ شيء] (يو 14: 30).
آية 11:- "كُلُّ شَعْبِهَا يَتَنَهَّدُونَ، يَطْلُبُونَ خُبْزًا. دَفَعُوا مُشْتَهَيَاتِهِمْ لِلأَكْلِ لأَجْلِ رَدِّ النَّفْسِ. «انْظُرْ يَا رَبُّ وَتَطَلَّعْ لأَنِّي قَدْ صِرْتُ مُحْتَقَرَةً»."
مشتهياتهم
= الكلمة المستخدمة تعني الأطفال الأعزاء. فهم دفعوا أطفالهم ليحصلوا على الخبز. لأجل ردَ النفس = أي لتحيا النفس ولا تموت. ولكن "ليس بالخبز وحده يحيا الإنسان" مرة ثانية هذه قصة الابن الضال. أما [الجياع والعطاش للبر فطوباهم لأَنَّهُمْ يُشْبَعُونَ] (مت 5: 6). والمسيح وحده هو القادر أن يُشبع النفس ويحييها.
آية 12:- "«أَمَا إِلَيْكُمْ يَا جَمِيعَ عَابِرِي الطَّرِيقِ؟ تَطَلَّعُوا وَانْظُرُوا إِنْ كَانَ حُزْنٌ مِثْلُ حُزْنِي الَّذِي صُنِعَ بِي، الَّذِي أَذَلَّنِي بِهِ الرَّبُّ يَوْمَ حُمُوِّ غَضَبِهِ؟"
أما إليكم يا جميع عابري الطريق
= المعنى هل هو كلا شيء عندكم يا جميع من يشاهدون منظري هذا. تقولها أورشليم لأصدقائها ليواسوها. ولكن خطايا يهوذا هي التي جلبت عليها هذا الحزن الذي أذلها به الرب يوم حمو غضبه (حُزْنِي الَّذِي صُنِعَ بِي، الَّذِي أَذَلَّنِي بِهِ الرَّبُّ يَوْمَ حُمُوِّ غَضَبِهِ). إذًا فيد الله هي السبب في كل هذا وهو عادل فيما يصنع. وأنه لشيء مخيف أن يكون سبب الألم هو غضب الله. وهو في غضبه يسكب نارًا = حمو غضبه . وكان هذا جزاؤهم العادل على تركهم الرب. ولكن المسيح أحنى رأسه تحت غضب الله هذا وهو البار [الذي لم يعرف خطية صار خطية لأجلنا، لنصير نحن بر الله فيه] (2 كو 5: 21). فهو رجل الأوجاع. والعجيب أن يقال أن الله "سر بأن يسحقه بالحزن" (إش53: 10) = الله لم يكن مسرورا بما حدث للمسيح بل بأن ما حدث سيعيد البشر إلى حضنه . وأتصور أن المسيح يردد هذه الكلمات على الصليب. يا كل من تشاهدونني مصلوبًا أحتمل هذه النار لأجلكم أما تهتمون وتقدمون توبة فهذا يُسَكِّن آلامي. ولكن من إنغمس في خطايا العالم لا يكاد يشعر بآلام المسيح ولا يشعر أنها لأجله بل هي لا تهمه في شيء وقد قال أحد الملحدين ساخرًا من آلام المسيح، لو أن هناك من يوجعه ألم في أسنانه أثناء مرور موكب الصلب لما شعر بآلام هذا المصلوب. والمعنى أنه إن كان المسيح قد تألم فهذا لا يعنيني، تكفيني آلامي أنا الشخصية. ولكن هذا منطق الجاهل الذي لا يعلم أن هذه الآلام هي لأجل هذا المُلْحِد ولأجلي ولأجل كل البشرية. ولنا في تعليق شاعر الهند العظيم طاغور وهو وثني ردًا على ذلك، ولكنه رد يدين كل مسيحي مستهتر فقد قال "أنا لا أعلم كيف ينام المسيحيين وهم يعلمون أن لهم إلهًا جاز كل هذه الآلام لأجلهم". لقد شرب المسيح كأس غضب الله الرهيبة ليقدم لي كأس الخلاص.
آية 13:- "مِنَ الْعَلاَءِ أَرْسَلَ نَارًا إِلَى عِظَامِي فَسَرَتْ فِيهَا. بَسَطَ شَبَكَةً لِرِجْلَيَّ. رَدَّنِي إِلَى الْوَرَاءِ. جَعَلَنِي خَرِبَةً. الْيَوْمَ كُلَّهُ مَغْمُومَةً."
