إيماننا بخلود النفس البشرية والقيامة العامة والدينونة العتيدة، كذلك عملاً بوصايا الإنجيل "صلوا بعضكم لأجل بعض" (يع 5: 16)، وقول يشوع بن سيراخ "لا تمنع معروفك عن الميت" (سي 7: 33)، كل ذلك يجعلنا مطالبين من قِبَل أحبائنا المنتقلين بالصلاة من أجلهم.
فإننا نصلي على المنتقلين لأننا نثق أن الرحمة تتغلب على العدل، فعلى حسب قول معلمنا يعقوب الرسول "لأن الحكم هو بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة والرحمة تفتخر على الحكم" (يع 2: 13). بالنسبة إلى أبناء الله الذين يعيشون بالوصية ويتصفون بالرحمة فحسب قول السيد المسيح "طوبى للرحماء لأنهم يُرحمون" (مت 5: 7)، فكما أنه في التجسد غَلُبت الرحمة، وعامل الله الإنسان: برحمتهِ العادلة، فبذل ابَنهُ الوحيد وسحقه بالحزن وأكمل فيه مطالب العدل الإلهي عنَّا، هكذا نؤمن أننا نصلى استمطارًا لمراحم الله ليعامل أبناءَهُ بمقتضى رحمته في الدينونة.
كذلك نصلى على المنتقلين لكي نقول لله أن هذا الإنسان مُحالل من جهة الكنيسة بسلطان الحِل والربط الذي منحته للكاهن "الحق أقول لكم كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطا في السماء وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولًا في السماء" (مت 18: 18)، ونتركه لرحمتك ومعرفتك التي تفوق معرفتنا.
وأيضاً تصلي الكنيسة من أجل الراقدين تعزية للأحياء، فهي فرصة لتعزية أهل المنتقل ومعارفه، فالسيد المسيح في معجزة إقامة بن أرملة نايين قال للمرأة "لا تبكي" (لو 7: 13)، كذلك معلمنا: بولس الرسول لم يطلب الرحمة لأنيسيفورس فقط، بل طلب الرحمة والتعزية لبيته "ليعط الرب رحمة لبيت أنيسيفورس" (2 تي 1: 16)، كذلك في الصلاة على المنتقلين فرصة لوعظ الأحياء وحثهم على التوبة والاستعداد: "الذهاب إلى بيت النوح خير من الذهاب إلى بيت الوليمة لأن ذاك نهاية كل إنسان والحي يضعه في قلبه" (جا 7: 2)، ونعرف قيمة هذا العالم الزائل، ونتعلم احتقار أباطيل العالم وزوال كل مجده، ففي هذا الوقت تكون النفس في حالة تأثر أكثر.
الصلاة على المنتقلين وصية كتابية، وإن لم تكن قد جاءت بصورة مباشرة إلا أنها جاءت بصورة عملية، فقد كان شعب الله في العهد القديم يعملون مناحة عظيمة على المنتقلين، ولا بُد أن تكون هذه المناحات مصحوبة بصلاة من أجل الراقدين (تك 20: 10؛ تث 34: 8؛ 1 صم 28: 3). كذلك صام أهل يابيش جلعاد سبعة أيام على شاول وبنيه (1 صم 31: 12، 13)، صام داود ورجاله عندما مات أبنير رئيس إسرائيل (2 صم 3: 35، 36). ويهوذا المكابي قَّدم صدقات لأجل الموتى (2 مك 12: 43-46). ومعلمنا بولس الرسول صلى طالباً لأجل أنيسيفورس أن يجد رحمة لدى الله في يوم الرب العظيم (2 تي 1: 16-18).
نطلب من الله رحمة ونياحًا لأرواح المنتقلين، وأن يعيننا على خلاص نفوسنا ويثبتنا على الأمانة الأرثوذكسية إلى النَّفَس الأخير بصلوات أمنا العذراء وجميع القديسين وصلوات قداسة البابا المعظم الأنبا شنودة الثالث وشريكه في الخدمة الرسولية أبينا الأسقف المكرم الأنبا ساويرس.
دير المحرق
الكتاب المقدس: بحث، تفاسير | القراءات اليومية | الأجبية | أسئلة | طقس | عقيدة | تاريخ | كتب | شخصيات | كنائس | أديرة | كلمات ترانيم | ميديا | صور | مواقع
https://st-takla.org/lyrics/ar/rituals/funeral-priests/01.html
تقصير الرابط:
tak.la/29kj2hc