نارًا إلى عظامي = فالله في حمو غضبه يُرسِل نارًا. ومعنى نار في العظام شيء يشبه الحمى الرهيبة، حمى غير طبيعية كما لو كانت تحرق. وفي تصوير آخر أن الله أرسل عليها شبكة كلما حاولت الخروج منها تزداد اشتباكًا فيها. فالعدو ما كان ينجح ضدهم إن لم يبسط الرب شبكته عليهم. وهذه النار التي نزلت على المسيح كانت لتنجينا نحن من نار الأبدية (مز22: 14 – 17).
آية 14:- "شَدَّ نِيرَ ذُنُوبِي بِيَدِهِ، ضُفِرَتْ، صَعِدَتْ عَلَى عُنُقِي. نَزَعَ قُوَّتِي. دَفَعَنِي السَّيِّدُ إِلَى أَيْدٍ لاَ أَسْتَطِيعُ الْقِيَامَ مِنْهَا."
هذه الآية عن البشر الخطاة وهذا النير من صنع خطايانا فنحن لا نسقط تحت أي نير إن لم يَكُن من صنع خطايانا (أم22:5) وهذا نير ثقيل، أما نير المسيح فخفيف (مت30:11) والنير هو الذي يضعه على الشيطان حين أقبل الخطية من يده. أما لو رفضت وقدمت توبة يرحمني الله من نير الخطية وأرتبط معهُ هو بنيره فأتحرر من عبودية إبليس. ولكن المعنى هنا من أن الله هو الذي فعل ذلك، يعني أن الله ترك الخاطئ بلا حماية لتذله خطاياه ويذله الشيطان، فيتوب (1كو5: 4، 5).
آية 15:- "رَذَلَ السَّيِّدُ كُلَّ مُقْتَدِرِيَّ فِي وَسَطِي. دَعَا عَلَيَّ جَمَاعَةً لِحَطْمِ شُبَّانِي. دَاسَ السَّيِّدُ الْعَذْرَاءَ بِنْتَ يَهُوذَا مِعْصَرَةً."
داسها أعدائها المتكبرين كما يدوسون معصرة عنب ولم يعطها الله قوة لتقوم فهو الذي أراد هذا. ولننظر كيف أن الخطية تضعف القوة = شباني ومقتدري رذلوا وتحطموا (دَعَا عَلَيَّ جَمَاعَةً لِحَطْمِ شُبَّانِي).
الْعَذْرَاءَ بِنْتَ يَهُوذَا = هي أورشليم التي داسها البابليون أو النفس التي كانت يوما عذراء مخطوبة للمسيح وزنت بعيدا عنه وذهبت وراء شهواتها.
آية 16:- "عَلَى هذِهِ أَنَا بَاكِيَةٌ. عَيْنِي، عَيْنِي تَسْكُبُ مِيَاهًا لأَنَّهُ قَدِ ابْتَعَدَ عَنِّي الْمُعَزِّي، رَادُّ نَفْسِي. صَارَ بَنِيَّ هَالِكِينَ لأَنَّهُ قَدْ تَجَبَّرَ الْعَدُوُّ»."
ما الذي جعل العدو يتجبر عليها إلا أن الله ابتعد عنها = إبتعد عني الْمُعَزِّي. وهو الْمُعَزِّي الوحيد الذي يرد النفس ويعزيها. وحتى كهنتها وشيوخها لا يستطيعون. فهم بلا تعزية أيضًا.
رادُّ نفسي= من يرد نفسي من الحزن واليأس إلى التعزية.
آية 17:- "بَسَطَتْ صِهْيَوْنُ يَدَيْهَا. لاَ مُعَزِّيَ لَهَا. أَمَرَ الرَّبُّ عَلَى يَعْقُوبَ أَنْ يَكُونَ مُضَايِقُوهُ حَوَالَيْهِ. صَارَتْ أُورُشَلِيمُ نَجِسَةً بَيْنَهُمْ."
لطالما خلَص الله يعقوب من مضايقيه، أما الآن فكل هذا بسبب عصيان يعقوب. وهنا صهيون تمد يدها لجيرانها، في يأس تطلب عونًا ولكن إذا ابتعد الله فمن يعزي. بل إن من حواليها اعتبروها كامرأة نجسة يخجلون من الاقتراب منها. فقد فضح الله خطيتها.
آية 18:- "«بَارٌّ هُوَ الرَّبُّ لأَنِّي قَدْ عَصَيْتُ أَمْرَهُ. اسْمَعُوا يَا جَمِيعَ الشُّعُوبِ وَانْظُرُوا إِلَى حُزْنِي. عَذَارَايَ وَشُبَّانِي ذَهَبُوا إِلَى السَّبْيِ."
شبانها الذين كانوا أملها الوحيد أن ينقذوهاـ ذهبوا للسبي. ولكن ها هي تعترف بأن الله بار في أحكامه ضدها. وتعترف بعصيانها، وأن عصيانها هو سبب الامها.
آية 19:- "نَادَيْتُ مُحِبِّيَّ. هُمْ خَدَعُونِي. كَهَنَتِي وَشُيُوخِي فِي الْمَدِينَةِ مَاتُوا، إِذْ طَلَبُوا لِذَوَاتِهِمْ طَعَامًا لِيَرُدُّوا أَنْفُسَهُمْ."
مُحِبِّيَّ = هم مصر وأشور. ولكن ويل لمن وضع ثقته في إنسان. فهو كمن يضع ثقته في سراب. أما من يضع ثقته في الله ، فالله لن يخونه ولن يغشه. وكهنتها وشيوخها ماتوا (كَهَنَتِي وَشُيُوخِي فِي الْمَدِينَةِ مَاتُوا) فهم أيضًا قد انفصلوا عن الله فصاروا بلا تعزية = إذ طلبوا لذواتهم طعامًا ليردوا أنفسهم المعنى أنهم هم أنفسهم يبحثون عن طريق التعزية ولكن للأسف أين يبحثون... في المدينة = هم كانوا يبحثون عن تعزيات ولذات جسدية لذلك فقدوا التعزية الحقيقية وفاقد الشيء لا يعطيه ، لذلك ماتوا إذ لا طعام ليشبعوا، فلا شبع إلا في المسيح.
آية 20:- "انْظُرْ يَا رَبُّ، فَإِنِّي فِي ضِيق! أَحْشَائِي غَلَتْ. ارْتَدَّ قَلْبِي فِي بَاطِنِي لأَنِّي قَدْ عَصَيْتُ مُتَمَرِّدَةً. فِي الْخَارِجِ يَثْكُلُ السَّيْفُ، وَفِي الْبَيْتِ مِثْلُ الْمَوْتِ."
أحشائي غَلَت
= أي مشاعري وأحاسيسي إضطربت. هذا اعتراف بأن ضيقها سببه التمرد. إرتد قلبي = خفق القلب من الاضطراب وفارقته شجاعته. وقارن مع أن الروح القدس هو روح القوة.. (2تي 1: 7).
آية 21:- "سَمِعُوا أَنِّي تَنَهَّدْتُ. لاَ مُعَزِّيَ لِي. كُلُّ أَعْدَائِي سَمِعُوا بِبَلِيَّتِي. فَرِحُوا لأَنَّكَ فَعَلْتَ. تَأْتِي بِالْيَوْمِ الَّذِي نَادَيْتَ بِهِ فَيَصِيرُونَ مِثْلِي."
العمونيين والموآبيين أعداءها سمعوا ببليتها = سمعوا إني تنهدت .. سمعوا ببليتي وفرحوا وشمتوا. وهذا موقف الشيطان من الإنسان. وسيأتي الْيَوْمِ الَّذِي.. يَصِيرُونَ مِثْلِي = كما عاقب الله أورشليم سيأتي اليوم الذي يعاقب الله فيه أعداءها الذين أذلوها، وهكذا سيعاقب الله الشيطان. لكن الله يبدأ بمعاقبة أولاده أولًا، فهم أخذوا أكثر. وأعداء الكنيسة يذهبون للنار الأبدية أما أولاد الله التائبين فهو يفديهم.
آية 22:- "لِيَأْتِ كُلُّ شَرِّهِمْ أَمَامَكَ. وَافْعَلْ بِهِمْ كَمَا فَعَلْتَ بِي مِنْ أَجْلِ كُلِّ ذُنُوبِي، لأَنَّ تَنَهُّدَاتِي كَثِيرَةٌ وَقَلْبِي مَغْشِيٌّ عَلَيْهِ»."
مِنْ أَجْلِ كُلِّ ذُنُوبِي
= اعتراف بذنوب أورشليم وأن الله عاقبها بعدل. وَافْعَلْ بِهِمْ كَمَا فَعَلْتَ بِي = وطلب عقاب أعدائها وهذه نبوة بما سيحدث لهم. فهم أذلوها كثيرًا = لأَنَّ تَنَهُّدَاتِي كَثِيرَةٌ.
← تفاسير أصحاحات مراثي: مقدمة | 1 | 2 | 3 | 4 | 5
الكتاب المقدس المسموع: استمع لهذا الأصحاح
تفسير مراثي إرميا 2 |
قسم
تفاسير العهد القديم القمص أنطونيوس فكري |
مقدمة سفر مراثي إرميا |
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
تقصير الرابط:
tak.la/hc6vxkv